صورة الذات الإيرانية في الصحافة الخليجية: مُكوِّناتها القِيَميَّة والهوياتيَّة

صورة الذات الإيرانية في الصحافة الخليجية: مُكوِّناتها القِيَميَّة والهوياتيَّة

يرسم الخطاب الإعلامي الخليجي، في جميع مساراته ولحظاته الكتابية، صورة للذات الإيرانية بأبعادها السلوكية والفكرية والهوياتية؛ باعتبارها الآخر المضاد كليًّا للذات السعودية، نافيًا أي إيجابيات قد تُميِّز كَيْنُونَتها، مُعَظِّمًا مساوئها وعيوبها، مُشِيدًا بالأنا برؤية معيارية.

عالجت الورقة صورة الذات الإيرانية ومُكوِّناتها في الخطاب الإعلامي الخليجي وأبعادها السُّلوكية والفكرية والهوياتيَّة، في سياق الأزمة الدبلوماسية السعودية-الإيرانية؛ التي أعقبت إحراق السفارة السعودية بطهران، في 2 يناير/كانون الثاني 2016، واعتمدت التحليلَ النقديَّ للخطاب مَنْهَجًا تحليليًّا لدراسة علاقات الفاعلين في الأحداث، وتَمْثِيلات ضروب الخطاب ونُطُقِه لكَيْنُونَة الذات الإيرانية؛ باعتبارها الآخر المضاد كليًّا للذات السعودية/الأنا. واختارت الورقة عيِّنة الحصر الشامل لمقالات الرأي التي نشرتها بعض الصحف الخليجية في ذروة الأزمة، وتمت مقاربتها بوصفها فعلًا، ومُمَثِّليَّةً (القيم)، وتحديدًا للهوية (الأدوار)، لإبراز العلاقات بين الممارسات الخطابية والسيرورات الاجتماعية متعددة الأنواع (سياسية، ثقافية، حضارية…) التي تُشكِّل تعبيرًا لفظيًّا عن الخطاب مع عناصر اجتماعية غير خطابية؛ أي: تحليل التفاعل الخطابي ومعالجة النصوص من منطلق ضروب الخطاب والأصناف والأساليب المختلفة التي تستند إليها وتَمَفْصُلها بعضها مع بعض. 

وخلصت الورقة إلى أن الخطاب الإعلامي الخليجي رَسَمَ، في جميع مساراته ولحظاته الكتابية، صورةً سلبية للذات الإيرانية؛ تُقلِّل بل تنفي أيَّ إيجابيات قد تُميِّز كَيْنُونَتها، وتُعَظِّم عيوبها ومساوئها وتنتقد علاقاتها مع الذات السعودية سلوكيًّا وقيَّميًا وهويَّاتيًا، بينما كان ذات الخطاب يُعَظِّم إيجابيات الأنا وينفي أيَّ مساوئ أو عيوب قد تَسِمُ كَيْنُونَتها. وقد اشتغل على هذه التناقضات والثنائيات الضدية انطلاقًا من العناوين (النصوص الموازية)؛ التي كانت مُوَجِّهًا لدينامية الخطاب المتوالدة سرديَّاته وسيروراته الدلالية عبر هذه اللحظة الكتابية الـمُفَكَّر فيها بعمق والـمُؤَطِّرَة لمحتواه والـمُعَيِّنَة لهويته. وبهذه الصورة السلبية قدَّم الخطاب أبعادًا متعدِّدة لهوية الذات الإيرانية لا تنفصل عن إثباتات الواقع والإحالات المرجعية على فعلها الاجتماعي والسياسي في محيطها الإقليمي؛ حيث تتناسل تسميات مختلفة عبر بدائل مُشْبَعَة بدلالات معقَّدة تتضافر في تعيين صورة “كاريكاتيرية” (ساخرة) للذات الإيرانية تفيض بكل الشرور والمساوئ التي تَسِمُ جميع الكيانات المنتهِكة للقانون؛ باعتبارها “جمهورية إرهابية، ودولة طائفية، ودولة ولاية الفقيه، ودولة شمولية، ودولة منفلتة، ودولة مارقة، ودولة إمبريالية، وتنظيمًا مافيويًّا”..

ولاحظت الورقة أن مُكَوِّنات صورة الذات الإيرانية وأبعادها تتواءم مع ضروب الخطاب وطُرُقه المختلفة في تمثيل كَيْنُونَتِها؛ إذ قدَّم منظورات متنوعة لسيرورات المعاني والعلاقات والبِنى في شبكات الممارسات الواقعية والعالم العقلي الذي يحوي الأفكار والمشاعر والمعتقدات تجاه الذات الإيرانية. وقد طغى على هذه المنظورات الخطاب النقدي، وخطاب المواجهة مع الآخر انسجامًا مع تَمثُّلاته للذات الإيرانية؛ التي يراها أشد خطرًا على دول المنطقة العربية من إسرائيل، وخطاب الإشادة (المعياري) بالذات السعودية التي يعتبرها نموذجًا لتطبيق الإسلام الصافي، ومَوْئِلًا لنظام العدالة، والوحدة الوطنية في الدفاع عن أمنها واستقرارها أمام الإرهاب، وتتميز بقيادتها السياسية التي اختارت الحزم والحسم في مواجهة تهديدات الذات الإيرانية. كما يبرز أيضًا خطاب الانتفاضة أو المقاطعة الرسمية والشعبية والدولية لهذه الذات؛ التي تجاوزت جميع الخطوط الحمراء بتدخلها في الشؤون المحلية لدول الخليج وإشعال نار الطائفية وتهديد وحدتها الوطنية. ويظل خطاب التعايش محدودًا لهيمنة الخطابات الثلاثة الأولى (النقدي، المواجهة، الإشادة) وتأثرها بالسياقات السياسية.

مقدمة

اهتمت التغطية الإعلامية الخليجية للأزمة الدبلوماسية السعودية-الإيرانية، بعد حادث إحراق السفارة السعودية بطهران، في 2 يناير/كانون الثاني 2016، إثر تنفيذ عقوبة الإعدام بحق المعارض السعودي نمر باقر النمر، بمُكَوِّنات الصورة التي شكَّلتها للذات الإيرانية وأبعادها السُّلوكية والقيميَّة والهوياتيَّة، ومن ثَمَّ المسلَّمات والأيديولوجيا الـمُؤَطِّرتين لها. وتُشير السيرورات الدلالية والسَّرديات؛ التي شيَّدتها أصناف الخطاب الإعلامي (طُرُق الفِعل) وضُرُوبُه (طُرُق التَّمثيل) وأَشْكالُه (طُرُق الكينونة) لتلك الذات، إلى جوهر الأزمة وعمقها وشِدَّة العلاقة الصراعية بين الفاعلين؛ حيث تتوالد بِنَى التناقض والتضاد بينهما عبر نسق دينامي يدمج في مساراته كل أنواع الاختلاف والصراع سلوكيًّا وقيميًّا وفكريًّا وهوياتيًّا.

وتُبيِّن الملاحظة الاستكشافية لسَيْلِ مقالات الرأي؛ التي نُشرت في الصحف الخليجية خلال تلك الفترة، أن أنماط الخطاب الإعلامي وديناميَتَه مفتوحان على مجموعة من وجهات النظر والاتجاهات والتَّمْثِيلات المختلفة للذات الإيرانية؛ أي: الزاوية التي يتم عبرها تَمْثِيل أو بناء عوالم هذه الذات (وهي الوظيفة الفكرية/المعرفية التي تُمثِّل جوانب من كَيْنُونتها)، كما يُعيِّن هذا الخطاب راهن ومستقبل العلاقات بين الفاعلين والمشاركين في الأحداث، لكن أيضًا يُجسِّم الفعل (فعل الذات الإيرانية) باتجاه الآخرين، ويُحدِّد خصوصية الأنا أو الـ”نحن” (دول الخليج، وباقي بلدان المجالين العربي والإسلامي) في علاقتها بالآخر أو الـ”الهُم” (إيران وأَذْرُعِها في المنطقة العربية والإسلامية)، ويُبرز هوياتهما من منظور العلاقات مع الذات، والأخلاق، والذات الأخلاقية (ماهيتها وقيمها المعيارية). 

