الجولان.. لماذا يعيدها؟

الجولان.. لماذا يعيدها؟

index

في السابع عشر من أبريل شد نتنياهو الرحال إلى الجولان السورية المحتلة منذ 1967 وعقد جلسة لمجلس وزرائه فيها، وأعلن أن إسرائيل لن تنسحب من مرتفعات الجولان، وأنها ستبقى تحت السيطرة الإسرائيلية إلى الأبد، مضيفاً أنه يرفض التنازل عنها لأي طرف، وأن الوقت قد حان كي يعترف العالم بأن الجولان إسرائيلية! وسؤالي في هذا السياق هو: لماذا يعيدها؟ لماذا يعيدها وسوريا صاحبة الأرض منكفئة على نفسها بين نظام لا يشغله سوى الحفاظ على سلطته في وجه ثورة شعبية على استبداد طال ما يقرب من نصف القرن، وإرهاب لا تعنيه الدولة السورية أصلاً، وقوى إقليمية وعالمية لها مشاريعها للهيمنة والسيطرة؟ بل إن النظام السوري حتى قبل أن يواجه مأزقه الحالي لم يطلق منذ 1973 طلقة واحدة من أجل الأرض المحتلة! ولماذا يعيدها والعرب أنفسهم قد تغيرت أولوياتهم بسبب هجمة إرهابية شرسة تحاول هدم دولهم، وقوى إقليمية وعالمية تحاول فرض مشاريع للهيمنة عليهم؟ كما أنهم اكتفوا منذ عقود بتقديم مبادرات للسلام مع إسرائيل لم تبدِ أدنى التفات لها، بل ولماذا يعيدها أو يعيد غيرها وحال الفلسطينيين على ما هو عليه من انقسام وتشرذم؟ ولماذا يعيدها وقد سبق لإسرائيل أن أعلنت ضم الجولان رسمياً في 1981 دون أن يحرك أحد ساكناً؟ ولماذا يعيدها وقد جرب من قبل أن يعلن أن حل الدولتين قد ولّى دون أن يجد رد فعل يردعه؟

وكالعادة فإنه بمجرد إدلائه بهذا التصريح انهالت بيانات الإدانة العربية عليه، وكان للكويت فضل الدعوة إلى اجتماع طارئ لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري، وانعقد المجلس بالفعل وأشبع إسرائيل بألفاظ الإدانة وأسهب في بيان مدى مجافاة القرار الإسرائيلي للقانون الدولي، ولكني لاحظت أن شيئاً عملياً لم يتم! وينبغي أن يكون واضحاً أنني لا أنتظر شيئاً خارجاً عن المألوف، والمألوف هنا هو العمل الدبلوماسي، وقد لاحظت أن مجلس الجامعة قد دعا مجلس الأمن كالعادة كي يتحمل مسؤولياته، فهل ينعقد من تلقاء نفسه أم يكلف المجلس الوزاري العربي المجموعة العربية في الأمم المتحدة بأن تدعو لعقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن، وخاصة أن أحداً لن يجرؤ على الانتصار لقرار يتناقض صراحة مع مبادئ القانون الدولي والقرارات الأممية في هذه القضية تحديداً، وعلى رأسها أول قرار اتخذه مجلس الأمن في أعقاب العدوان الإسرائيلي بعد هذا العدوان بستة أشهر أي في نوفمبر 1967 وتنص ديباجته صراحة على عدم جواز اكتساب الأراضي بالقوة، ناهيك عن البند الخاص بالانسحاب الذي حرصت إسرائيل على تفسيره بالطريقة التي تتسق وأحلامها التوسعية، ومع ذلك فإن ديباجة القرار حاسمة في إبطال أي ضم للجولان، أو لغيرها.

لن يعيد لنا حقوقنا قرار من مجلس الأمن، لا الجولان أو غيرها، ولكن لنسجل على الأقل اعتراضنا ولنحصل على قرار يتضمن رفضاً للقرار الإسرائيلي كما حدث في عام 1981 حين صدر القرار الإسرائيلي بضم الجولان فأصدر المجلس قراره رقم 497 لعام 1981 الذي نص على أن فرض إسرائيل قوانينها وسلطاتها وإداراتها في الجولان لاغٍ وباطل وغير ذي أثر قانوني، واعتبر أن ذلك القرار يمثل خرقاً فاضحاً لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة وآراء محكمة العدل الدولية في هذا الشأن، ولا أظن أن ثمة صعوبة على الإطلاق في تكرار هذه السابقة، فلا يمكن لأحد أن يوافق على انتهاك صريح لمبادئ القانون الدولي ونصوص القرارات الأممية ذات الصلة، وقد صرح المتحدث باسم الخارجية الأميركية بأن الجولان ليست جزءاً من إسرائيل، وأكد أن موقف واشنطن من هذه المسألة ثابت منذ فترة طويلة عبر الإدارات الأميركية المختلفة، وأن مصير الجولان يجب أن يتحدد في المفاوضات التي لا يسمح الوضع الحالي بإجرائها، وحذت الخارجية الألمانية حذو نظيرتها الأميركية، ولا يمكن أن تخرج أي دولة محترمة عن هذا الموقف، وأكرر أنه قد يقال وما جدوى قرار جديد؟ والحقيقة أنه لا جدوى عملية من ورائه ولكنه سيكون بمثابة صك إثبات ملكية إلى أن يجيء يوم قد تتوفر لنا القدرة فيه على استعادة حقوقنا.

د. أحمد يوسف أحمد

نقلا عن صحيفة الاتحاد