قد يصدق أولئك الذين يأملون أن تشهد أسعار النفط ارتفاعًا، تصريح وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، الذي أفاد فيه أن “المملكة العربية السعودية لم تتوصل بعد إلى مناقشات موضوعية فيما يتعلق بمستوى إنتاج منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)”، وأنه “لا يرى ضرورة لفرض تدخل كبير في السوق”؛ لأنه يرى أنها تتحرك في الاتجاه الصحيح وأن الطلب يرتفع بشكل إيجابي وكبير في جميع أنحاء العالم، ولكن هل ما يقوله صحيح؟ هذا الرسم البياني يؤكد العكس تمامًا:
يبين هذا الرسم البياني التوجه الجديد الذي شرعت فيه حكومة المكسيك في شهر يونيو المنصرم، والمتمثل في شراء عقود نفط حذرة لسنة 2017، وذلك من أجل ضمان احتياطي الدولة من النفط في المستقبل ولتحوط من تقلبات الأسعار، شرعت المكسيك في هذا التوجه عندما كانت تقييمات المستقبل في ذروتها.
تعتبر حكومة المكسيك من أكثر الدول نجاحًا في كل ما يتعلق بالتحوط، لأنها دائمًا ما تكون على حق وهذا يساعدها على تقرير الاتجاهات والتوجهات، وتعمدت المكسيك شراء العقود قبل موعدها هذه السنة مقابل 49 دولار للبرميل الواحد، وهي خطوة من شأنها جعلنا نرجح ارتفاع أسعار النفط في المدة القادمة، ويوضح الرسم البياني التالي هذه الحقائق
يبين هذا الرسم البياني أن مخزون الولايات المتحدة من النفط الخام قد بلغ 1.4 مليار برميل، وهذا يعد رقمًا قياسيًا بالنسبة لها ارتفع بنسبة 40 بالمائة على المعدل العام الذي تشهده منذ 25 سنة، كما يبين الرسم البياني التالي قيمة الديون التي وصلت إليها الدول الرائدة في قطاع النفط في 2014، والتي تجاوزت 184 مليار دولار، خاصةً مع تباطؤ الطلب الصيني على النفط.
كما يكشف هذا الرسم البياني عزم العديد من دول العالم، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، على التخلي على نفط المملكة العربية السعودية وسعيها لوضع إجراءات وحلول بديلة، وذلك بهدف تثبيت حماية ضد أي تقصير ينجر عن هذه الأخيرة.
أظهرت المملكة العربية السعودية في الأسابيع الأخيرة خوفها الذي أصبح واضحًا، ويسلط هذا الرسم البياني الضوء على اتجاه أخر يوضح أسباب سعي هذه الدول إلى الشروع في إجراءات تؤمن لهم حماية فيما يتعلق بالنفط.
تعتبر هذه الإجراءات دليلاً على الأزمة الاقتصادية التي ستعيش على وقعها المملكة العربية السعودية، فيما استنزفت الحرب في اليمن جزءًا كبيرًا من خزائن المملكة العربية السعودية وستساهم مواصلتها في هذه الحرب، إلى جانب انخفاض أسعار النفط، في تصعيد الأزمة الاقتصادية، التي بدأت بالتأثير على البنوك في السعودية، كما تبين الرسوم البيانية التالية:
أجرى وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، زيارة إلى الرياض بهدف مناقشة الوضع الذي تشهده اليمن، بعد مرور أيام على المظاهرة التي ضمت ما يربو عن 100 ألف يمني، وانتهت لصالح المتمردين الحوثيين وبعد بضعة أسابيع من إرسال الكونجرس أسلحة لفائدة المملكة العربية السعودية مقابل 1.5 مليار دولار.
ويمكن اعتبار المملكة العربية السعودية أمام خطر داهم هذه المرة من خلال تصريح مؤسس لجنة حقوق الإنسان الإسلامية في لندن، مسعود شجرة، الذي نفى فيه تورط إيران المباشر في الصراع اليمني، وأكد فيه أن “القوات البرية والبحرية الإيرانية والميليشيات لا يمكنها المرور إلى اليمن، إضافة إلى ذلك، طهران لم تقحم قواتها الجوية”.
وأردف شجرة أن “المملكة العربية السعودية تسعى فقط لتعزيز دورها المهيمن في المنطقة، وذلك بهدف المحافظة على نفوذ عائلة آل سعود”، وانتقد سياسة الرياض مع اليمن وقال إن هذه الحرب لا تخدم سوى غرض واحد واضح وتهدف فقط إلى جعل اليمن تحت سلطة المملكة، من خلال تنصيب رئيس لليمن يكون خادمًا لعائلة آل سعود، واستنكر تورط الدول الغربية في هذه الحرب، كالولايات المتحدة وبريطانيا، من خلال الأسلحة التي مكنت هذه الدولة من مهاجمة واحدة من أفقر الدول في العالم ومن قتل الآلاف من الأبرياء.
أشار مسعود شجرة أن “دعم الولايات المتحدة وبريطانيا جعلهما المسؤولين الأولين عن المأساة التي تعيشها اليمن اليوم، فلولا دعمهما وموافقتهما الضمنية، لما تمكنت المملكة العربية السعودية من قصف المؤسسات والمستشفيات والمدارس”.
تكشف الحقيقة أن الغرب يلعب دورًا محوريًا إلى جانب المملكة العربية السعودية ومسؤولاً عن الجرائم التي أنتجتها الحرب، كونه ساهم في دعمها عسكريًا وأقحم القادة العسكريين لتسهيل مهمة ضرب الأهداف المركزية في اليمن، وقد أكد مسعود شجرة أن “نفوذ المملكة العربية السعودية ينبع من صداقتها مع الدول الغربية، وخاصةً الولايات المتحدة، التي تطمح وبريطانيا من خلال هذه الصداقة إلى تحقيق مصالحها النفطية والجيوسياسية”.
حققت هاتان الدولتان جزءًا كبيرًا من هذه المصالح وستكون نهاية صداقتهما مع الرياض عن طريق المتمردين الحوثيين، الذين تحولوا إلى آلة حرب تعمل ضد القوات السعودية وقادرة على هزمهم، وأضاف شجرة أن “استكبار المملكة العربية السعودية يمنعها من الاعتراف بالهزيمة، ولكن هذا ما حصل بالفعل”.
تؤكد التنبؤات على النظام السعودي على وشك الانهيار، ولكن زيارة جون كيري والأهداف الحربية التي وضعها مع الحكومة البريطانية قد تزيد من التخوفات حول مصير الحرب في اليمن، بالإضافة إلى الولايات المتحدة وبريطانيا، تسعى روسيا إلى فرض سيطرتها على اليمن، أيادي الغرب ملطخة بدماء اليمنيين ولكن الأعين كلها متجهة نحو هدف أخر.
ريسكيو كالكولادو – التقرير