النظام الرئاسي التركي.. فرص جديدة وتحدٍ قديم

النظام الرئاسي التركي.. فرص جديدة وتحدٍ قديم

441
أعادت محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا قبل أربعة أشهر ملف تغيير الدستور التركي واعتماد النظام الرئاسي إلى الواجهة من جديد، في ظل الدعم الشعبي والاصطفاف السياسي غير المسبوقيْن خلف الحكومة.

وفي ختام مؤتمر لحزب العدالة والتنمية الحاكم الأحد الماضي، أعلن رئيس الوزراء بن علي يلدرم أن الحزب استكمل عمله بشأن اقتراح تعديل الدستور للتحول إلى نظام رئاسي، مضيفا أنه مستعد لتقديمه للبرلمان. وسبق لـ يلدرم وأعلن الأسبوع الماضي تصميم حكومته على وضع دستور جديد للبلاد “يضمن لها دوام الاستقرار السياسي والاقتصادي عبر نظام رئاسي”.

لكن تحقيق هذه الغاية يتطلب من حزب العدالة والتنمية الحصول على تأييد 376 نائبا للتعديل الدستوري عند عرضه على البرلمان في يناير/كانون الثاني المقبل، وفي حال تعذر ذلك يمكنه تحويله إلى الاستفتاء العام شريطة موافقة 330 نائبا في البرلمان.

ويمتلك الحزب أغلبية برلمانية قوامها 317 مقعدا من مقاعد البرلمان البالغة 550 مقعدا، بينما يمتلك حزب الحركة القومية أربعين مقعدا، وحزب الشعب الجمهوري 134 مقعدا، وحزب الشعوب الديمقراطي 59 مقعدا.

وأعلن زعيم حزب الحركة القومية المعارض دولت باهشلي باجتماع حزبه الأسبوع الماضي أنه “لا حرج” لدى حزبه في الذهاب إلى استفتاء شعبي حول النظام الرئاسي، مضيفا أن تركيا “بحاجة ماسة إلى صيغة جديدة متفق عليها في ظل التطورات العالمية الحاصلة”.

وفي تعليقه على توقيت الطرح، قال الكاتب والمحلل السياسي معين نعيم إن حزب العدالة والتنمية “مُصر الآن على تعديل الدستور لكونه يلمس فرصا حقيقية لذلك، تتمثل في ارتفاع وتيرة التأييد الشعبي للحزب وللرئيس رجب طيب أردوغان من جهة، والتجاوب غير المسبوق من حزب الحركة القومية مع طرح تعديل الدستور من جهة أخرى”.

ويرى نعيم أن الحركة القومية “باتت أكثر قربا في مواقفها إلى حزب العدالة والتنمية الذي ساند قيادتها التاريخية وتيار باهشلي في مواجهة الانقسام الداخلي والانشقاقات التي كادت تعصف بها”.

كما اعتبر موقف باهشلي “تطورا نوعيا وغير مسبوق في موقف الحزب من مسألة النظام الرئاسي، ويعود إلى شعور الحزب بضرورة تقنين الأمر الواقع في تركيا التي يحكمها رئيس فعلي ونائب رئيس هو رئيس الوزراء”.

ويمثل غياب الإجماع السياسي أول التحديات أمام تعديل الدستور الذي يرفضه حزب الشعب الجمهوري، وانتقدت المتحدثة باسمه سيلين بوكيه موقف حزب الحركة القومية من التعديل قائلة إن الحركة “تمارس دور الإطار البديل لدى الحكومة”.

ورغم التغيير اللافت في موقف الحركة القومية من تعديل الدستور، يرى الكاتب التركي مصطفى أوزغان أن ذلك لا يضمن تمرير التعديل لأن مجموع أصوات نواب الحركة مجتمعة مع أصوات نواب “العدالة والتنمية” تبلغ 357 صوتا وهي أقل من الأصوات اللازمة للتعديل المباشر، مضيفا أن أصوات الحزبين تفسح المجال أمام طرح التعديل لـالاستفتاء الشعبي، لكن النتيجة لن تكون مضمونة إذ قد تصوت الغالبية التركية ضد التعديل.

وقال أوزغان إن تعديل الدستور “لا يمثل أولوية مجتمعية أو مطلبا عاما للشارع التركي بقدر ما هو تحقيق لرغبة الرئيس أردوغان بإقرار التحول للنظام الرئاسي الذي يناسب تطلعاته ويمنحه صلاحيات أوسع وقدرة أكبر على التعامل مع كثير من القضايا التي يحد النظام الحالي من دوره فيها”.

وأكد أوزغان أن خيارات “العدالة والتنمية” لإقرار التعديلات الدستورية “ستكون محدودة إن فشل في إقرارها الآن، وتكاد تنحصر في اللجوء لانتخابات مبكرة يرفع فيها من أغلبيته البرلمانية ليعزز فرص إقرار التعديلات على الدستور واعتماد النظام الرئاسي”.

خليل مبروك

الجزيرة نت