القمة الخليجية الأميركية تكشف التباعد دون بحث أفق للتقارب

القمة الخليجية الأميركية تكشف التباعد دون بحث أفق للتقارب

_78404_oo4

لا يتوقع الخليجيون أن تلغي زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى الرياض ولقاؤه بقادة دول مجلس التعاون، الخلافات الكثيرة مع الولايات المتحدة، لكنهم يتوقعون أن تنتهي القمة المنتظرة إلى معادلة تقوم على كشف التباعد القائم، وليس إلغاؤه والبحث عن آفاق للتقارب.

وأصاب علاقات دول الخليج بواشنطن تراجع مقلق لا يمكن إصلاحه من خلال زيارة أوباما الحالية، خاصة أن الخيارات الخليجية صارت معلنة وثابتة في ملفات عديدة وهي مستقلة عن القرار الأميركي.

ومن الواضح أن كلا الطرفين الأميركي والخليجي مدركان لذلك ولا يسعيان لرأب الصدع بينهما، بل يتحريان التعايش مع الأمر الواقع الذي تسببت فيه إدارة أوباما في انتظار ما ستحمله الانتخابات الرئاسية الأميركية.

ويرى محللون أن الولايات المتحدة ودول الخليج تعملان على تنظيم الخلاف لا إزالته على نحو يتيح أقصى درجات التعاون الممكن وفق ظروف العلاقة الحالية. ويبدو أن هذا ما يجعل الطرفين مقبلين على تعاون بمستويات دفاعية تقنية لا تتأثر بالتباعد السياسي الحاصل في ملفات عديدة في المنطقة.

ويشير المحللون إلى أن دول مجلس التعاون تريد أن تجعل العلاقة مع الولايات المتحدة امتدادا لرؤيتها الجديدة القائمة على تنويع الحلفاء وفق قاعدة المصالح وكسر منطق التحالف التقليدي الذي ينظر إلى الخليجيين كسوق استهلاكية كبرى لإنتاج الشركات الأميركية الكبرى، أو كفضاء أمني يحتاج إلى الحماية وإغراقه بالأسلحة.

ويرى المحلل السياسي في مجموعة “جي تي جي” الأميركية فهد ناظر أنه بات واضحا للسعوديين أن سياسة أوباما هي الاحتفاظ بمسافة من الاضطرابات في الشرق الأوسط، لذلك تبنت الرياض موقفا حازما في سياستها الخارجية، ورأت أن أمنها كدولة ذات مركز ثقل في المنطقة أهم من علاقتها مع واشنطن.

وقال ناظر، الذي سبق وأن عمل مستشارا سياسيا في السفارة السعودية بواشنطن، في تصريح لـ”العرب”، “إن الرياض لا تخفي قلقها من تشريع الكونغرس المحتمل حول اتهامها بأحداث 11 سبتمبر، لذلك هددت ببيع أصولها المالية التي تقدر بالمئات من المليارات في الولايات المتحدة”، معتبرا أن مثل هذا القانون إن شرع أصلا ستكون له تداعيات خطيرة على السياسة الخارجية، ويفتح الطريق على ردود انتقامية.

وتمتلك دول الخليج ما يكفي من الأوراق (المالية والنفطية، فضلا عن حجمها كأسواق واعدة) كي تفرض على الأميركيين ودول غربية أخرى مراعاة مصالحها، والكف عن ابتزازها بإثارة ملفات وقضايا (مثل حقوق الإنسان) سجلها فيها أصبح أفضل من غيرها من الذين يتم التغاضي عنهم.

ويحاول المسؤولون الأميركيون أن يرسلوا إشارات طمأنة وتأكيد على أن العلاقة مع إيران لن تكون بديلا عن العمق الاستراتيجي في العلاقات الأميركية الخليجية، وأن التلويح برفع قضايا أمام القضاء الأميركي ضد السعودية أمر غير وارد، وأنه على العكس يجري رفع قضايا ضد إيران بشأن علاقتها بالإرهاب.

وقررت المحكمة العليا الأميركية الأربعاء أن على إيران أن تدفع تعويضات بقيمة ملياري دولار من أموال مجمدة في الولايات المتحدة يطالب بها أكثر من ألف من ضحايا أميركيين لاعتداءات خططت لها طهران بحسب أسر هؤلاء الضحايا.

ولا شك أن الرسالة الخليجية المشتركة التي سيسمعها الرئيس الأميركي خلال قمة اليوم هي أن دول الخليج ستبدأ في بناء منظومة لأمنها القومي ليس فقط في جانبه العسكري التقني، ولكن عبر إقامة تحالفات إقليمية قادرة على إحداث توازن اقتصادي وعسكري في المنطقة، وأن الولايات المتحدة يمكن أن تكون شريكا داعما لهذه التحالفات، لكن لا يمكن أن تلغيها وتحل محلها.

ونجحت دول الخليج في بناء تحالف عربي تمكن في مرحلة أولى من وقف التمدد الإيراني في اليمن عبر بوابة المتمردين الحوثيين، ويجري الآن فرض المبادرة الخليجية كأرضية للانتقال السياسي في البلاد بما يحفظ مصالح دول الخليج وأمنها الإقليمي.

وكانت دول الخليج قد فتحت الباب أمام المغرب للمشاركة في اجتماعات مجلس التعاون كشريك مميز، وهو توجه ينتظر أن تعمقه زيارة العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى الرياض ومشاركته في قمة مغربية خليجية.

ويعتقد أستاذ العلاقات الدولية رضا الفلاح في تصريح لـ”العرب”، أن انعقاد القمة المغربية الخليجية، يستجيب للمنطق الجيوسياسي، وسيكون من الطبيعي أن نشهد في الشهور المقبلة تعزيزا غير مسبوق في مجال التعاون الاقتصادي والعسكري، خاصة في ظل تهيؤ بلدان الخليج للحد من تأثيرات التقارب الأميركي مع إيران.

صحيفة العرب اللندنية