في حدث تم الترويج له على نطاق واسع في 1 تشرين الأول/ أكتوبر، كشف «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني النقاب عن نموذج مصغر لطائرة جديدة بدون طيار يستند إلى الطائرة الأمريكية بدون طيار من طراز “آر كيو-170 سنتينال” التي هبطت هبوطاً اضطرارياً على أراضيها في عام 2011. والجدير بالملاحظة أن هذا النموذج كان محملاً بأربع قنابل/ صواريخ من طراز “سديد” موجهة عبر منظومة إلكترو- بصرية. ويُدعى التصميم الشبيه [بالطائرة الأمريكية] باسم “صاعقة” ويُزعم أنها من عائلة الطائرات بدون طيار التي تستند على طائرة “سنتينال”، والمجهزة إما بطائرة أو بمحركات مكبس.
وليس هناك شك بأن «الحرس الثوري الإسلامي» كان يسارع في إقناع المراقبين بأنه كان على أعتاب تطوير طائرة بدون طيار لا يقل أداؤها عن أداء الطائرات الأمريكية المتقدمة بدون طيار، عبر نشر شريط فيديو يُزعم أنه يظهر نسخة كاملة الحجم (سيمرغ، تيمناً بطائر أسطوري) وهي تطير. ولكن حتى إذا كانت إيران تقترب من طائرة “سنتينال” الأصلية من حيث الديناميكية الهوائية، فإنها ستظل على بعد سنوات من الهندسة العكسية الكاملة التي تتمتع بها الأنظمة الداخلية والإلكترونية المتطورة للطائرات بدون طيار. وعلى الرغم من أنه بإمكان أسلحة “سديد” المضافة منْحْ النموذج الإيراني قدرة بارزة على إطلاق هجوم أرضي، إلا أنها ستقضي على الصفات التي يُفترض أن تتمتع بها طائرات “الشبح” [من حيث كونها غير قابلة للكشف إلى حد كبير]، على افتراض أن بإمكانها حتى التحليق والعمل بشكل فعّال مع مثل هذه الحمولة.
ويقيناً، أن صناعة الطائرات بدون طيار في إيران قد حققت تقدماً ملحوظاً على مدى السنوات الأخيرة، عبر إنتاجها طائرات كبيرة بدون طيار مثل “شاهد 129” المسلحة بنظام أسلحة جو- أرض موجّه. ويُحتمل أن تكون طائرة “شاهد”، التي تم كشف النقاب عنها في عام 2013، الطائرة الإيرانية بدون طيار الأكثر تطوراً ونجاحاً، والتي يتم مشاهدتها بشكل متكرر في الأجواء العراقية والسورية. هذا ولم ترد سوى تقارير قليلة حول تحطم هذه الطائرات، إذ فُقدت واحدة منها على الحدود بين إيران وباكستان في عام 2015. وكانت طهران قد كشفت أيضاً في عام 2013عن طائرة “فطرس” (ملاك شيعي أسطوري) بدون طيار ذات التحمل طويل الأجل والتي تتمتع بجناحين كبيرين وبقدرة على التحليق أكثر من يوم واحد كما زُعم وعلى ارتفاع 25000 قدم. وتحمل هذه الطائرة شبهاً واضحاً للطائرات الإسرائيلية بدون طيار من طراز “هيرون”.
وعلى الرغم من هذا التقدم، إلا أن الإيرانيين لا يزالون بعيدين [عن التطورات] في مجالات حيوية مثل تكامل الأنظمة والملاحة بعيدة المدى ووصلات البيانات [دائرة تكنولوجيا المعلومات] وأنظمة الوقود. ومن جهتها، تزعم طهران أن الطائرات بدون طيار التي تملكها قادرة على العمل ضمن نطاقات تتجاوز 3000 كيلومتر مع قدرة على التحمل لمدة تصل إلى ثلاثين ساعة، ولكن من دون تمتعها بالاتصالات عبر الأقمار الصناعية في الوقت الحقيقي، ومن دون تغذية البيانات [مقتطفات المعلومات]، فإن فعالية هذه الطائرات ستكون موضع شك كبير في هذه المجالات.
وخلال الحدث نفسه، عرض «الحرس الثوري» أيضاً عدة طائرات بدون طيار متحطمة كان قد أعاد تجميعها، من بينها طائرة “آر كيو-1 إي بريداتور” (المعروفة تحت اسم خاطئ هو “إم كيو-1 سي بريداتور”)، والتي كانت شبه كاملة، إلى جانب طائرة “شاهد 129” بحجم مماثل لها، وطائرة “آر كيو 7 شادو”، و”سكان إيغل” وطائرة “آر كيو – 11 رافن” محمولة بدون طيار. يُذكر أن طائرات “سكان إيغل” و”رافن” قد استخدمت على نطاق واسع من قبل الجيش الأمريكي في العراق وأفغانستان، ولكنها أيضاً تُستخدم من قبل القوات المسلحة العراقية والباكستانية واللبنانية واليمنية وغيرها، بالتالي فإن أصل النسخة التي صممها «الحرس الثوري» الإيراني غير مؤكد. أما بالنسبة إلى طائرة “بريداتور”، فقدْ فقدَ الجيش الأمريكي عدداً من هذه الطائرات في أجزاء من الأراضي التي تسيطر عليها حركة “طالبان” في باكستان وأفغانستان، لذا قد يكون السكان المحليون هُم من سلموا واحدة منها أو أكثر إلى «فيلق القدس» – فرع النخبة من «الحرس الثوري» خارج الحدود، مقابل الحصول على الأسلحة والذخيرة.
