بعض الأخطاء لا يمكن إصلاحها. واختيار دونالد ترامب مرشحاً رئاسياً للحزب الجمهوري الأمريكي من هذا النوع من الأخطاء من وجهة نظر كثيرين داخل الحزب وخارجه. ليس في الذاكرة اسم سياسي أمريكي أثار كل هذه الأزمات في وقت محدود كما فعل ترامب. كلما تكلم هذا الرجل اندلعت الحرائق. وكلما أطفأ نيرانها العقلاء أوقدها بكلمات جديدة. لو صمت لكان خيراً له ولحزبه. زلات لسانه أكثر من أن تحصى، وأصعب من أن تحتمل، وأخطر من أن يتم تجاهلها. والمشكلة أنه يأبى إلا أن يواصل الحديث مهما كانت العواقب، وهي وخيمة بالفعل.
بعد فضيحته الأخيرة عن تعبيراته الفجة حول النساء، وقبلها عشرات من الإهانات والشتائم التي وجهها لكثيرين أصبح السؤال هو: إذا كان ترامب لا يستطيع أن يتحكم في انفعالاته وهو ما زال مرشحاً يسعى لكسب ثقة مواطنيه، وإذا كان أقصى ما تتمخض عنه هذه الانفعالات بعض الكلمات النابية التي تضر بموقفه أولاً قبل أن تؤذي ضحاياه، فكيف يكون الوضع عندما يصبح رئيساً للقوة العظمى الوحيدة في العالم؟. ماذا لو ظلت انفعالاته منفلتة، وصدرت عنه تصريحات غير محسوبة، أو اتخذ قرارات متسرعة؟ ألا يمكن أن يتحول الأمر إلى كارثة حقيقية. في هذه الحالة لن تقتصر العواقب عليه وحده ولا على حزبه ولا حتى على بلاده فحسب، بل ستتعدى كل ذلك إلى العالم أجمع!
هذا السيناريو المخيف هو صلب المشكلة التي يواجهها الحزب الجمهوري حالياً. مطلوب منه أن يقنع الناخبين بألا يخافوا من مرشحهم الحالي. وأن ترامب الرئيس الذي سيخضع لترويض المستشارين والمؤسسات، سيكون غير ترامب المرشح الذي يتصرف بتلقائية. غير أنه لا يوجد ما يضمن حدوث هذا. كما أن ترامب نفسه لا يصمت ولو قليلاً ليساعد الحزب.
ومن الطبيعي والأمر كذلك أن تدب الخلافات والانقسامات بين الجمهوريين ما بين مؤيد للمرشح ومعارض له. وما بين مطالب بتنحيته ومتمسك به.
وتبدو المعادلة المعقدة التي يواجهها الحزب في خياراته للتعامل مع الأزمة كالتالي: إذا تم إسقاطه وتصعيد بديل له كما يطالب البعض فإن هذا معناه تفجير الحزب من الداخل. كما يعني إسقاط المبادئ الديمقراطية التي يقوم عليها الحزب باعتبار أن ترامب صعد باختيار القاعدة الحزبية ولم يغتصب صفة المرشح الرسمي. فضلاً عن أنه رفض شخصياً فكرة الانسحاب وفات وقت إجباره عليه. يقود هذا الاتجاه رينسي بريباس رئيس اللجنة الوطنية للحزب والذي أكد استمرار دعم المرشح مستبعداً تغييره.
الخيار الثاني هو الاكتفاء بالتنديد بتصريحات ترامب دون الإعلان عن رفض التصويت له ويتبناه بول ريان رئيس مجلس النواب وأعلى مسؤول جمهوري منتخب. وقد أعلن الأسبوع الماضي أنه لن يدافع عن ترامب مجدداً وسيركز على دعم فرص الحزب في انتخابات الكونغرس التي تجري بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية. لم يذهب ريان وفريقه إلى الحد الذي وصل إليه قادة آخرون يتبنون الخيار الثالث وهو رفض التصويت لترامب.
في كل هذه الخيارات تظل نسبة المخاطرة عالية لأن دعم ترامب سيكلف الحزب أصوات الناخبين المتأرجحين. وسيكلفه بالطبع أصوات النساء لا سيما بعد الفضيحة الأخيرة. بالمقابل فإن التخلي عنه سيغضب مؤيديه الذين سيعاقبون، في انتخابات الكونغرس، المرشح الذي يتبنى هذا الموقف. وإمساك البعض العصا من المنتصف أي رفض تصريحاته دون التعهد بعدم التصويت له لن يفي بمطالب المؤيدين ولا المعارضين له. أي سيغضب الجميع.
وبحسب الكاتب الأمريكي جيفري يانغ كبير محرري «هافنغتون بوست» فإن الحزب الجمهوري قد خسر أخلاقياً بالفعل حتى لو ربح انتخابات الرئاسة والكونغرس. تصعيد ترامب كان خطأ منذ البداية، والتمسك به رغم كل ما صدر عنه خطيئة لا تغتفر. وسيدفع الحزب ثمن ذلك من سمعته ولن يكون التاريخ رحيماً به بعد أن ضحى بمبادئه.
