أشارت «أوبك» في تقرير أخير عن أسواق النفط خلال النصف الثاني من العام الحالي، الى استقرار الأسواق نتيجة تحسن عوامل العرض والطلب. فيما تتوقع «وكالة الطاقة الدولية» استمرار استقرار الأسواق خلال عام 2017، لكن مع استبعاد ارتفاع كبير للأسعار قبل التخلص من المخزون العالمي.
وتتوقع المنظمة ان يستمر ازدياد الطلب العالمي على النفط 1.2 في المئة مقارنة بالعام الماضي: من الدول الصناعية متمثلاً بارتفاع استهلاك وقود المواصلات أثناء فصل الصيف، وارتفاع الطلب على وقود التدفئة في الدول الواقعة في النصف الشمالي من الكرة الارضية بحلول نهاية السنة، ومن القارة الآسيوية، بخاصة الهند، 400 ألف برميل يومياً مقارنة بالعام الماضي. وكذلك من الصين حيث ستكمن زيادة الطلب في قطاعي البتروكيماويات والمواصلات، بينما سينخفض الطلب من القطاع الصناعي عموماً الذي يتوقع استمرار انكماشه.
وبالنسبة للعرض، ترجح «أوبك» ان تنخفض الإمدادات من الدول غير الأعضاء، 140 ألف برميل يومياً، أو نحو مليون برميل يومياً أقل من الامدادات من هذه الدول خلال 2015. والمؤشرات هي: ازدياد الامدادات من الدول النامية نحو 270 ألف برميل يومياً مقارنة بإنتاج هذه المجموعة خلال النصف الأول من العام الحالي، بينما يتوقع انخفاض الانتاج من الدول الصناعية (الولايات المتحدة وبحر الشمال) 270 ألف برميل يومياً مقارنة بمعدل الانتاج للنصف الأول من 2016، ومن دول الاتحاد السوفياتي سابقاً 200 ألف برميل يومياً، منها نحو 120 ألفاً من روسيا. ثم أن يزداد انتاج الصين 60 ألف برميل يومياً، والبرازيل 120 ألفاً، نظراً الى بدء الانتاج من حقلين جديدين. أما في الولايات المتحدة، وعلى رغم توقع زيادة الانتاج من خليج المكسيك، فينتظر انخفاض المخزون التجاري النفطي، بخاصة في النصف الثاني من 2017. ويرجح ان ينخفض مجمل الانتاج الأميركي 150 ألف برميل يومياً خلال النصف الثاني من العام الحالي، مقارنة بالنصف الأول. وفي كندا، تتوقع زيادة الانتاج حتى نهاية هذه السنة، مقارنة بالنصف الأول، نحو 60 ألف برميل يومياً بسبب عودة الانتاج من بعض المناطق التي اجتاحتها النيران.
تستنتج «أوبك»، أن الفائض في الأسواق سينخفض خلال الفصلين المتبقيين من السنة، بل تشير الى أن فائض المخزون قد بدأ ينحسر فعلاً. ويخلص التقرير الى الآتي: « في حال وضوح الصورة في شكل أوفى لكل من العرض والطلب، فإن الأوضاع الاقتصادية العالمية تشير الى توازن أكبر لأسواق النفط بحلول نهاية السنة. ففي النصف الثاني منها، يتوقع أن يبلغ الطلب على نفوط «أوبك» معدل 32.6 مليون برميل يومياً».
تشير «وكالة الطاقة الدولية» الى بعض التفاؤل لعام 2017، نظراً الى التضخم والمغالاة في حجم فائض المخزون التجاري النفطي العالمي. فالرقم المتداول والسائد في النصف الأول من العام الحالي عن الزيادة اليومية في المخزون كان نحو 1.5 مليون برميل يومياً. اما الآن، فإن الرقم المعروف هو 800 ألف برميل يومياً. ويعود السبب في هذا التباين في الأرقام الى ان معدل زيادة الطلب هذه السنة هي أعلى كثيراً مما كان معروفاً سابقاً. فالأرقام المتوافرة تدل إلى ان هذه الزيادة تشكل 1.6 مليون برميل يومياً أكثر من العام الماضي، وليس زيادة 1.2 مليون برميل يومياً، كما كان متداولاً في اوائل هذا العام. وقد لعب النمو الصناعي الكبير في الهند دوراً مهماً في تغيير أرقام الطلب هذه. والآن نشاهد أيضاً زيادة الطلب على البنزين في الولايات المتحدة بنحو 255 ألف برميل يومياً، او 2.8 في المئة خلال هذا العام.
تشير الوكالة أيضاً الى الانقطاعات والتدهور في انتاج كندا نظراً الى الحرائق الضخمة هناك. فقد أدت هذه الحرائق الى خفض الطاقة الانتاجية لكندا 1.5 مليون برميل يومياً. وأدت هجمات الميليشيات النيجيرية على الحقول النفطية في دلتا النيجر، الى خفض انتاج البلد الى أقل معدل منذ 30 سنة. ولا تزال ليبيا تنتج بمعدلات منخفضة جداً، تتراوح ما بين 300 و500 ألف برميل يومياً، مقارنة بطاقتها الانتاجية في نهاية العهد السابق البالغة 1.6 مليون برميل. وبينما هناك دلائل على عودة بعض الانتاج الذي تم إغلاقه في كندا، يشير التقرير الى أن الدلائل غير مشجعة على عودة ليبيا او نيجيريا لطاقتهما الانتاجية السابقة. وكذلك في فنزويلا، حيث الاضطرابات السياسية تتفاقم بسرعة وتؤثر بدورها على الطاقة الانتاجية، ولا يبدو أنها على وشك الإنتهاء قريباً. وإضافة الى هذه «الانقطاعات غير المتوقعة»، فإن توقعات الوكالة هي تواجد انخفاض اضافي بسبب تدهور الأسعار خلال السنتين الماضيتين وانحسار الاستثمارات في تطوير الحقول النفطية.
تستنج الوكالة أن الصورة المتوافرة منتصف العام الحالي هي «توازن الأسواق»، لكن يجب ألا ننسى» أن هناك طاقة انتاجية ضخمة مغلقة في كل من ليبيا ونيجيريا، ما يمكنها من العودة الى الأسواق. كما هناك امكان عدم استمرارية الطلب العالي». وتضيف الوكالة «في النهاية، يجب ألا ننسى ان بعد ثلاث ستوات متتالية من ازدياد المخزون بمعدل مليون برميل يومياً، لا يزال هناك مخزون فائض ضخم يجب التخلص منه. هذا المخزون سيخيب الآمال في توقع زيادة عالية للأسعار».
يستنتج من هذين البحثين، ان هناك احتمالاً جيداً لاستقرار الأسواق (يعني عدم العودة الى القاع لمعدل 30 دولاراً او أقل)، وفي الوقت ذاته، هناك احتمال ارتفاع تدريجي وقليل للأسعار. ونظراً الى استمرار تواجد المخزون النفطي الفائض، وصعوبة التخلص منه في القريب العاجل، فإن إمكان زيادة كبيرة للأسعار هو أمر صعب وغير متوقع في المستقبل المنظور.
وليد خدوري
صحيفة الحياة اللندنية