كيري يهدد موسكو أم يحذرها: لا تكرروا مستنقع أفغانستان في سوريا

كيري يهدد موسكو أم يحذرها: لا تكرروا مستنقع أفغانستان في سوريا

_80076_4

توقف المراقبون عند الرسائل التي حملتها تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري لقناة “سي أن أن” الأميركية حول الموقف من الشأن السوري، لا سيما الدور الروسي فيها.

وقال جون كيري، إن لدى روسيا عددا من المصالح في سوريا، مؤكدا على أهمية دفعها في اتجاه التوصل إلى حل سياسي إذا أرادت تفادي ما وصفه بـ”المستنقع السوري”.

وأضاف “روسيا تتصيد الحل السياسي الذي تريده في سوريا، ولا يعني هذا بالضرورة أن تلك معادلة يمكن العمل بها، ونحن نفهم ذلك جيدا، ولكن ما كان بإمكاننا التوصل إلى وقف إطلاق للنار مبدئي دون روسيا، وذلك أدى إلى إنقاذ آلاف الأرواح”.

وحملت تصريحات كيري معاني ذات وجهين ترواح ما بين النصيحة والتهديد في معرض تقييم الوزير الأميركي للأداء الروسي في سوريا.

وأشار إلى أن “لدى روسيا مصلحة في عدم انغماسها في سوريا، ولديها مصلحة أيضا في عدم التحول إلى هدف بالنسبة للعالم السني بأكمله ويطاردها كل جهادي في المنطقة”.

ولم تفهم بعض الأوساط الدبلوماسية ما إذا كانت تلك التصريحات المحذرة تستبطن تهديدا لروسيا يذكّرها بالدور الذي لعبه “الجهاديون” في تقويض الدولة السوفييتية أثناء الحرب الأفغانية.

ورأى خبراء أنه لا مجال لمقارنة ظروف حرب أفغانستان بظروف الحرب في سوريا، ذلك أن الجماعات الجهادية آنذاك كانت مدعومة من واشنطن ومن أجهزة عربية في إطار الحرب الباردة، فيما كافة هذه الأطراف أجرت قطيعة تامة رسميا مع كافة الجماعات، وهي تنسق نظريا في ما بينها الحرب الحالية ضد الإرهاب.

إلا أن محللين سياسيين روسا توقفوا عند كلام كيري الذي يشير إلى ضرورة دفع روسيا في اتجاه التوصل إلى حل سياسي إذا أرادت تفادي ما وصفه بـ”المستنقع السوري”.

ويرى مراقبون أن الوزير الأميركي يذكّر من خلال تصريحاته بالمستنقعات التي غرقت فيها بلاده في فيتنام كما في تلك الي غرقت فيها موسكو في أفغانستان، علما أنه كان للدولتين الدور الأساسي في إغراق بعضهما البعض في تلك المستنقعات.

ومع ذلك لا يرى كيري، حتى الآن، أنه بالإمكان تحقيق وقف لإطلاق النار وإنتاج عملية سياسية دون روسيا، رغم أنها “تتصيد الحل السياسي الذي تريده في سوريا، ولا يعني هذا بالضرورة أن تلك معادلة يمكن العمل بها، ونحن نفهم ذلك جيدا”.

وكان وزير الخارجية الأميركي قد أدلى بتصريحات طالب فيها بشار الأسد بالرحيل عن السلطة أوائل أغسطس المقبل، في تطور لم يفهم ما إذا كان لا يعدو كونه تهويلا إعلاميا أو يعكس خططا تُعد لها الإدارة الأميركية صيف هذا العام.

وتأتي نصائح كيري المقدمة بطعم التهديد بعد تطوّر لافت للموقف الأوروبي إزاء المسألة السورية ظهر من خلال اجتماع دعت إليه ألمانيا عقد في برلين في الرابع من الشهر الجاري، وضم المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات المعارضة المنبثقة رياض حجاب ووزيري خارجية فرنسا وألمانيا والمبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، وتلاه اجتماع في باريس لأصدقاء سوريا عقد الاثنين الماضي ضم وزراء خارجية وممثلين عن عشر دول لدعم المعارضة السورية، ناهيك عن الدعوة التي أطلقتها لندن وباريس لعقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن قبل ذلك لمناقشة الوضع في حلب. وقد اعتبر المراقبون أن ذلك يعبر عن امتعاض أوروبي خليجي من الدور الروسي الأميركي الذي يهيمن على المقاربة الدولية العسكرية والدبلوماسية في سوريا.

وكانت أوساط في المعارضة السورية لمحت إلى عزم على قيام تحالف أوروبي خليجي يقيم توازنا إزاء ثنائية موسكو وواشنطن.

ويرى دبلوماسيون أن واشنطن تسعى من خلال “نصائح” كيري إلى التخفيف من وقع “العتب” الأوروبي، لا سيما أن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تكون شريكا ندا لروسيا في معالجة الوضع السوري دون تغطية ودعم من الشركاء الأطلسيين، خصوصا الأوروبيين.

صحيفة العرب اللندنية