وستُعنى الورقة بمعالجة الخطاب الإعلامي لمقالات الرأي في الصحافة الخليجية، وسيكون مجتمع البحث مُمَثَّلًا في الصحف الأكثر انتشارًا من حيث معدلات التوزيع والقراءة، وتحديدًا الرياض السعودية والاتحاد الإمارتية والأنباء الكويتية والراية القطرية والأيام البحرينية؛ فضلًا عن صحيفتي الحياة والشرق الأوسط اللندنيتين؛ حيث اختار الباحث  عَيِّنة تشمل 170 مقالًا للرأي عبر طريقة الحصر الشامل * ؛ تتواءم مع خصوصية الدراسة التي تستكشف تَمَثُّلاث ضروب الخطاب الإعلامي ونُطُقِه (شبكة الممارسات الاجتماعية في جانبها اللغوي) للذات الإيرانية في علاقتها بالذات السعودية (والخليجية عمومًا). وستتم مقاربة هذه النصوص؛ باعتبارها فعلًا ومُمَثِّليَّة وتحديدًا للهوية، لإبراز العلاقات بين الممارسات الخطابية والسيرورات الاجتماعية متعددة الأنواع (سياسية، ثقافية، حضارية…)؛ بوصفها تعبيرًا لفظيًّا عن الخطاب مع عناصر اجتماعية غير خطابية؛ أي: تحليل التفاعل الخطابي ومعالجة النصوص من منطلق ضروب الخطاب والأصناف والأساليب المختلفة التي تستند إليها وتَمَفْصُلها بعضَها مع بعض استنادًا إلى الإطار النظري والمنهجي للتحليل النقدي للخطاب كما رسَّخته أعمال نورمان فاركلوف (1) وفان دايك مع الانفتاح على الدراسات التطبيقية التي أنجزها جون ريتشاردسون (2) وروجر فولر (3) ، والدراسة الأكاديمية للباحثة مُنْيَة عبيدي “التحليل النقدي للخطاب: نماذج من الخطاب الإعلامي” (4) .

وهنا، سيركز التحليل على الممارسة الخطابية/السيميائية مُجَسَّمَة في أصناف المعاني كَفِعال، وضروب الخطاب (المعاني كمُمَثِّليات) وقد تمَّ ترسيخها في أساليب (المعاني كمحدِّد للهوية) الفِعَال والهُويَّات. وستحظى مقاربة العناوين بأهمية كبيرة في هذا التحليل؛ باعتبارها نصًّا (خطابًا موازيًا) لا يقل أهمية عن المتن، بل تُشكِّل وحدها مجالًا للبحث لموقعها في الخطاب تركيبيًّا ودلاليًّا وتحريريًّا وبوصفها لحظة كتابية مُفَكَّرًا فيها بعمق، لذلك سنخصص لها قسمًا مهمًّا يكشف محوريتها في عموم الخطاب.

مفاهيم إجرائية

  • الذات : تتعدَّد دلالة هذا المصطلح حسب الحقل المعرفي الذي تشكَّل فيه، والأبعاد والجوانب التي تُحدِّد مفهومه، فهو يُمثِّل تكاملًا لاتجاهات الفرد وأحكامه وقيمه المرتبطة بسلوكه وقدراته وإمكاناته وخصائصه (5) ؛ أي: النظام الديناميكي للمفاهيم والقيم والأهداف والمثل التي تقرر الطريقة التي يسلك بها الفرد (6) . وهو أيضًا الإدراك والتقدير الكلي لكَيْنُونة الفرد، أو الشخصية المعنوية، والذي يُعَبِّر عن أفكارها واتجاهاتها ومعتقداتها، والإطار المرجعي لسلوكياتها وخبراتها السابقة وطموحاتها والكيفية التي تُدرك بها العالم.

ويُقصد بـ”الذات” في هذه الورقة الحال التي تُبيِّن سمات ومُكَوِّنات الكَيْنُونَة الإيرانية كما يَتَمَثَّلُها مُنْتِج الخطاب؛ باعتبارها جزءًا من الأنا؛ في سياق الأزمة الدبلوماسية السعودية-الإيرانية مُبْرِزةً مرجعيات سلوكها وقيمها وهويتها ورؤيتها للعالم في علاقاتها بالذوات الأخرى في المجالين العربي والإسلامي.

  • السيرورة الدلالية : فعل يقود إلى الكشف عن المعاني وأنماط وجودها من خلال مواد تعبيرية متنوعة، ويؤدي إلى إنتاج الدلالات وتداولها، إنها سيرورة يشتغل من خلالها شيء ما باعتباره علامة. فالكلمة أو الشيء أو الواقعة ليست كذلك إلا في حدود إحالتها على سيرورة، فلا شيء يمكن أن يدل من تلقاء ذاته ضمن وجود أحادي في الحدود والأبعاد، فالواحد المعزول كيان لا متناه، ووحده التحقق من خلال محمول مضاف يمكن أن ينتج دلالة (7) . ويشير نورمان فاركلوف إلى أن صناعة المعنى تتشكَّل بالنظر في كيفيَّة تبادل المشاركين الكلامَ في حوارهم حسب دورهم؛ إذ إن هناك ثلاثة عناصر تحليلية منفصلة في سيرورات صناعة المعنى: إنتاج النص، والنص في ذاته، وتلقي النص. ويركز تحليل إنتاج النص على المنتِجين (المؤلِّفين والمتكلمين والكتَّاب)، في حين يركز تحليل التلقي على التفسير (المفسِّرين والقُرَّاء والمستمعين)، وإن أحد المصادر الضرورية لأي رصد لسيرورات صناعة المعنى هو القدرة على توضيح النصوص بهدف توضيح مساهمتها في سيرورات صناعة المعنى (8) . وهنا، ستهتم الورقة بدينامية الخطاب في إنتاج سيروراته الدلالية؛ أي أنماط المعاني التي يُنْتِجُها المتكلم/مُنْتِج الخطاب والإحالات المرجعية التي يُعَيِّنها.

التركيب النحوي والمعجمي للنصوص الموازية وتمثيلاتها

يُعدُّ التركيب النحوي والمعجمي مدخلًا أساسيًّا في دراسة ضروب الخطاب الإعلامي وأصنافه وأشكاله؛ باعتباره مُحدِّدًا للمنطق الجدلي للخطاب وعلاقة الممارسات الخطابية/السيميائية بالممارسات الاجتماعية؛ بل يُشكِّل المعجم، في نظر اللساني مايكل هاليداي، المحدِّد الأكبر للبنية الفكرية؛ إذ يُمثِّل خريطة بالموضوعات، والمفاهيم، والسيرورات والعلاقات التي تحتاج الثقافة إلى إيصالها، ويمتلك (المعجم) بِنية لا يمكن ملاحظتها بسهولة ظاهريًّا؛ لذلك يُفضِّل هاليدي التفكير فيه باعتباره “خريطة” وليس “قائمة” معجمية (9) . ويوحي هذا المصطلح (خريطة) بشبكة القرابة والتشاكُل الدلالي بين وحدات الحقول المعجمية التي تُشكِّل الخطاب الإعلامي قياسًا على الشبكة العلائقية التي تربط الوحدات الجغرافية المكونة للخريطة، ما يجعلها نسقًا مفتوحًا مُؤَسَّسًا على الحركة التواصلية بين تلك الوحدات التي تتفرَّع عنها مسارات متعددة في اتجاهات مختلفة. وبهذا المعنى يصبح المعجم أيضًا نسقًا مفتوحًا يقتضي الحركة والعلائق الشبكية بين مفرداته ووحداته، التي تُنْتِج أنماط المعاني عبر السيرورات التي يُولِّدها التلقي وفق السياقات والمقامات. ويساعدنا هذا المدخل في فهم الخريطة المعجمية للخطاب الإعلامي الخليجي (النصوص الموازية) وتَمْثِيلاته للذات الإيرانية.

