أبدت روسيا شكوكا حيال فرص نجاح العملية العسكرية التي أعلنت قوات سوريا الديمقراطية عن انطلاقتها الثلاثاء، لطرد تنظيم الدولة الإسلامية من شمال محافظة الرقة، معقله الرئيسي في سوريا.
واستدركت موسكو بالقول على لسان وزير خارجيتها سيرجي لافروف بأنها “مستعدة لتنسيق الجهود مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ومع الأكراد من أجل تحرير المدينة من قبضة داعش”.
وقال لافروف “لا أستطيع تأكيد ما إذا كانت الأنباء حول بدء مثل هذه العمليات تتناسب مع الواقع، إلا أنني أعلن بكامل المسؤولية أننا مستعدون لمثل هذا التنسيق”.
وأكد أن الرقة هي أحد أهداف التحالف المناهض للإرهاب، شأنها في ذلك شأن الموصل العراقية، مضيفا “نحن على قناعة بأنه كان من الممكن تحرير هاتين المدينتين بفعالية أكثر وبشكل أسرع في حال بدء عسكريينا تنسيق خطواتهم في مرحلة مبكرة”.
واعتبر لافروف أن الوقت لم يفت بعد وأن هناك فرصة لتحقق مثل هذا التنسيق، مشددا على “أن الطيران الحربي الروسي يجب أن يعمل بالتنسيق مع القوات الجوية للتحالف لمساعدة من يحارب الإرهابيين على الأرض، وقبل كل شيء الجيش السوري وكذلك مختلف وحدات القوات الكردية، بما في ذلك الجناح المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي”.
وكان من المنتظر أن تنطلق معركة تحرير الرقة من سيطرة تنظيم داعش بالتوازي مع عملية لطرده من الموصل شمال العراق.
ولكن يبدو أن هناك تعديلا على خطط الإدارة الأميركية حيال ذلك بإعلان بدء تحرير الرقة مسبقا، الأمر الذي أربك موسكو التي كانت تتطلع لدور في هذه العملية.
وطالما دعت موسكو واشنطن إلى تعزيز التعاون في سوريا وعدم حصره في تبادل المعلومات أو لتفادي الاصطدام في سماء سوريا المزدحمة.
وقال لافروف الثلاثاء، “إن موسكو وواشنطن اتفقتا على الشروع في التنسيق الفعلي لعمليات محاربة الإرهاب في سوريا”، مضيفا أن عسكريي البلدين يبحثون حاليا المسائل المتعلقة بهذا التنسيق بالتفصيل.
ويستبعد محللون قبول واشنطن بالعرض المقدم من موسكو بخصوص معركة الرقة لأن الجانب الأميركي لا يرغب في أن يشاهد نظيره الروسي يشارك في أهم معركة ضد داعش بشكل يمهد الطريق لقوات النظام كي تعود إلى الرقة. وبنفس الوقت، لا ترغب واشنطن في أن تعطي شرعية للأسد بهذه المعركة.
والنقطة الأهم والتي تجعل من واشنطن ترغب في إبقاء روسيا بعيدة عن معركة الرقة، هي أنها تريد تركيز نفوذ لها في شمال سوريا لا ينافسها فيه أحد، وذلك بالاعتماد على تحالف سوريا الديمقراطية على الأرض.
وتحالف سوريا الديمقراطية تشكل في العام 2015 ويضم فصائل عربية وسريانية وأرمنية، ولكن العنصر الغالب فيه هم الأكراد وأساسا وحدات حماية الشعب الجناح العسكري للاتحاد الديمقراطي الذي تتهمه أنقرة بموالاته لحزب العمال الكردستاني.
وأعلن التحالف في وقت سابق، عن بدء عملية عسكرية في شمال الرقة التي أعلنها داعش في العام 2014 عاصمة لخلافته.
وبدأت قوات سوريا الديمقراطية هجومها من مدينة تل أبيض المحاذية للحدود مع تركيا، ومن مدينة عين عيسى على بعد أكثر من خمسين كيلومترا عن مدينة الرقة.
وكان المقاتلون الأكراد طردوا داعش من تل أبيض في يونيو 2015 ومن عين عيسى يوليو من العام ذاته.
وأكد رئيس المركز الكردي للدراسات، نواف خليل في تصريحات لـ“العرب” أن “معركة الرقة لن تكون سهلة كباقي المعارك سواء كوباني أو تل أبيض أو شدادي ولكنها أيضا لن تكون مستحيلة”.
وأوضح خليل المقرب من قوات سوريا الديمقراطية أن هناك حرصا من قبل واشنطن على طرد داعش، مشددا على “أن معركة الرقة مهمة جدا وقد تغير خارطة المنطقة”.
ومعلوم أن الأكراد في سوريا لهم طموحات كبيرة تجاه تركيز حكم ذاتي في شمال سوريا.
ويحرص الأكراد على كسب الجميع لتحقيق هذا الهدف، فإلى جانب علاقتهم المتقدمة مع الولايات المتحدة لهم أيضا علاقات جيدة مع روسيا التي قبلت بفتح مكتب تمثيلي لحزب الاتحاد على أراضيها.
ولكن وكما أكد رئيس المركز الكردي للدرسات ليس بوسع أي طرف محلي رفض أو قبول مشاركة الروس في عملية الرقة، لافتا إلى أن التنسيق الروسي الأميركي سيكون قراره بناء على رد واشنطن.
صحيفة العرب اللندنية