أما إدانة التسريبات الأخيرة المسيئة للنساء فليست إلا نفاقاً سياسياً كما يقول جيرمي داياموند مراسل «سي إن إن» الذي أعد قائمة تتضمن 17 تصريحاً سابقاً لترامب احتوت إهانات لشخصيات وجماعات مختلفة. وقد مرت جميعاً دون موقف قوي من حزبه. لذلك يرى روب ستوتزمان المخطط الاستراتيجي الجمهوري والمعارض القوي لترامب أن الجمهوريين يسيرون بثقة وثبات إلى الهاوية. لأنهم وحسب تعبيره عقدوا اتفاقاً مع الشيطان وهي صفقة لا تقود إلا إلى الجحيم.
بعد فضيحته الأخيرة عن تعبيراته الفجة حول النساء، وقبلها عشرات من الإهانات والشتائم التي وجهها لكثيرين أصبح السؤال هو: إذا كان ترامب لا يستطيع أن يتحكم في انفعالاته وهو ما زال مرشحاً يسعى لكسب ثقة مواطنيه، وإذا كان أقصى ما تتمخض عنه هذه الانفعالات بعض الكلمات النابية التي تضر بموقفه أولاً قبل أن تؤذي ضحاياه، فكيف يكون الوضع عندما يصبح رئيساً للقوة العظمى الوحيدة في العالم؟. ماذا لو ظلت انفعالاته منفلتة، وصدرت عنه تصريحات غير محسوبة، أو اتخذ قرارات متسرعة؟ ألا يمكن أن يتحول الأمر إلى كارثة حقيقية. في هذه الحالة لن تقتصر العواقب عليه وحده ولا على حزبه ولا حتى على بلاده فحسب، بل ستتعدى كل ذلك إلى العالم أجمع!
هذا السيناريو المخيف هو صلب المشكلة التي يواجهها الحزب الجمهوري حالياً. مطلوب منه أن يقنع الناخبين بألا يخافوا من مرشحهم الحالي. وأن ترامب الرئيس الذي سيخضع لترويض المستشارين والمؤسسات، سيكون غير ترامب المرشح الذي يتصرف بتلقائية. غير أنه لا يوجد ما يضمن حدوث هذا. كما أن ترامب نفسه لا يصمت ولو قليلاً ليساعد الحزب.
ومن الطبيعي والأمر كذلك أن تدب الخلافات والانقسامات بين الجمهوريين ما بين مؤيد للمرشح ومعارض له. وما بين مطالب بتنحيته ومتمسك به.
وتبدو المعادلة المعقدة التي يواجهها الحزب في خياراته للتعامل مع الأزمة كالتالي: إذا تم إسقاطه وتصعيد بديل له كما يطالب البعض فإن هذا معناه تفجير الحزب من الداخل. كما يعني إسقاط المبادئ الديمقراطية التي يقوم عليها الحزب باعتبار أن ترامب صعد باختيار القاعدة الحزبية ولم يغتصب صفة المرشح الرسمي. فضلاً عن أنه رفض شخصياً فكرة الانسحاب وفات وقت إجباره عليه. يقود هذا الاتجاه رينسي بريباس رئيس اللجنة الوطنية للحزب والذي أكد استمرار دعم المرشح مستبعداً تغييره.
الخيار الثاني هو الاكتفاء بالتنديد بتصريحات ترامب دون الإعلان عن رفض التصويت له ويتبناه بول ريان رئيس مجلس النواب وأعلى مسؤول جمهوري منتخب. وقد أعلن الأسبوع الماضي أنه لن يدافع عن ترامب مجدداً وسيركز على دعم فرص الحزب في انتخابات الكونغرس التي تجري بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية. لم يذهب ريان وفريقه إلى الحد الذي وصل إليه قادة آخرون يتبنون الخيار الثالث وهو رفض التصويت لترامب.
في كل هذه الخيارات تظل نسبة المخاطرة عالية لأن دعم ترامب سيكلف الحزب أصوات الناخبين المتأرجحين. وسيكلفه بالطبع أصوات النساء لا سيما بعد الفضيحة الأخيرة. بالمقابل فإن التخلي عنه سيغضب مؤيديه الذين سيعاقبون، في انتخابات الكونغرس، المرشح الذي يتبنى هذا الموقف. وإمساك البعض العصا من المنتصف أي رفض تصريحاته دون التعهد بعدم التصويت له لن يفي بمطالب المؤيدين ولا المعارضين له. أي سيغضب الجميع.
وبحسب الكاتب الأمريكي جيفري يانغ كبير محرري «هافنغتون بوست» فإن الحزب الجمهوري قد خسر أخلاقياً بالفعل حتى لو ربح انتخابات الرئاسة والكونغرس. تصعيد ترامب كان خطأ منذ البداية، والتمسك به رغم كل ما صدر عنه خطيئة لا تغتفر. وسيدفع الحزب ثمن ذلك من سمعته ولن يكون التاريخ رحيماً به بعد أن ضحى بمبادئه.
أما إدانة التسريبات الأخيرة المسيئة للنساء فليست إلا نفاقاً سياسياً كما يقول جيرمي داياموند مراسل «سي إن إن» الذي أعد قائمة تتضمن 17 تصريحاً سابقاً لترامب احتوت إهانات لشخصيات وجماعات مختلفة. وقد مرت جميعاً دون موقف قوي من حزبه. لذلك يرى روب ستوتزمان المخطط الاستراتيجي الجمهوري والمعارض القوي لترامب أن الجمهوريين يسيرون بثقة وثبات إلى الهاوية. لأنهم وحسب تعبيره عقدوا اتفاقاً مع الشيطان وهي صفقة لا تقود إلا إلى الجحيم.
عاصم عبدالخالق
صحيفة الخليج