تكتسب دراسة العنوان في هذه الورقة أهمية خِطَابية ليس لكونه الرسالة الأولى التي يتلقَّاها القارئ، أو يحتل الصدارة في فضاء الخطاب، وإنما باعتباره نصًّا موازيًا يمثِّل أحد “العناصر الموجودة على حدود النص تتصل به اتصالًا يجعلها تتداخل معه إلى حدٍّ تبلغ فيه درجة من تعيين استقلاليته، وتنفصل عنه انفصالًا يسمح للداخل النصي، كبنية وبناء، أن يشتغل وينتج دلاليته” (10) ، وهو عتبة تتحدث مباشرة أو غير مباشرة عن النص؛ إذ تُفسِّره وتُضيء جوانبه الغامضة، وتُبْعِد عنه التباساته وما أَشْكَل على القارئ. وتُشكِّل العناصر الموازية (والخطاب المقدماتي) نصوصًا مستقلة بذاتها لها بنيتها الخاصة ودلالات متعددة الوظائف (11) . وبذلك يصبح العنوان “ضرورة كتابية” (12) يُعرِّف بهوية النص ويُعيِّن محتواه.

وباستقراء التركيب المعجمي للنصوص الموازية لِعيِّنة الدراسة سنجده مُحيطًا بكينونة الذات الإيرانية؛ مُعيِّنًا لفعالها (علاقاتها مع المشاركين والفاعلين في الأحداث)، ومُجسِّمًا لقيمها ومواقفها ورغباتها (التمثيل)، ومُحدِّدًا لهويتها (أدوارها). ويبدو ذلك من خلال اشتغال الـمُرْسِل/الـمُعَنْوِن (13) على مُكَوِّنات هذه الذات؛ التي ورد ذكرها (إيران) تصريحًا أو تلميحًا 107 مرات بنسبة 62.94%، ما يجعلها بؤرة العنوان/الرسالة؛ التي يكشف بناؤها النحوي والتركيبي إدراك الـمُعَنْوِن لضرورتها الكتابية؛ باعتبارها نصًّا مُكَثِّفًا لسيرورات المعاني التي يُشيِّدها الخطاب لهذه الذات وعلاقتها بالفاعلين في الأحداث، ودالًّا على هويته؛ أي النص. وما يُعزِّز هذا الإدراك بتَبْئِير الفاعلين في النصوص الموازية أن الذات السعودية لم يرد ذكرها تصريحًا أو تلميحًا سوى 32 مرة بنسبة 18.82% لإقناع الـمُعَنْوَن له/الـمُرْسَل إليه بكينونتها.

وتُقدِّم هذه النصوص الذات الإيرانية مصدرًا للتوتر والقلاقل والأزمات في المنطقة العربية بـ”سلوكها العدواني” و”سياستها الحارقة” و”الهمجية” و”الـمُعَرْبِدَة”؛ التي تنتهك القانون وتخرق الأعراف الدولية في علاقاتها بدول الخليج والعالم العربي، بل تتحمَّل الذات الإيرانية مسؤولية تهديد أمن واستقرار المنطقة، وإشعال نار الفتنة والحروب بتوظيفها للنزعة الطائفية في التعامل مع الأحداث والقضايا المحلية لدول الخليج، والتدخل في شؤونها الداخلية، ورعاية الإرهاب عبر دعم الميليشيات والمنظمات والأحزاب الموالية لها؛ حيث تتعامل مع المواطنين الشيعة في هذه الدول باعتبارهم جالية إيرانية (14) ، رغبة في التوسُّع والهيمنة وتحقيقًا لـ”مجدها الصفوي”.

ويوضح الجدول (رقم 1) محورية الذات الإيرانية وأبعادها في البنية المعجمية للعنوان:

سلوك الذات الإيرانية في علاقتها بالذات الخليجية

التَّمْثِيل

الهوية/الدور

ا لعدوان

التوتير

التحرش

حرق القانون الدولي

إشعال المنطقة بنار الفتنة

رعاية الإرهاب

التخريب

القضم

حرب بالوساطة

اللعب بالنار

العربدة

سوء النوايا

القذارة

السفاهة

الاستفزاز

الشمولية

النفاق

الوقاحة

الهمجية

المجوس الطغاة

التوسع

التدخلات والنبرة الطائفية

المد الصفوي

جمهورية إرهابية

الدمار

الأجندة الفارسية

الغزو للجيران

 

إذن، يبدو نسيج البنية المعجمية للنصوص الموازية نسقًا مفتوحًا تتعالق وحداته ما يجعله خريطة لشبكة علائقية بين الإشارات اللسانية للعناوين؛ التي تجمعها قرابات دلالية في رسم صورة سلبية للذات الإيرانية وإبراز كَيْنُونتها سلوكيًّا وقيميًا وهوياتيًّا؛ إذ تنقل بصمة المجتمع والأحكام القيمية على الخصوص والمعاني الإيحائية والصريحة التي تكون عادة مُضَمَّنَةً في الأسماء والأفعال والصفات (15) . وهنا، نلاحظ أن البنية التركيبية للعناوين جملة اسمية تُركِّز على الأسماء التي تنقل معاني صريحة ومباشرة لا تحتمل التأويل، ويكون في رأس هذه البنية اسم الذات (إيران) أو أحد البدائل التي تصف هويتها أو تُعَيِّنُ قيمها ورغباتها في المنطقة أو تُذكِّر بتاريخها وعلاقتها بمحيطها الإقليمي، مثال: “جمهورية إيران الإرهابية…!”، “إيران والوهم الصفوي”، “إيران وتوتير العلاقات مع السعودية”، “العدوان الإيراني المفتوح..”، “إيران: حكاية جيرة سيئة”، “الفرس: تاريخ من الاستفزاز والغزو للجيران”، “الفرس والتاريخ القذر”، وأحيانًا يرد العنوان جملة اسمية، مثال: “سياسات إيران حارقة”، “سياسات العربدة الإيرانية”، “إيران.. رعاية الإرهاب في أنحاء العالم”. وهنا، يُبَئِّرُ أو يُقدِّم الـمُعَنْوِن ما هو بِبَيَانِه أَعْنَى، وفقًا للمقولة المأثورة عن النحوي سيبويه: “العرب يُقدِّمون في كلامهم ما هم بِبَيَانِه أَعْنَى”؛ كما أن ترتيب الوحدات أو المفردات في بِنية العنوان؛ حيث تكون الذات الإيرانية في مقدمته، يجعل الكلام مطابقًا لمقتضى الحال؛ باعتبار أن إيران في واجهة الأحداث وتقف خلف الاضطرابات التي تعيشها المنطقة.   

وهناك صورة أخرى لِبِنية العنوان الاسمية؛ حيث يكون الخبر جملة فعلية يُعبِّر عن شدة سلبية الذات الإيرانية، مثال: “إيران تُشْعِل المنطقة بنار الفتنة الكبرى!”، “سياسات إيران الطائفية تُدَمِّر التعايش السلمي بين المسلمين”، “سياسات إيران تُهَدِّد الأمن والاستقرار الإقليمي”، وهو استعمال قَصْدِيٌّ مَخْصُوصٌ للغة يؤكد اختيار الـمُعَنْوِن لبنية نحوية وتركيبية خاصة إبلاغية (إثباتات)؛ تُحيل على واقع معيَّن وخطورته (لها وظيفة مرجعية)؛ فضلًا عن إثارة ردِّ فعل الـمُعَنْوَن له (وظيفة انفعالية) إزاء سلبية الذات لإقناعه بهذا الواقع وتغيير مخزونه المعرفي عنها باتجاه تعديل سلوكه (الـمُعَنْوَن له). 

