مع مضي الولايات المتحدة في تحالفها مع كرد سورية، على الرغم من تحذيرات الحليف التاريخي تركيا، ثمّة سؤال جوهري يطرحه كثيرون: هل ما يدفع واشنطن إلى هذا التحالف هو قناعتها بعدالة القضية الكردية، كقضية شعب ظلم عبر التاريخ وحرم من حقوقه الأساسية… أم تطلعها إلى استخدام الكرد أداة في حربها ضد “داعش” وربما ابتزاز تركيا أردوغان ؟ إذا كانت الحكمة في السياسة تقتضي عدم الإجابة بنعم أو لا عن سؤالٍ كهذا، فإن هذه الإجابة تتطلب، على الأقل، معرفة دوافع الطرفين وأهدافهما من التحالف الجاري، خصوصاً بعد أن أصبح هذا التحالف أحد أهم مسارات العمل العسكري على الجغرافية السورية.
لا شك في أن الكرد الذين يعيشون في محيطٍ تشوبه الصراعات والحروب، ويفتقر إلى الثقة، يطمحون إلى نوعٍ من الحماية والتحالفات الدولية، ولاسيما مع دولةٍ من وزن الولايات المتحدة، إذ لديهم مخاوف دفينة، بسبب ما تعرّضوا له تاريخياً من حروب وإقصاء. ويُضاف إلى هذا العامل تطلعهم إلى التسليح وبناء قوةٍ ذاتيةٍ، لتحقيق تطلعاتهم القومية في ظل الصعود الكردي في عموم المنطقة، فضلاً عن جلب اعتراف إقليمي ودولي بحقوقهم القومية، ولاسيما بعد الإعلان عن التوجه إلى إقامة الفيدرالية.
في المقابل، تدرك واشنطن أهمية الكرد عاملاً ديمغرافياً مهماً في منطقة تشهد حروباً وتطوراتٍ دراماتيكية، وبالتالي، أهمية استثمار هذا العامل لاعباً على أرض المعركة، خصوصاً أن وحدات حماية الشعب أثبتت جدارتها في الحرب ضد داعش، إذ كانت معركة كوباني – عين العرب فاصلةً لجهة الثقة باللاعب الكردي من جهة. ومن جهةٍ ثانية، في التأسيس للتحالف الأميركي – الكردي، لتشهد العلاقات بين الجانبين مرحلةً جديدة، إذ شهدنا بعد ذلك زيارات علنيةً لكبار المسؤولين الأميركيين إلى المناطق الكردية، وسط حديثٍ عن إقامة مطارات وقواعد عسكرية أميركية في هذه المناطق، وإقامة غرفٍ عسكريةٍ مشتركة لإدارة المعارك، حيث باتت المعارك التي تخوضها “وحدات حماية الشعب” و”قوات سورية الديمقراطية” بحماية جوية أميركية.
ثمّة من يعتقد أن واشنطن تتذرّع بمحاربة داعش لدعم كرد سورية، وتوسيع المناطق التي سيطروا عليها، بغية منحهم حكماً ذاتياً، وصولاً إلى جعل تقسيم سورية ممكناً. وعليه، يرى هؤلاء أن هذا هو السبب الحقيقي لعدم إعطاء واشنطن البال للتحذيرات التركية المتكرّرة، وحتى للمقترحات التركية الكثيرة بالاستعداد لعملياتٍ عسكريةٍ مشتركة ضد داعش، والمضي في تحالفها مع الكرد الذين بات تقدمهم شمالاً يثير قلق أنقرة ويدفع أردوغان إلى التحذير يومياً من العواقب، والتهديد بالتدخل عسكرياً. وفي العمق، يدرك أردوغان أن تداعيات التقدّم الكردي سورياً سينعكس على تطلعات كرد تركيا ومطالبهم.
لعل تطوّر الأمور على هذا النحو دفع بالجدل في الداخل التركي إلى الحديث عن خياراتٍ صعبة، منها ضرورة انفتاح الدبلوماسية التركية على روسيا وإيران، بل وحتى النظام السوري للحدّ من تداعيات الصعود الكردي على الأمن القومي التركي، ومنها، لا بد من اللجوء إلى الخيار العسكري، على اعتبار أن كلفة الانتظار باتت أكبر من التدخل العسكري. وإلى جانب الخيارين، ثمّة من يسأل عن عدم الحكمة في عدم انفتاح أنقرة على حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب، خصوصاً وأن مثل هذا الانفتاح سيخفّف من الخلافات مع الحليف الأميركي، ويجعل من تركيا أكثر قوة تجاه دور اللاعب الكردي ومآلاته في داخل سورية وتركيا. عودة إلى سؤال المقدمة عن مآل التحالف الأميركي – الكردي، ينبغي القول إن النتائج على الأرض تشي، حتى الآن، بأن الكرد أحد أهم المستفيدين، إن لم نقل المنتصرين، وهو ما يجعلهم لاعباً في رسم مستقبل سورية حرباً أو تسوية، فيما الجانب الأميركي يحقّق أهدافه من هذا التحالف، سواء أكان المخطط هو التقسيم بعد مائة عام من سايكس – بيكو، أو الاستخدام المؤقت للورقة الكردية في المعركة المفتوحة على كل الاحتمالات.
