مخاوف دولية من تردي الأوضاع السياسية في العراق وانقسام البرلمان إلى مؤسستين

مخاوف دولية من تردي الأوضاع السياسية في العراق وانقسام البرلمان إلى مؤسستين

17qpt953

استأثرت الأزمة السياسية العراقية – بعد تمرد عدد من النواب وإقصائهم رئيس البرلمان، سليم الجبوري ـ باهتمام العديد من الجهات الدولية المعنية بأوضاع البلاد، وسط مخاوف من انقسام البرلمان إلى مؤسستين ودخول البلد أزمة تشريعية لا رجعة منها.
وعن الموقف الأمريكي إزاء اقالة رئيس البرلمان أعلن رئيس ائتلاف «متحدون للإصلاح»، أسامة النجيفي، أن الولايات المتحدة ترفض هذا التطور. ونقل بيان لمكتبه أن بيرت ماكغورك، المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي لإدارة التحالف الدولي، والسفير الأمريكي في العراق، ستيوارت جونز أكدا للنجيفي هذا الرفض. وقال «الولايات المتحدة مع الدستور والشرعية والدولة، وهي ترفض أي مساس بالشرعية، ووصف ما حدث في مجلس النواب بأنها عملية غير شرعية وضد الدستور والقانون.
وقال رئيس ائتلاف «متحدون» إن أمريكا والمجتمع الدولي يرفضان أي تغيير يتجاوز الأساليب الديمقراطية والدستور»، بحسب البيان الذي مضي يقول إن المسؤولين الأمريكيين «أشارا إلى أن أي تغيير يتم عبر تجاوز هذه المعايير يوفر لداعش (تنظيم الدولة الإسلامية) مساحة تتنفس من خلالها، كما يضعف الجهود المبذولة للقضاء عليها، مجددين الدعم الأمريكي للحكومة العراقية».
وكان ماكغورك وجونز اجتمعا مع الرئيس العراقي، فؤاد معصوم، لبحث التطورات السياسية الراهنة عقب إقالة رئيس البرلمان من قبل النواب الشيعة المتمردين.
وقال بيان رئاسي إن الوفد الأمريكي عبر عن القلق إزاء ما يحدث في الحياة السياسية في العراق، مشيرا إلى ما تعمل عليه الولايات المتحدة والعراق، وبشكل جاد مع الجهات الدولية المانحة بخصوص تأمين الدعم والمساعدات اللازمة في هذا الظرف، كما قال بيان رئاسي عراقي.
واشار الوفد إلى أن الاستقرار في العراق يساعد كثيرا في تأمين وتسهيل الدعم الدولي المطلوب. وتعد زيارة المبعوث الخاص لأوباما إلى بغداد الثانية له في غضون أسبوع بعد التطورات السياسية المتسارعة في العراق.
ومن جانبها، عبرت بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي)، يوم الجمعة الماضية، عن قلقها العميق إزاء الأزمة السياسية المستمرة في البلاد عارضة بذل مساع حميدة لحل الأزمة السياسية، ومحذرة من أن العراق يمرّ بمرحلة بالغة الصعوبة في تاريخه..
وقال جيورجي بوستين نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق والقائم بأعمال رئيس البعثة في بيان له، إن الأزمة تهدد بشلّ مؤسسات الدولة وإضعاف روح الوحدة الوطنية، في وقت يتعين أن تنصبّ فيه كافة الجهود على محاربة تنظيم داعش، وتنفيذ الإصلاحات، وإنعاش الاقتصاد، وإعادة الحيوية والنشاط إلى أداء الدولة.
واكد ضرورة انخراط نواب العراق المنتخبين وقياداته السياسية في عملية حوار تهدف لإيجاد حلول تستند إلى مبادئ الديمقرطية والشرعية.
وقال بوستين إن «الطرف الوحيد المستفيد من الانقسامات والفوضى السياسية وكذلك من إضعاف الدولة ومؤسساتها هو تنظيم داعش».
وقد وصلت المخاوف من تدهور الأوضاع في العراق إلى عتبة رئيس بعثة صندوق النقد الدولي في العراق كريستيان غوتش الذي أعلن أن الصندوق يدرس إيقاف المساعدات المالية المقدمة إلى الحكومة العراقية بسبب الإرباك الحاصل في مجلس النواب. وكان غوتش قد قال، في تصريح صحافي، إنه تم التوصل لاتفاق خلال الاجتماعات التي عقدت في واشنطن خلال أبريل / نيسان، «سيحصل العراق بمقتضاه على تمويل بنحو 15 مليار دولار: ثلثه من صندوق النقد الدولي والباقي من مؤسسات دولية ومانحين آخرين».
وامس أكد النجيفي، أن السفير الإيراني في العراق، حسن دنائي، وصف أحداث البرلمان بأنها «أسهمت في تعقيد المشهد السياسي ولم تراعِ الوضع الدستوري».
وذكر بيان لمكتب رئيس ائتلاف متحدون أن النجيفي التقى يوم السبت السفير الإيراني، مبيناً أنه «جرى خلال اللقاء بحث مجموعة من الملفات ذات الاهتمام المشترك».
وناقش النجيفي، بحسب البيان، «الجهود الإيرانية في مساعدة القادة العراقيين لتجاوز الأزمة السياسية القائمة»، مؤكدا على «ضرورة الحفاظ على الشرعية والعملية السياسية وحق المكونات فضلا عن الشراكة في اتخاذ القرار والتوازن الحقيقي».
وكان النواب المعتصمون قد أخفقوا يوم السبت بعقد جلستهم البرلمانية لعدم اكتمال النصاب القانوني، وأرجأوا عقدها إلى اليوم الاثنين».ومن جهته أعلن رئيس مجلس النواب، الجبوري، أنه لن يعقد جلسات البرلمان قبل توحيد المجلس بعد هذا التشرذم.
وأكد الدكتور جاسم العزاوي، من جامعة بغداد لـ«القدس العربي»، أن العراق يحظى باهتمام المجتمع الدولي والإقليمي نظرا للحرب المعلنة ضد تنظيم داعش وحرص الدول على استقرار الوضع السياسي فيه لكي تتمكن الحكومة العراقية من مواجهة التنظيم الذي يحتل أراضي واسعة من البلد ويشكل تهديدا حقيقيا له وللمجتمع الدولي.
وأكد ان حادثة تمرد النواب وإقالتهم لرئيس البرلمان يعطي مؤشرا للشعب العراقي وللدول المعنية بالعراق عن استعداد بعض القوى السياسية العراقية لتعريض سلامة البلد إلى المخاطر في سبيل مصالحها الخاصة.
وهذا هو ما يجعل المجتمع الدولي يتردد في تقديم الدعم وخاصة المالي وخاصة في ظل أزمته الاقتصادية الحادة الحالية.

مصطفى العبيدي

صحيفة القدس العربي