إذن، يتضمن جميع الأسماء والأفعال أعلاه نظرة سلبية للذات الإيرانية؛ وتشترك في سمات دلالية تنقل للمُعَنْوَنِ لَهُ صورةً لكَيْنُونَةٍ تفيض بالسوء والشر وخرق القوانين والأعراف؛ مهووسة باستعادة أحلامها وأمجادها الإمبراطورية؛ إذ ركزت النصوص الموازية على ثيمة “العدوان”؛ الذي تمارسه الذات الإيرانية تجاه الذوات الخليجية؛ حيث وردت 44 مرة بنسبة 25.88%، ثم “التوسع” بنسبة 7.05% بمعدل 12 مرة، و”الطائفية” بنسبة 3.52% بمعدل 6 مرات. ويشير تَبْئِير الثيمات الثلاث (العدوان، التوسُّع، الطائفية) في العناوين إلى أبعاد الأزمة الراهنة؛ التي يصبح فيها الخطر وجوديًّا مُهدِّدًا كَيْنُونَة الذات السعودية (والخليجية)؛ وهنا يحذِّر مُنْتِج الخطاب من الطموحات والهوية (الأدوار) التوسعية للذات الإيرانية في المنطقة العربية، وهو ما لا يخفيه الساسة الإيرانيون؛ فقد اعتبر البرلماني رضا زاكارني، المقرَّب من المرشد علي خامنئي، أثناء سيطرة حركة أنصار الله في اليمن على صنعاء، في 21 سبتمبر/أيلول 2014، “أن العاصمة اليمنية صنعاء أصبحت العاصمة العربية الرابعة التابعة لإيران بعد كلٍّ من بيروت ودمشق وبغداد”، مُبَيِّنًا أن ثورة الحوثيين في اليمن تُعد امتدادًا للثورة الخمينية (16) . ولهذا السبب نفهم محورية مفردتي “العدوان” و”التوسع” في البنية التركيبية للعنوان مضافًا إليهما مفردة “الطائفية” والتي تجمعها صلة القرابة الدلالية المنتجة للهيمنة باستخدام كل الوسائل والأدوات. 

وفي المقابل، تشير النصوص الموازية إلى الذات السعودية الحضارية؛ حيث تشترك الوحدات المعجمية في سمة عامة باعتبارها ذاتًا إيجابية؛ تحترم المواثيق والعهود الدولية وتتمسَّك بالدبلوماسية نهجًا لحل مشاكل المنطقة، مع الحزم في مواجهة الاعتداء الإيراني. وهنا، تنتظم بنية العناوين ثنائية لحدَّين متناقضين: السلام/العدوان والحرب، الصواب/الخطأ، الحكمة/التهور والتشبيح… يبرزان العلاقة الضدية بين الذات الإيرانية والسعودية باعتبار أن دينامية الصراع ونُطُقَه تُحدِّد اللغة المستخدمة وتُنظِّم التبدُّل اللغوي وتُوجِّهه.

ولا تكتفي هذه النصوص بتشخيص هذه العلاقة وتناقضاتها، وإنما تُحدِّد المطلوب للتعامل مع الذات السلبية؛ التي “تجاوزت كل الخطوط الخليجية الحمراء” (17) ؛ حيث لم يعد للدبلوماسية الناعمة أي جدوى في سياق تطورات الصراع وأبعاده؛ لذلك ركز بعض العناوين على ضرورة “مواجهة” الذات الإيرانية والانتفاضة على “سلوكها العدواني والتوسعي”، واعتماد سياسة الحزم والردع لتحجيم دورها في المنطقة.

ويُبيِّن الجدول (رقم 2) العلاقة الضدية بين الذاتين سلوكًا وموقفًا، وما يراه الـمُعَنْوِن مطلوبًا إزاء الذات الإيرانية:

الذات الإيجابية/السعودية

الذات السلبية/الإيرانية

والمطلوب إزاءها

موقف السعودية صحيح وإيران سبب التوترات الطائفية الانتفاضة

المواجهة

الردع

الحزم/موقف عربي

دبلوماسية الرياض وسفاهة إيران
نحن نطبق شرع الله أيها المجوس الطغاة
الخجل الخليجي والتوسع الإيراني

 

نلاحظ هنا أن الـمُعَنْوِن يركز باستمرار في رسالته على إبراز سلبيات الذات الإيرانية وتعظيمها؛ حيث ينعدم أي مظهر إيجابي لهذه الذات في بنية النصوص الموازية، وفي المقابل تبرز في النصوص نفسها إيجابيات الذات السعودية مع التقليل من سلبياتها (وسنتناول ذلك لاحقًا بتفصيل باعتماد المربع الأيديولوجي لفان دايك في تحليلنا لعموم الخطاب الإعلامي الخليجي).

ويوجز الشكل (رقم 1) خصوصية الذات الإيرانية المضادة للذات السعودية في بنية النصوص الموازية التي تُمَثِّل لحظة كتابية مُفَكَّرًا فيها بعمق من قبل الـمُعَنْوِن:

السيرورات الدلالية للذات الإيرانية

شكَّلت العَنْوَنَة، كما ذكرنا آنفًا، لحظة كتابية مُفَكَّرًا فيها بعمق تُعَيِّن؛ باعتبارها وسمًا دالًّا، هوية عموم الخطاب الإعلامي الخليجي، وتُعَرِّف المتلقي بمضمونه. وتُبيِّن الخطاطة التواصلية للعنوان مقدرة النصوص الموازية على الإبلاغ والإحالة على صورة الفاعلين في الأحداث وتَمْثِيلاتهم وهوياتهم. لكن يظلُّ الخطاب، فيما يُسمَّى عامة تحليل الخطاب، الذي يشير إلى رؤية مُعَيَّنَة للغة في استخدامها بوصفها عنصرًا في الحياة الاجتماعية، فضاءً نصيًّا للتفاعل الخطابي ونُطُقِه، وهو ما يتيح للباحث مجالًا أوسع وأشمل للتحليل والدراسة مقارنة بالنصوص الموازية. وهنا، يُشَيِّد الفضاء النصي المدروس سيرورات دلالية وأنماط من المعاني للذات الإيرانية والسعودية تقوم أساسًا على علاقات التباين والتضاد والاختلاف بينهما فكريًّا وسلوكيًّا وعقديًّا (المرجعية العقدية) وحضاريًّا. 

–          إحالات مرجعية:

يركِّز الخطاب في تشخيصه لعمق الأزمة الإيرانية-السعودية على جوهر نظام الحكم؛ الذي يُنظِّم عمل المؤسسات السياسية للذات الإيرانية؛ وهو أحد الأبعاد الرئيسية المكوِّنة للأنا والناظمة لها، والذي “لا يُشبه أي نظام سياسي في العالم”(18). وفي هذا السياق، يحفل الخطاب الإعلامي الخليجي بأوصاف ونعوت كثيرة تَذُمُّ نظام الحكم، وتعتبره أُسَّ البلاء والحروب المشتعلة في المنطقة، ويكاد لا يخلو أي نص من إبراز هذا الموضوع، وقد يكون عتبة الخطاب وأحيانًا أخرى مُهَيْمِنًا عليه (19) . ويُلاحَظ أن الدولة ترد كثيرًا بمعنى نظام الحكم (الدولة=نظام الحكم) ولا يميز الخطاب بينهما؛ لذلك تُمثِّل الذات الإيرانية على مستوى مؤسسات الحكم والسلطة نظامًا هجينًا تجتمع فيه مساوئ وعيوب كل الأنظمة والدول وحتى التنظيمات والمجموعات الخارجة عن القانون، فهو “نظام الحكم الثيوقراطي”، و”الدولة الشمولية”، “والدولة الطائفية”، و”دولة الولي الفقيه”، و”الدولة المارقة”، و”التنظيم المافيوي”، و”الدولة الإمبريالية”، و”الجمهورية الإرهابية”، و”الدولة المنفلتة”، و”الدولة العصابة” (20) .

