ما زالت الدول الغربية تحت صدمة الطريقة، التي تمكنت من خلالها روسيا من ضم شبه جزيرة القرم، في مارس/آذار 2014. وفي هذا الإطار أشار تقرير لمجلة “فورين بوليسي” إلى أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، يسخّر استراتيجية جديدة لتحقيق أطماعه التوسعية، يوظف فيها الدراجات النارية، والمليشيات، والقنوات التلفزيونية الخاضعة للدولة.
وعاد تقرير “فورين بوليسي” للحديث عما جرى بالقرم، موضحا أنه في أواخر فبراير/شباط 2014، دعت منظمة غير حكومية، تحمل اسم “الطائفة الروسية بالقرم”، والتي تمول من قبل موسكو، الرئيس بوتين وعدداً من كبار المسؤولين الروس إلى التصدي إلى ما أسمته محاولات لاستئصال الشعب الروسي.
وأضاف التقرير أنه “مباشرة بعد ذلك نشرت أجهزة الإعلام الروسي بشكل واسع تقارير عن تطهير عرقي وشيك، في شبه الجزيرة الأوكرانية، ليسيطر عناصر بالزي العسكري على المطارات. وفي فاتح مارس/آذار 2014، سمح البرلمان الروسي بإرسال وحدات برية إلى القرم، ليتم ضم شبه الجزيرة في الـ18 من نفس الشهر”.
تقرير “فورين بوليسي” أوضح أنه من خلال هذه الطريقة ضمت موسكو القرم من دون إطلاق أية رصاصة، وبأن مركز التفكير “تشاتام هاوس” يرى أن طريقة ضم موسكو لشبه الجزيرة، التي كانت خاضعة لأوكرانيا، يمثل نموذجا قد يدرس في الكتب حول الاستراتيجية المتجددة لموسكو، التي تدمج بين القوة العسكرية والدعاية الشعبية لجماعات تبدو ظاهريا أنها مستقلة، لكنها تخضع لتوجيهات الكرملين.
وبحسب “فورين بوليسي” سعى “تشاتام هاوس” لرسم ملامح السياسة الجديدة لموسكو من خلال تقرير جديد.
وأضاف التقرير: “هدفهم هو نشر القوة الناعمة لروسيا بالخارج والسعي لاستمالة قلوب وعقول المواطنين في بلدان الجوار، لقبول فكرة تفوق وسيادة روسيا”.
معدة التقرير، أوريسيا ليتسيفيش، قالت في تصريح لـ”فورين بوليسي” إن موسكو أصبحت تعتمد بشكل مكثف على المؤسسات الإعلامية التابعة للدولة، والنشطاء المزيفين المشتغلين مع الكرملين، وذلك لإثارة الفوضى والتسبب في ظهور أزمات ببلدان الجوار، وذلك بهدف تبرير التدخل الروسي في الشؤون الداخلية لتلك الدول.
إلى ذلك، لفتت المجلة إلى أن اللجوء إلى منظمات المجتمع المدني للدعاية للسياسة الخارجية لبلد معين ليس اختراعا روسيا، لكنه أصبح جزءا لا يتجزأ من السياسة الخارجية لروسيا، موضحة أن اللجوء لهذه الاستراتيجية اكتسى بعدا جديدا مع موسكو.
وأوضح التقرير أن موسكو لجأت إلى إقامة شبكة من النشطاء والمدافعين عن مواقفها، وذلك لنشر سياستها تحت ستار “العالم الروسي الجديد”، العبارة التي صاغها بوتين لدى حديثه عن الأشخاص المتواجدين ببلدان الجوار، الذين يحسون بأنهم مرتبطون ثقافيا أكثر بروسيا.
كما لفت التقرير إلى أن المؤسسات والجماعات المدافعة عن روسيا تجمعها علاقات وثيقة بأجهزة الاستخبارات الروسية، وتتلقى الدعم من الكرملين وأشخاص مقربين من النظام الروسي، موضحا أن أنشطتها تتراوح بين تقديم المساعدات الإنسانية، والتدريبات شبه العسكرية، وتوجد بينها مجموعة تدعى “فرسان الليل”، نادي الدراجات النارية، الذي قاد معهم بوتين في إحدى الجولات في 2011.
وبحسب تقديرات تقرير “تشاتام هاوس”، تتلقى تلك المنظمات ما يقارب 130 مليون دولار كل سنة من الحكومة الروسية، لإنجاز مشاريع ببلدان الاتحاد السوفييتي سابقا، مثل أرمينيا، ومولدافيا، وأوكرانيا، وبلدان البلقان مثل بلغاريا وصربيا.
صحيفة العربي الجديد