انفجار خط أنابيب الوقود في جنوب ولاية آلاباما وإغلاق خط إمداد النفط في كولونيال بمنطقة شيلبي أدى أمس إلى ارتفاع سعر النفط في الولايات المتحدة ولندن بنحو ٤٠ سنتاً. وهو خط مهم لنقل الوقود في الولايات المتحدة. لكن الأسواق تتطلع إلى مؤتمر «أوبك» في نهاية هذا الشهر في فيينا لترى اتجاه الأسعار. وتوصلت «أوبك» إلى اتفاق في الجزائر ليكون إنتاجها بين ٣٢,٢ إلى ٣٣ مليون برميل في اليوم. إلا أنه اتفاق عام من دون توزيع الحصص الإنتاجية والتخفيضات على الدول الأعضاء. وأعلنت روسيا على لسان رئيسها فلاديمير بوتين أنها ستتعاون مع «أوبك» وتم الاتفاق بين وزيري النفط الروسي والسعودي على العمل لاستقرار السوق، ما يعني رفع أسعار النفط في وقت تعاني جميع الدول المنتجة من انخفاض سعر البرميل وتتمنى ارتفاعه على الأقل إلى ٦٠ دولاراً. لكن المشكلة أن روسيا لم تعلن في شكل صريح وملتزم عن نية بتخفيض إنتاجها ولا حتى بتجميده. ثم إن دول «أوبك» وفي طليعتها العراق وإيران بدأت تعطي أرقام إنتاج نفطي مبالغاً فيها كي تتجنب التخفيض. فالعراق يتقدم برقم إنتاج هو ٤,٧ مليون برميل في اليوم وإيران تطالب بالتساوي مع العراق في حين أنها لا تنتج أكثر من ٣,٦ مليون برميل في اليوم وفق مصادر الصناعة النفطية. فكيف تصل الدول إلى قرار جدي يلتزم الجميع به؟ هذا هو السؤال.
صحيح أن السعودية باعتبارها المنتج الأكبر في «أوبك» تريد أسعار نفط أفضل مما هي عليه الآن، إلا أنها لا ترغب في أن يكون ذلك على حسابها. فالسعودية قالت أنها مستعدة للعودة إلى إنتاج ١٠,١ مليون برميل في اليوم إذا تعاون الجميع. ولن تقبل بأي اتفاق يؤدي إلى تحملها عبء التخفيض لحساب إيران والعراق. والسعودية لن تخفض إنتاجها إذا لم يكن الكل في إطار الاتفاق. وهو ما تحاول الآن اللجنة العليا للتقنيين في «أوبك» أن تبحثه مع الدول الأعضاء قبل بداية مناقشات الوزراء في فيينا. والكل معني بنجاح المؤتمر لأنه إذا انتهى هذا المؤتمر من دون اتفاق على الحصص لكل الدول، فسيؤدي ذلك إلى انخفاض ملموس في الأسعار. ووفق دراسة معهد أوكسفورد لدراسات الطاقة فإن أسعار النفط المنخفضة أدت إلى تقليص نمط تطور الاقتصاد السعودي بالنسبة إلى ما كان متوقعاً، علماً أن الاحتياط المالي للمملكة ما زال مرتفعاً وكان في حدود ٥٥٤ بليون دولار في نهاية آب (أغسطس) الماضي. وقد أدت أسعار النفط المنخفضة إلى الإسراع في القيام بالإصلاحات، لكن استمرار انخفاض الأسعار يجعل هذه الإصلاحات أصعب اجتماعياً وسياسياً على الصعيد الداخلي وفق الدراسة.
لكن السعودية لن تضحي بحصة إنتاجها لحساب غيرها، فهي ما زالت مصرة على أن تكون دول «أوبك» كلها ضمن الاتفاق وهذا رهان صعب. فالحاجة الملحة إلى ارتفاع الأسعار هي وحدها التي قد تحمل دول «أوبك» على الاقتناع بأن التعاون الحقيقي والقبول بتخفيضات معقولة للإنتاج هما الأفضل لتحسين العائدات. لكن السؤال هو: هل تتغلب المصالح المالية على السياسة؟ هذا ما سيظهر في مؤتمر فيينا المقبل.
رندة تقي الدين
صحيفة الحياة اللندنية