وكلُّ تسمية من التسميات المذكورة أعلاه تحيل على معان مختلفة ودلالات معقَّدة؛ تُبيِّن الرؤية التي ينظر من خلالها مُنْتِج الخطاب للذات الإيرانية رغم أنها تظهر كبدائل لهدف خطابي واحد، وتكشف في الوقت نفسه علاقة الأنا بالآخر؛ فـ”الطريقة التي يُسمَّى بها الفاعلون الاجتماعيون أو الأفراد والمجموعات، لا تُعرِّفهم وتدلُّ عليهم فحسب، وإنما يمكن أيضًا أن تُعبِّر عن نوع العلاقة بين المتكلم/الكاتب والمسمَّى” (21) . فهو يُقدِّم هذا النظام باعتباره نظامًا دينيًّا طائفيًّا مغلقًا توسعيًّا، يقوم على الإرهاب والإجرام والعدوان؛ فلا ضوابط قانونية أو أخلاقية ولا حتى شرعية أو عُرفية تحكم سلوكه السياسي في تعامله مع الآخرين. وهنا تبلغ الاستراتيجية الإحالية ذروتها عندما يعتبر الخطاب أن الذات الإيرانية أخطر على مستقبل العرب من إسرائيل، ولا تختلف في عدوانها واحتلالها لأراضي العرب (22) ، بل تلعب دور الوكيل الصهيوني لضرب العرب والمسلمين (23) بـ”احتلالها” للجزر الإماراتية الثلاث ولبنان واليمن والعراق وسوريا (…). وتوحي هذه الإحالة بأن وجود الذات الإيرانية صار عِبْئًا على المنطقة ولا يجمعها أي رابط بالذوات الأخرى المكوِّنة للمجال العربي والإسلامي؛ وهو ما تُلمِّح إليه بعض الخطابات التي تدعو إلى مواجهتها بكل السُّبُل دبلوماسيًّا واقتصاديًّا، بل ليس هناك ما يمنع من استخدام الوسائل والأساليب التي تعرفها، فـ”التحالف الإسلامي الذي أعلنته السعودية قد يكون هو المشروع الذي من أجله تكون المواجهة وحتى القتال إذا لزم الأمر” (24) . 

إذن، يُشخِّص هذا الخطاب الذات الإيرانية باعتبارها “نظامًا عدوانيًّا” بتركيبته وتكوينه التاريخي الفارسي الاستفزازي المعادي لجيرانه الأقربين والأبعدين؛ حيث وصلت غزواته إلى اليمن ومصر واليونان، ولم يتجاهل الخطاب “عنصرية وعدائية” الذات الإيرانية وهيمنتها على الأقليات الدينية والقومية في الداخل، فهي لا تتجاوز على جيرانها فقط وإنما على المواطنين الإيرانيين أيضًا، لذلك يُطلق عليها الخطاب تسمية “جمهورية الرعب الإيرانية” عندما تستخدم الرافعات لتنفيذ أحكام الإعدام الجماعية والتعسفية بحق المعارضين. وتؤكد هذه الاستراتيجية الإحالية على نموذج السلطة “المرعب”؛ الذي ينتهك حقوق المواطنين السياسية والاقتصادية الاجتماعية والثقافية والقانونية.

وفي المقابل، يُقدِّم الخطاب الخليجي الذات السعودية باعتبارها نظامًا يُحكِّم “شرع الله رُوحًا ومنهجًا” منذ تأسيس الدولة على يد الإمام محمد بن سعود، ويحمل لواء الإسلام المحمدي الصافي النقي، وينهج سياسة الحكمة والرَّويَّة، ويقود التضامن الإسلامي، وهو ما يعني التزامه بالمواثيق الدولية والحفاظ على السلم والأمن، والدفاع عن قضايا العرب والمسلمين.

ونلاحظ هنا أن الخطاب يُعظِّم إيجابيات الذات السعودية، مُقلِّلًا من سلبياتها التي لا يذكرها إلا تلميحًا في سياق خطاب الإشادة بسياستها التي ظلت تتحمَّل الذات الإيرانية منذ قيام الثورة في العام 1979، ويُعظِّم سلبيات الذات الإيرانية التي يجعلها تفيض بكل المساوئ والعيوب بصورة تكاد تكون كاريكاتيرية، وينفي أن تكون لها أية محاسن أو صفة إيجابية؛ إذ وفقًا لنَمْذَجَة فان دايك حول المربع الأيديولوجي (25) فإن الخطاب الخليجي يُبرز إيجابيات الأنا (الذات السعودية) ويُقلِّل من سلبياتها التي تكاد تكون منعدمة مقابل تعظيم مساوئ الآخر (الذات الإيرانية) وينفي أية صفة إيجابية قد تصدر عنه؛ وهو أمر يبدو طبيعيًّا باعتبار نظام الحكم الذي يراه الخطاب الإعلامي الخليجي أصل كل الشرور والاضطرابات في المنطقة العربية.

يوضح الشكل (رقم 2) استراتيجية الإحالة في الخطاب الخليجي بشأن السلبيات التي تفيض بها الذات الإيرانية: 

–         هويات متعددة:

يُقدِّم الخطاب الخليجي البُعد الهويَّاتي للذات الإيرانية انطلاقًا من أدوارها ووظائفها واهتماماتها الأولية وأهدافها النهائية (26) من خلال تجربتها الاجتماعية وعلاقاتها بمحيطها الإقليمي، وهنا يركِّز الخطاب على “دورها التخريبي” في المنطقة العربية والإضرار بوحدة كياناتها السياسية عبر التحريض وإثارة الفتنة الطائفية وعَسْكَرَة الخلافات المذهبية بين المسلمين بتأسيس ميليشيات طائفية مسلحة، وإضعاف مؤسسات هذه الكيانات وارتكاب المجازر ذات الطابع المذهبي (سوريا والعراق). ويُعلِّل الخطاب الخليجي هذا الدور التخريبي للذات الإيرانية برغبتها في الهيمنة والتوسُّع، وهنا يُبرز تاريخها الفارسي ودوره في إيقاظ نوازع مشروعها الإمبراطوري؛ إذ “تعيش حالة من أوهام العظمة وأحلام الإمبراطورية الفارسية ومفهوم القوة الإقليمية التي تستطيع رسم خارطة جديدة للمنطقة عبر إثارة الحروب الطائفية وتعميق حالة الاستنفار المذهبي يبن السُّنَّة والشيعة بهدف تغيير هيكلة السياسة الإقليمية لصالح أهداف ومخططات القوى الأجنبية والصهيونية” (27) . ويُغْرِق هذا الخطاب في تفاصيل تاريخية عن الفرس وأجندتهم التوسعية القديمة في المنطقة العربية و”تحالفاتهم المشبوهة” مع القوى الاستعمارية للانتقام من الإسلام بدءًا بالتحالف الصفوي-البرتغالي ثم الإسباني والبريطاني والإيطالي والهولندي ضد الدولة العثمانية؛ وصولًا إلى ما يُسمِّيه راهنًا بـ”التحالف الفارسي-الإسرائيلي”، وتسهيل الاحتلال الأميركي للعراق وأفغانستان (28) .

ويجد هذا الخطاب أيضًا صداه في بعض الدراسات الأكاديمية التي ترى أن الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة العربية تستند على المرتكز القومي الشعوبي الذي يضع الفرس في مواجهة العرب، ومرتكز الإرادة السياسية والقوة العسكرية؛ حيث عملت الأنظمة المتعاقبة على الحكم في إيران على تبني وإحياء الصراع التاريخي في فترة ما قبل الإسلام من خلال آلة عسكرية تحقق لها طموحها في المنطقة بالسيطرة على المضائق والممرات المائية في الخليج والتمدد إلى البحر الأحمر عبر حلفائها الحوثيين في اليمن لتخلق لها وجودًا في جنوب البحر الأحمر عند باب المندب وفي الموانئ اليمنية والسودانية يهدف إلى تطويق دول الخليج وعلى رأسها السعودية (29) .

ولا ينفصل هذا الهدف التوسُّعي واستعادة المجد الإمبراطوري الذي تسعى إليه الذات الإيرانية، كما يُشيِّده الخطاب الخليجي، عن دور آخر يتجاوز دعم الميليشيات الطائفية إلى ما يُسمِّيه “الوكالة الخمينية” في استعارة لـ”لوكالة اليهودية” (30) التي تسعى إلى حض الشيعة في العالم للتعبير الحادِّ عن خصوصيتهم المذهبية وإضعاف رابطهم الوطني في الدول التي يعيشون فيها حتى يسهل بسط نفوذها في هذه الدول. وبهذه الأهداف والأدوار يقدم الخطاب صورًا أو أبعادًا متعددة لهوية الذات الإيرانية التي لا تنفصل في الواقع عن سلوكها (الفعَّال) الاجتماعي والسياسي.