وتملك إيران نسختين من طائرة “سكان إيغل”، الأولى يُطلق عليها «الحرس الثوري» اسم “كاوش” (بحث) بينما يُطلق على الثانية اسم “ياسر” (الجزار). وقد شوهد هذا النموذج الأخير يقدم الدعم لنظام الأسد وحلفائه في سوريا منذ عام 2013. وفي العام نفسه، عرضت إيران نموذجاً عن هذه الطائرة بدون طيار أمام الجنرال فيكتور بونداريف، قائد القوات الجوية الفضائية الروسية، في إطار زيارته لإيران.
وأخيراً، عرض «الحرس الثوري» الإيراني أيضاً حطام طائرة صغيرة بدون طيار قام بتجديدها وكان قد أخطأ في التعرف عليها وظن أنها طائرة إسرائيلية من طراز “هيرميس 450” منذ عام 2014، عندما ادعى إسقاط الطائرة بالقرب من منشأة تخصيب اليورانيوم في نطنز. يُذكر أن هذه الطائرات بدون طيار، والنسخة الإيرانية المعروضة منها أيضاً، تبدو متطابقة مع طائرة أرمنية بدون طيار شوهدتفي الخدمة في عام 2012 مع القوات المسلحة في إقليم ناغورنو كاراباخ الواقع على الحدود مع إيران. ومن بين الأسباب المحتملة لعدم التعرف على الطائرة بشكل صحيح، إن لم يتم ذلك عن قصد، هو أن الكتابة الأرمنية على حطامها قد تبدو وكأنها بالعبرية بالنسبة إلى الإيرانيين.
أما فيما يتعلق بالإمكانيات الفعلية للطائرات بدون طيار الموجودة في إيران، فبالإضافة إلى إجراء مهام المراقبة والاستطلاع في نطاقات لا تقل عن 200 كيلومتر، بإمكان هذه الطائرات حالياً على ما يبدو ضرب أهداف أرضية فردية باستخدام القنابل والصواريخ الموجهة. ويُشار إلى أن صاروخ “سديد” مشابه في التكوين لصاروخ “سبايك” الإسرائيلي الموجه المضاد للدبابات، والذي يعمل ضمن نطاق يتراوح ما بين 2.5 كم و 5 كيلومترات عند إطلاقه من الأرض. ويمكن للنسخة الانسيابية من هذا السلاح غير المزودة بمحركات أن تضيف بعض القدرة على التخفي من خلال إزالة علامة إطلاق الصاروخ. إلى جانب ذلك، كانت إيران تحاول تحسين مرونة الطائرات بدون طيار الخاصة بها. ففي الماضي عرضت العديد من الطائرات بدون طيار مع “أنظمة دفاع جوي محمولة تحت أجنحتها”، والتي تم تغييرها لتعمل كصواريخ جو-جو. وفي حين أن مثل هذه القدرة لن تكون ذات فائدة تذكر في وجه الطائرات عالية الأداء، إلا أنه بإمكانها أن تطرح تهديداً للطائرات والطائرات المروحية العسكرية والمدنية بطيئة الحركة، على افتراض أنه بإمكان استخدامها عملياً.
وفي المرحلة القادمة، فإن رفع العقوبات بموجب الاتفاق النووي، سيعطي إيران فرصة للسعي إلى الحصول على تعاون دولي حول برنامجها الخاص بالطائرات بدون طيار، ويشمل التعاون مع روسيا وروسيا البيضاء [بيلاروس] والصين والهند وجمهورية التشيك. ويمكن لهؤلاء الشركاء المحتملين مساعدة طهران على الحصول على التكنولوجيا والأجزاء التي تحتاجها لتصنيع طائرات بدون طيار أكثر تقدماً وذات مدى أطول وقدرة أفضل على التحمل ووصلات بيانات أكثر تنوعاً. وفي الوقت نفسه، ينبغي على دول المنطقة وحلفائها الأجانب عدم التقليل من خطر التحديات المحتملة التي تطرحها الطائرات بدون طيار التي تملكها إيران حالياً، فحتى الطائرات بدون طيار الأقل تقدماً يمكن أن تشكل تهديداً كبيراً على البنية التحتية المدنية إذا ما استخدمت بعدوانية، كما تَبيّن عندما تم إغلاق مطار دبي في الآونة الأخيرة بسبب تحليق طائرة استطلاع مجهولة الهوية بجواره.
فرزين نديمي
معهد واشنطن