لا شك في أن الكرد الذين يعيشون في محيطٍ تشوبه الصراعات والحروب، ويفتقر إلى الثقة، يطمحون إلى نوعٍ من الحماية والتحالفات الدولية، ولاسيما مع دولةٍ من وزن الولايات المتحدة، إذ لديهم مخاوف دفينة، بسبب ما تعرّضوا له تاريخياً من حروب وإقصاء. ويُضاف إلى هذا العامل تطلعهم إلى التسليح وبناء قوةٍ ذاتيةٍ، لتحقيق تطلعاتهم القومية في ظل الصعود الكردي في عموم المنطقة، فضلاً عن جلب اعتراف إقليمي ودولي بحقوقهم القومية، ولاسيما بعد الإعلان عن التوجه إلى إقامة الفيدرالية.
في المقابل، تدرك واشنطن أهمية الكرد عاملاً ديمغرافياً مهماً في منطقة تشهد حروباً وتطوراتٍ دراماتيكية، وبالتالي، أهمية استثمار هذا العامل لاعباً على أرض المعركة، خصوصاً أن وحدات حماية الشعب أثبتت جدارتها في الحرب ضد داعش، إذ كانت معركة كوباني – عين العرب فاصلةً لجهة الثقة باللاعب الكردي من جهة. ومن جهةٍ ثانية، في التأسيس للتحالف الأميركي – الكردي، لتشهد العلاقات بين الجانبين مرحلةً جديدة، إذ شهدنا بعد ذلك زيارات علنيةً لكبار المسؤولين الأميركيين إلى المناطق الكردية، وسط حديثٍ عن إقامة مطارات وقواعد عسكرية أميركية في هذه المناطق، وإقامة غرفٍ عسكريةٍ مشتركة لإدارة المعارك، حيث باتت المعارك التي تخوضها “وحدات حماية الشعب” و”قوات سورية الديمقراطية” بحماية جوية أميركية.
ثمّة من يعتقد أن واشنطن تتذرّع بمحاربة داعش لدعم كرد سورية، وتوسيع المناطق التي سيطروا عليها، بغية منحهم حكماً ذاتياً، وصولاً إلى جعل تقسيم سورية ممكناً. وعليه، يرى هؤلاء أن هذا هو السبب الحقيقي لعدم إعطاء واشنطن البال للتحذيرات التركية المتكرّرة، وحتى للمقترحات التركية الكثيرة بالاستعداد لعملياتٍ عسكريةٍ مشتركة ضد داعش، والمضي في تحالفها مع الكرد الذين بات تقدمهم شمالاً يثير قلق أنقرة ويدفع أردوغان إلى التحذير يومياً من العواقب، والتهديد بالتدخل عسكرياً. وفي العمق، يدرك أردوغان أن تداعيات التقدّم الكردي سورياً سينعكس على تطلعات كرد تركيا ومطالبهم.
لعل تطوّر الأمور على هذا النحو دفع بالجدل في الداخل التركي إلى الحديث عن خياراتٍ صعبة، منها ضرورة انفتاح الدبلوماسية التركية على روسيا وإيران، بل وحتى النظام السوري للحدّ من تداعيات الصعود الكردي على الأمن القومي التركي، ومنها، لا بد من اللجوء إلى الخيار العسكري، على اعتبار أن كلفة الانتظار باتت أكبر من التدخل العسكري. وإلى جانب الخيارين، ثمّة من يسأل عن عدم الحكمة في عدم انفتاح أنقرة على حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب، خصوصاً وأن مثل هذا الانفتاح سيخفّف من الخلافات مع الحليف الأميركي، ويجعل من تركيا أكثر قوة تجاه دور اللاعب الكردي ومآلاته في داخل سورية وتركيا. عودة إلى سؤال المقدمة عن مآل التحالف الأميركي – الكردي، ينبغي القول إن النتائج على الأرض تشي، حتى الآن، بأن الكرد أحد أهم المستفيدين، إن لم نقل المنتصرين، وهو ما يجعلهم لاعباً في رسم مستقبل سورية حرباً أو تسوية، فيما الجانب الأميركي يحقّق أهدافه من هذا التحالف، سواء أكان المخطط هو التقسيم بعد مائة عام من سايكس – بيكو، أو الاستخدام المؤقت للورقة الكردية في المعركة المفتوحة على كل الاحتمالات.
خورشيد دلي
صحيفة العربي الجديد