ضروب الخطاب: مُسلَّماتُه وأيديولوجياته

تعكس مُكَوِّنات الصورة؛ التي عيَّنها الخطاب الإعلامي الخليجي للذات الإيرانية، ضروبًا متعددة وطُرقًا مختلفة في تمثيل أبعادها السلوكية والمعرفية والهوياتية؛ إذ يُقدِّم هذا الخطاب منظورات متنوعة لسيرورات المعاني والعلاقات والبِنى في العالم المحسوس والعالم العقلي الذي يحوي الأفكار والمشاعر والمعتقدات تجاه الذات الإيرانية. ويطغى على هذه المنظورات الخطاب النقدي الذي يُبرز مساوئ وعيوب الذات الإيرانية سلوكيًّا وقيميًّا وهوياتيًّا، وقد ورد بنسبة 35.88% بمعدل 61 مرة، ويتميز في عمومه بنقد “انفعالي” جعل بعض النصوص يتحوَّل إلى مقالات في “الهجاء والذم” بحديثها عن “مجوسية الذات الإيرانية التي تعبد النار وتدَّعي الإسلام”، “والمجوسية الفارسية التي تبنَّت في دياناتها الزرادشتية النار رمزًا للعنف والقوة في التعامل مع الآخرين”.. وهي موضوعات لا تساعد في فهم جوهر الأزمة وتغفل عن البحث في الأسئلة الأساسية التي يطرحها واقع الذات السعودية والخليجية. ويكاد هذا الخطاب يهيمن على صحف بعينها (الرياض، الشرق الأوسط)، وإن كان أقرب إلى “خطاب التأزيم” الذي يُكَرِّس الأزمة.

نجد أيضًا خطاب المواجهة، الذي يمكن تسميته بـ”خطاب الحزم والحسم” مع الآخر انسجامًا مع تَمثُّلاته للذات الإيرانية التي يراها أشد خطرًا على دول المنطقة العربية من إسرائيل؛ ويعتبر أن سياسة المواربة وحُسن الجوار لم تعد تنفع؛ وأن “مواجهة الصَّلَف الفارسي الذي يريد أن يُؤَسِّس وجوده في المنطقة باتت ضرورة”، بل لا يتوانى هذا الخطاب في الدعوة إلى “الحزم والحسم” ومواجهة الذات الإيرانية عسكريًّا؛ فـ”عاصفة الحزم قطعت ذنب الأفعى في اليمن..ولابد إِنْ عاجلًا أو آجلًا من أن يلحق الرأس بالذنب” ( 31) . ويُذكِّر هذا الموقف بحديث الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، كما ورد في البرقيات الدبلوماسية الأميركية التي سرَّبها موقع ويكيليكس، عندما حثَّ الولايات المتحدة مرارًا على “قطع رأس الأفعى” بشنِّ هجمات عسكرية لتدمير برنامج إيران النووي ( 32) . ويرى هذا الخطاب؛ الذي يرسم صورة تثير الجزع من خطر الذات الإيرانية، أن التحالف الإسلامي الذي أعلنته السعودية قد يكون هو المشروع الذي من أجله تكون المواجهة؛ لأن ماهية الذات الأخلاقية الإيرانية تتناقض مع المرجعية الأخلاقية للذات السعودية؛ التي يعتبرها “حاملة لواء الإسلام المحمدي الصافي النقي”، في الوقت الذي اختار فيه الآخر؛ استنادًا إلى هذا الخطاب، الاصطفاف في حلف الإرهاب واحتضان منظماته ودعمها وتشجيعها بكل الوسائل والتحالف معها.

ونلاحظ هنا أن خطاب المواجهة يتبنَّاه المتكلم/مُنْتِج الخطاب في صحف بعينها، مثل: الشرق الأوسط والرياض والاتحاد، وقد ورد بنسبة 24.12% بمعدل 41 مرة، وإن كان يدعو إلى المواجهة بمفهومها الشامل: السياسية والإعلامية والثقافية “وحساب كل الاحتمالات”، وبرز في الأيام الأولى للأزمة الدبلوماسية السعودية-الإيرانية متأثرًا بالأبعاد الذي اتخذها تطور الأحداث، وهو خطاب يتميز بانفعاله الشديد أيضًا؛ يتفاعل مع اللحظة السياسية التي أُنْتِج فيها، لكنه لا يُعَبِّر بالضرورة عن رأي النخبة السياسية التي تمسك بزمام السلطة في ظل اختلال موازين القوى بين أطراف الأزمة، و”الحزم” المتأخر في المبادرة لمواجهة نفوذ الذات الإيرانية، وإِنْ كان البعض يرى أن الذات السعودية يجب أن تنقل الحرب إلى الداخل الإيراني كما تصنع الذات الإيرانية في محيطها الإقليمي، وخاصة مع دول الخليج.

لكن هنا يبرز السؤال حول واقعية هذه المواجهة اليوم مع الذات الإيرانية في ظل التقارب و”تزاوج المصالح” بينها وبين القوى العظمى؛ التي ظلَّت تفرض عليها الحصار منذ أكثر من ثلاثة عقود، والتغييرات الاستراتيجية الكبرى الجارية في المنطقة، ثم هل يتحمَّل واقع المنطقة العربية المواجهة التي يدعو إليها هذا الخطاب وقد عاشت خلال الستين سنة الماضية حروبًا كثيرة ولا يزال بعضها مشتعلًا؟ وهل ستكون الذوات الخليجية بعيدة عن تداعيات هذه المواجهة وانعكاساتها المدمرة في ظل سباق التسلح بالمنطقة؟

قد يكون إدراك هذه الحقيقة بشأن اختلال معادلة التوازن لصالح الذات الإيرانية هو الذي يدفع المتكلم/مُنْتِج الخطاب إلى تمثيل الأزمة وتداعياتها من منظور أقل حدَّة؛ حيث يبرز خطاب مقاطعة الذات الإيرانية والانتفاضة ضد الخطر الذي تمثِّله بشأن تهديد الكيان الخليجي ووحدة دوله واستقلالها؛ لذلك لا يرى هذا الخطاب؛ الذي تُعبِّر عنه صحف مثل الأنباء والرياض وقد وَرَدَ بنسبة 4.12%، أيَّ حلٍّ للأزمة سوى بـ”قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية، وحشد الرأي العام الدولي لإيقاع العقوبات على السلطة والحكومة وأذرعها”( 33) ، ويضاف إلى ذلك المقاطعة الشعبية وتضامن دول الخليج مع هذا التوجُّه، وهو ما قد يدفع الذات الإيرانية إلى مراجعة أفعالها وإعادة النظر في علاقاتها مع الذات الخليجية أو خسارة مصالحها في هذه الدول. ويبدو هذا الخطاب قريبًا من رأي النخبة صانعة القرار السياسي التي لا تملك مخارج كثيرة في ظل إدراكها للمخاطر والتداعيات التي يثيرها خيار المواجهة.

وبالموازاة مع هذين الخطابين (النقدي والمواجهة) الـمُهَيْمِنَيْن على الرؤية والمرجعية الفكرية التي يصدر عنها المتكلم/مُنْتِج الخطاب وتُؤَطِّر تَمثُّلاته للأحداث، يبرز خطاب مُسْتَوْعِب للأزمة باتجاه جَسْر الهوة بين الذات الإيرانية والذات السعودية ومن ثَمَّ الذات الخليجية، مُدْرِكًا أن مصيرها المشترك هو التعايش في هذه المنطقة المتوترة؛ لذلك يُركِّز في معالجته لتطور الأحداث وتداعياتها على احتواء أي تصعيد محتمل وإيجاد أرضية للتعايش بين المذاهب تجعله واقعًا دون حساسيات. ويتَّخذ هذا الخطاب منحى توجيهيًّا (7.64%)؛ إذ يرى أن التعايش يحتاج إلى إرادة سياسية وتهيئة المناخات السياسية والاجتماعية والاقتصادية بين مختلف القطاعات، معتبرًا أن السعودية وإيران هما القوتان الإقليميتان في هذه المنطقة وتحسين العلاقات بينهما سيكون له انعكاسات إيجابية على مستقبل التعاون العربي-الإيراني الآن وفي المستقبل (34) ، ويكاد هذا الخطاب يكون خاصًّا بصحيفة الراية دون غيرها من الصحف الخليجية، وهو يتواءم أيضًا مع خطاب النخبة السياسية في دوائر السلطة التي تحاول إيجاد مشتركات للتعايش بين الكيانات السياسية المكونة لدول الخليج والذات الإيرانية.

