لم تتخذ حكومة حيدر العبادي في العراق أي إجراء ضد التهديدات التي أطلقها ويطلقها قادة ميليشيات طائفية تابعة لإيران في العراق ضد السعودية ودول الخليج، وضد البعثات الديبلوماسية، خصوصاً التي تركزت على السفير السعودي لدى بغداد.
ورغم كثرة هذه التهديدات وظهورها بالصوت والصورة لم تُصدر حتى بياناً واحداً لتقول فيه إن هذا لا يعبّر عنها، مع أن بعض أولئك من ميليشيات متنفذة هي مشاركة في السلطة السياسية بصورة أو أخرى. كما أنها لم تحاكم طائفياً قتلاً أو حرقاً، سواء كان بلباس الميليشيات الطائفية أو بلباس قوات الجيش أو الشرطة الاتحادية العراقية، واستمر التهجير القسري والخطف تحت غطاء محاربة «داعش»!
حكومة العبادي ليست إلا امتداداً لحكومة أمين حزب الدعوة الطائفي نوري المالكي، الذي يتبعان له كلاهما، لكنها بوجه مختلف، أكثر تقية وصمتاً في ما يتعلق بحقوق السُنّة في العراق وفي حقوق الجيران من دول الخليج، في مقابل وقاحة سياسية طبعت شخصية نوري المالكي وسياسته.
حكومة حيدر العبادي للعراق هي فترة تهيئة وإعادة ترتيب أوراق لمزيد من تجذير الهيمنة الإيرانية على بلاد الرافدين، والعراق مقبل على تولي قادة الميليشيات الطائفية زمام الحكم، فمع ضعف الجيش العراقي يجري إضعافه وتقوية الميليشيات، والصراعات بين هذه الميليشيات على المناصب تتم وفق إشراف ومرجعية إيرانية. وأميركا ليست غائبة عما يحدث، لكن لها أهدافها الخاصة التي لا تتعارض في المدى المنظور القريب مع أهداف إيران.
وكما استخدمت واشنطن الحرب على الإرهاب لزرع الفتن والحروب والابتزاز الاقتصادي في الدول العربية والإسلامية تستخدمها إيران في شكل مختلف، فهي تزرع الميليشيات الطائفية داخل الدول العربية، ثم تسوّقها بواجهات سياسية للسيطرة على هذه الدول، وفي الوقت نفسه تقوم على التغيير السكاني بالتهجير الطائفي في العراق وسورية، لغرس واقع مختلف.
عبد العزيز السويد
نقلا عن الحياة