هناك خطاب آخر رافق بداية الأزمة لفترة يسيرة، قبل أن يفسح المجال للخطابات الثلاثة الأولى، وكان ينطلق من القيم والمسلَّمات التي تُشكِّل كينونة الذات السعودية؛ لذلك يمكن تسميته بخطاب الإشادة بتلك القيم والمسلمات التي عيَّنها في “نجاح المملكة في تطبيق شرع الله الذين تدين به ولا تحيد عنه”، ونظام العدالة، الذي استوفى ضمانات التقاضي بدرجاته الثلاث في ملف إعدام الشيخ نمر باقر النمر و46 شخصًا آخرين متهمين بقضايا تتعلق بالإرهاب، ووحدة أبناء البلد في الدفاع عن أمنها واستقرارها أمام الإرهاب، وقيادة سياسية اختارت الحزم والحسم لمواجهة تهديدات الذات الإيرانية…ويخص هذا الخطاب، الذي ورد بنسبة 28.24%، الطريقة التي عالجت بها صحيفتا الرياض والشرق الأوسط الأحداث عند اندلاع الأزمة، ويكاد يكون مدغمًا في الخطاب النقدي وخطاب المواجهة، وهو يستلهم رؤاه من الخطاب الرسمي للذات السعودية برؤية معيارية.   

إذن، شكَّلت هذه الخطابات ضُرُوبًا لتمثيل العلاقة الصراعية بين الذات الإيرانية والذات السعودية، وقد عكست بنيتها المعجمية ونُطُقَها الخطابية (العناصر اللسانية الداخلة في شبكات ممارسات اجتماعية) مستويات وأشكال هذه العلاقة، والهويات المتناقضة والمتضادة لأطراف الأزمة، التي تكشف بالنسبة للمتكلِّم/مُنْتِج الخطاب عن منظومات قيمية ومسلَّمات عن الموجود/واقع الذوات وحالتها، والممكن والضروري (ردود الفعل)؛ وتنبئ عن معان ذات أهمية أيديولوجية كبيرة تجسِّدها ضروب الخطاب.

ويُبيِّن الشكل (رقم 3) هرمية ضروب الخطاب الإعلامي وقاعدته الأساسية في تمثيل قيم ومُسلَّمات الذات الإيرانية والسعودية:

خاتمة

اهتم الخطاب الإعلامي الخليجي بتَمْثِيل صورة سلبية للذات الإيرانية في جميع مساراته ولحظاته الكتابية، والتقليل بل ونفي أي محاسن أو إيجابيات قد تميِّز كينونتها؛ مُعَظِّمًا مساوئها وعيوبها؛ مُنْتَقِدًا علاقاتها مع الذات السعودية سلوكيًّا وقيميًّا وهوياتيًّا، بينما كان يُعَظِّم ذات الخطاب إيجابيات الأنا وينفي أي مساوئ أو عيوب قد تميِّز كَيْنُونَتها. وقد اشتغل على هذه التناقضات والثنائيات الضدية انطلاقًا من العناوين (النصوص الموازية)؛ التي كانت مُوَجِّهًا لدينامية الخطاب المتوالدة سردياته وسيروراته الدلالية عبر هذه اللحظة الكتابية الـمُفَكَّر فيها بعمق والـمُؤَطِّرَة لمحتواه والـمُعَيِّنَة لهويته.

وبهذه الصورة السلبية يُقدِّم الخطاب أبعادًا متعددة لهوية الذات الإيرانية لا تنفصل عن إثباتات الواقع وفعلها الاجتماعي والسياسي في محطيها الإقليمي؛ حيث تتناسل تسميات مختلفة عبر بدائل مُشْبَعَة بدلالات معقَّدة تتضافر في تعيين صورة كاريكاتيرية للذات الإيرانية تفيض بكل المساوئ التي تَسِمُ جميع الكيانات الخارجة عن القانون؛ باعتبارها “جمهورية إرهابية، ودولة طائفية، ودولة ولاية الفقيه، ودولة شمولية، ودولة منفلتة، ودولة مارقة، ودولة إمبريالية، وتنظيمًا مافيويًّا”. 

وتتواءم أبعاد ومكونات صورة الذات الإيرانية مع ضروب الخطاب وطُرُقِه المختلفة في تمثيل كينونتها؛ إذ يُقدِّم منظورات متنوعة لسيرروات المعاني والعلاقات والبِنى في شبكات الممارسات الواقعية والعالم العقلي الذي يحوي الأفكار والمشاعر والمعتقدات تجاه الذات الإيرانية. ويطغى على هذه المنظورات الخطاب النقدي وخطاب المواجهة مع الآخر انسجامًا مع تَمثُّلاته للذات الإيرانية التي يراها أشد خطرًا على دول المنطقة العربية من إسرائيل، وخطاب الإشادة بالذات السعودية التي يعتبرها نموذجًا لتطبيق الإسلام الصافي، ومَوْئِلًا لنظام العدالة، والوحدة الوطنية في الدفاع عن أمنها واستقرارها أمام الإرهاب، وتتميز بقيادتها السياسية التي اختارت الحزم والحسم في مواجهة تهديدات الذات الإيرانية. كما يبرز أيضًا خطاب الانتفاضة أو المقاطعة الرسمية والشعبية والدولية لهذه الذات التي تجاوزت جميع الخطوط الحمراء بتدخلها في الشؤون المحلية لدول الخليج وإشعال نار الطائفية وتهديد وحدتها الوطنية، ويظل خطاب التعايش محدودًا لهيمنة الخطابات الثلاثة الأولى (النقدي، المواجهة، الإشادة) وتأثرها بالسياقات السياسية؛ والتي تعكس كما ذُكر آنفًا رؤية المتكلم لذاته وللآخر وتمثُّلاته للعالم.

وسيكون مهمًّا التأمل في أصناف هذا الخطاب والتَّمثُّلات التي تنقلها، ودورها في الوعي بأولويات المرحلة التي تعيشها الذات الخليجية والأسئلة الحقيقية والواقعية التي ينبغي البحث فيها؛ لأن الخطاب الذي ينشغل بالإشادة بالأنا وتعظيم إيجابياتها وإطارها المرجعي المعياري لن يكون مختلفًا عن الخطاب الدعائي للآخر المسكون بالهيمنة، كما لن يكون مُنْتِجًا مُساهِمًا في إحداث التغيير في العالم المادي داخليًّا وخارجيًّا بعد أن ملأ الآخر الفراغ الذي تركته الأنا.

____________________________________

د. محمد الراجي، باحث بمركز الجزيرة للدراسات

مراجع

(*) اعتمد الباحث أسلوب الحصر الشامل لمقالات الرأي المنشورة في الصحف الخليجية المذكورة أعلاه خلال الفترة الممتدة من 3 إلى 14 يناير/كانون الثاني 2016؛ حيث بلغت الأزمة الإيرانية-السعودية منتهى شدَّتها وعُمقها وتوسُّعِ أبعادها (مستواها)، وهو ما عَكَسَه الخطاب الإعلامي الخليجي في تَمَثُّلاته للذات الإيرانية؛ الأمر الذي يسمح بكشف أصناف هذا الخطاب وضروبه وأنماط معانيه وتصوُّراته لهذه الذات والأنا أيضًا؛ باعتباره أكثر الأجناس الصحفية المناسبة لهذه اللحظة. وشملت العينة المدروسة 170 مقالًا للرأي مُوزَّعة كالآتي: الرياض (63 مقالًا للرأي)، الشرق الأوسط (39)، الاتحاد (26)، الحياة (24)، الأنباء (9)، الأيام (6)، الراية (3).

 

وتعدُّ عينة الحصر الشامل أسلوبًا لجمع البيانات من كل فرد من أفراد المجتمع كما هي الحال في الإحصاء السكاني الذي تقوم به الدولة أو الإحصاءات اللازمة للبحوث المتباعدة زمنيًّا. انظر: هلال المزاهرة، منال، مناهج البحث الإعلامي، (دار المسيرة، الأردن، ط 1، 2014)، ص 114.

 

1. فاركلوف، نورمان، تحليل الخطاب: التحليل النصي في البحث الاجتماعي، ترجمة طلال وهبة، (المنظمة العربية للترجمة، بيروت، 2009).

2. Richardson, J. Analysing Newspapers: An Approach from Critical Discourse Analysis, (Palgrave Macmillan, New York, 2007).

3. Fowler, R. Language in the News: Discourse and Ideology in the Press, (Routledge, London, 1911).

4. عبيدي، مُنْيَة، التحليل النقدي للخطاب: نماذج من الخطاب الإعلامي، (كنوز المعرفة، ط 1، 2016).

5. Eysenck, H, Encyclopedia of Psychology Continuum, (Publishing Company, New York, 1981), p. 167.

6. جلال، سعد، أسس علم النفس العام، (مكتبة المعارف الحديثة، الإسكندرية، 1980)، ص 169.

7. بنكراد، سعيد، السيميائيات: مفاهيمها وتطبيقاتها، 2003، موقع سعيد بنكراد، (تاريخ الدخول: 19 إبريل/نيسان 2016):

http://www.saidbengrad.net/ouv/sca/sca2.htm

8. فاركلوف، نورمان، تحليل الخطاب، مرجع سابق، ص 39-40.

9. Fowler, R. Language in the News: Discourse and Ideology in the Press, p. 80-81.

10. بنيس، محمد، الشعر العربي الحديث: بنياته وإبدالاته، 1. التقليدية، (دار تبقال، الدار البيضاء، ط 1، 1989)، ص 77.

11. حمداوي، جميل، “لماذا النص الموازي؟”، موقع ندوة، بدون تاريخ، (تاريخ الدخول: 7 إبريل/نيسان 2016):

http://www.arabicnadwah.com/articles/muwazi-hamadaoui.htm

12. الجزار، محمد فكري، العنوان وسيميوطيقا الاتصال الأدبي، (الهيئة المصرية للكتاب، مصر، 1998)، ص 15.

13. استفاد الباحث من الخطاطة التي وضعها محمد رشيد في دراسته للعملية التواصلية والتداولية للعنوان “مدخل نظري لدراسة العنوان”؛ عندما قسَّم العناصر التواصلية العنوانية إلى الـمُعَنْوِن/المرسل، والرسالة/العنوان، والـمُعَنْوَن له/المرسل إليه.

http://www.diwanalarab.com/spip.php?page=article&id_article=38941

14. الحمد، سعيد، “الشيعة ليسوا جالية إيرانية”، الأيام، 11 يناير/كانون الثاني 2016، (تاريخ الدخول: 11 إبريل/نيسان 2016):

http://www.alayam.com/Article/courts-article/401738/الشيعة-ليسوا-جالية-إيرانية.html?vFrom=mpLWT

15. Richardson, J. Analysing Newspapers: An Approach from Critical Discourse Analysis, p. 47.

16. “هل صنعاء رابع عاصمة عربية سقطت بيد إيران”، الكلمة أون لاين، 22 سبتمبر/أيلول، (تاريخ الدخول: 19 إبريل/نيسان 2016): 

http://www.alkalimaonline.com/?p=202665

17. المري، عائشة، “إيران وتجاوز الخطوط الخليجية الحمراء”، الاتحاد، 7 يناير/كانون الثاني 2016، (تاريخ الدخول: 10 إبريل/نيسان 2016):

http://www.alittihad.ae/details.php?id=877&y=2016

18. محمد الشريف، مها، “نوايا إيران معقدة ولغة غامضة”، الرياض، 7 يناير/كانون الثاني 2016، (تاريخ الدخول: 13 إبريل/نيسان 2016):

http://www.alriyadh.com/1117167

19. الخميس، أميمة، “الدولة الشمولية”، الرياض، 9 يناير/كانون الثاني 2016، (تاريخ الدخول: 13 إبريل/نيسان 2016):

http://www.alriyadh.com/1117679

20. ابن عبد الله النعيم، مشاري، “إيران خارج الأعراف الدولية”، الرياض، 9 يناير/كانون الثاني 2016، (تاريخ الدخول: 13 إبريل/نيسان 2016):

http://www.alriyadh.com/1117678

21. عبيدي، منية، التحليل النقدي للخطاب، ص 201.

22. فندي، مأمون، المواجهة مع إيران حتمية وضرورة عربية، الشرق الأوسط، 12 يناير/كانون الثاني 2016، (تاريخ الدخول: 13 إبريل/نيسان 2016):

http://www.aawsat.com/print/541166

23. الناصر، عبد الله، الفُرس والتاريخ القذر، الرياض، 8 يناير/كانون الثاني 2016، (تاريخ الدخول: 13 إبريل/نيسان 2016):

http://www.alriyadh.com/1117586

24. سعيد، عبد المنعم، “ماذا نفعل مع إيران؟”، الشرق الأوسط، 13 يناير/كانون الثاني 2016، (تاريخ الدخول: 13 إبريل/نيسان 2016):

http://www.aawsat.com/print/542831

25. Van Dijk, Teun, “Politics, Ideology, and Discourse”, (Universitat Pompeu Fabra, Barcelona, 2006):

http://www.discourses.org/OldArticles/Politics, Ideology and Discourse.pdf

26. فاركلوف، نورمان، تحليل الخطاب، ص 298.

27. الباهلي، محمد، “هل ينتبه أنصار إيران؟”، الاتحاد، 8 يناير/كانون الثاني 2016، (تاريخ الدخول: 14 إبريل/نيسان 2016):

http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=87789

28. عبد الله اللحيدان، حمد، “وتكشَّفت الأجندة الفارسية أمام العالم بكل وضوح”، الرياض، 8 يناير/كانون الثاني 2016، (تاريخ الدخول: 14 إبريل/نيسان 2016):

http://www.alriyadh.com/1117488

29. ابن صالح عبد الله القزلان، أنس، تحليل استراتيجي للسياسة الإيرانية في المنطقة العربية، رسالة ماجستير، (جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، كلية العلوم الاستراتيجية، الرياض، 2015)، ص 223.

30. قطيش، نديم، “ورطة إيران بين الإمام الصدر ونمر النمر”، الشرق الأوسط، 8 يناير/كانون الثاني 2016، (تاريخ الدخول: 14 إبريل/نيسان 2016):

http://www.aawsat.com/print/538656

31. عبد الله اللحيدان، حمد، “وتكشَّفت الأجندة الفارسية أمام العالم بكل وضوح”، مرجع سابق.

32. ويكيليكس: السعوديون حثوا الولايات المتحدة على “قطع رأس الأفعى”، رويترز، 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2010، (تاريخ الدخول: 14 إبريل/نيسان 2016):

http://ara.reuters.com/article/topNews/idARACAE6AS00R20101129

33. الخميس، خلود، “كبرت رقعة ثوب إيران فانكشفت عورتها!”، الأنباء، 6 يناير/كانون الثاني 2016، (تاريخ الدخول: 15 إبريل/نيسان 2016):

http://www.alanba.com.kw/kottab/kholood-alkhamis/616249/06-01-2016-كبرت-رقعة-ثوب-إيران-فانكشفت-عورتها/

34. عيسى، بابكر، “مع الأحداث..اعتماد منهج التعايش والاحتواء”، الراية، 8 يناير/كانون الثاني 2016، (تاريخ الدخول: 15 إبريل/نيسان 2016):

  http://www.raya.com/writers/pages/739dc20c-6fc0-4e6e-91c3-0dc78bbc9982

د. محمد الراجي

مركز الجزيرة للدراسات