يقول المتطرفون في الخارج إنهم سوف يستخدمون انتخاب دونالد ترامب وتعييناته كأداة تجنيد قوية، والتي تساعد ادعاءاتهم بأن الغرب والإسلام يتجهان إلى صدام للحضارات.
وغني عن البيان أن هذا يمثل نقطة محورية في الاستراتيجية. فعلى مدى عقدين، استخدم الجهاديون أعمال الولايات المتحدة -كالحروب والسياسة الخارجية- لدعم الادعاءات عن وجود أجندة معادية للإسلام. والآن، أصبحوا يتوقعون أنهم سيكونون قادرين على استخدام كلمات مسؤولي الإدارة أنفسهم. وتستطيع تغريدة واحدة، كما يقول أشخاص داخليون، أن تكون بمثابة نعمة تجنيد كبيرة، مثلها مثل حرب العراق.
يقول أبو عمر، الاسم الحركي لناشط في تنظيم القاعدة في سورية متحالف مع المجموعة المتشددة، جبهة فتح الشام: “لأعوام ركزنا على احتلال فلسطين وتحالف أميركا المخادع مع إيران (والرئيس السوري) بشار الأسد في ذبح السنة في سورية، والحربين في العراق وأفغانستان، كدليل على أن أميركا والأميركيين يشنون حرباً ضد الإسلام”. ويضيف: “والآن، فإن كل ما علينا فعله هو التحول إلى حساب ترامب في تويتر أو فتح محطة سي إن إن”.
ويقول تنظيم القاعدة، ومثله “داعش” على الأرجح، أنهم سيحاولون إقناع المسلمين الذين يعيشون في الغرب بأنهم لم يعودوا يلقون الترحيب في مجتمعاتهم الخاصة. وسيصورون الجهاديين على أنهم الحامي الوحيد لمصالح المسلمين.
وكجزء من إعادة تعديل هذه الدعاية، سوف يستخدم تنظيم القاعدة وغيره من الجهاديين الخطاب المعادي للإسلام أيضاً لمحاولة دق أسفين بين حكومات الدول المتحالفة مع الولايات المتحدة في المنطقة -مثل مصر والأردن والمغرب- وبين مواطنيها. وسوف يعمد الجهاديون إلى التأكيد على أن أي دول عربية أو إسلامية تتعامل مع الولايات المتحدة تعتبر ضالعة في حرب أميركا المزعومة ضد الإسلام، وسوف يتم وسمها بأنها “عدو للإسلام”.
ومع وجود الكثيرين في العالم الإسلامي المهيئين مسبقاً لافتراض أن الولايات المتحدة عدوة للإسلام، فإن هناك قلقاً من أن المزيد من التصريحات الملتهبة سيجعل من الوضع الصعب أصلاً أكثر سوءاً.
يقول ويل ماكانتس، الزميل الرفيع في معهد بروكينغز ومدير مشروعه حول العلاقات الأميركية مع العالم الإسلامي: “سوف تشاهد عدداً أكبر بكثير من الاقتباسات الصادرة عن مسؤولين في الإدارة، بينما كان (الجهاديون) يجدون صعوبات كبيرة في السابق لدعم دعايتهم بتصريحات حقيقية”.
ويضيف ماكانتس: “ذلك سوف يخدم دعائيي الجهاديين الذين يروجون أطروحة تقول إن الغرب يخوض حرباً مع كل منطقة الإسلام، وليس فقط ضد المجموعات الإرهابية -كما تحملت إدارة أوباما المصاعب لتقول ذلك”.
ما الذي قيل؛ لقد أصبح للتصريحات أثر فعلاً. وينظر الجهاديون إليها على أنها “كنز”.
وفقاً لأبو عمر وغيره من الجهاديين المتحالفين مع تنظيم القاعدة من الذين أجرت صحيفة المونيتور معهم مقابلات، فإن المجموعة وغيرها من الجهاديين الذين يحملون نفس الأفكار يقومون بالبحث في التغريدات والتصريحات والمقابلات السابقة لمستشاري ترامب وموظفيه الذين يعينهم.
وكان ترامب قد قال في وقت مبكر من حملته للانتخابات الرئاسية، بعد أسبوع من هجمات باريس في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام 2015: “أريد مراقبة مساجد معينة إذا كان ذلك ممكناً. لقد فعلنا ذلك من قبل”.
وقبل يوم من ذلك، قال ترامب أنه “بالتأكيد سينفذ” خطة لتسجيل المسلمين الموجودين في الولايات المتحدة.
وفي مقابلة مع محطة “سي. إن. إن” في آذار (مارس) الماضي، قال: “أعتقد أن الإسلام يكرهنا”. وأضاف أن الحرب هي ضد الإسلام المتطرف، لكن ذلك “صعب جداً على التحديد. من الصعب جداً الفصل. لأنك لا تستطيع أن تميز هذا عن ذاك”.
وفي وقت أقرب، قال الناطق السابق بلسان لجنة العمل السياسي لأميركا العظمى المؤيدة لترامب إن اعتقال اليابانيين الأميركيين خلال الحرب العالمية الثانية يمثل سابقة لبرنامج لتسجيل المسلمين الأميركيين. كما أن الشخص الذي اختاره ترامب لمنصب مستشار الأمن القومي الأميركي، الجنرال المتقاعد مايكل فلين، كان قد وصف نفسه بأنه “في حالة حرب مع المسلمين”، ووصف الإسلام بأنه مرض، وأرسل تغريدة شهيرة على تويتر تقول: “إن الخوف من الإسلام هو شيء عقلاني”.
التركيز على فلين
بإمكان ترامب أن يتراجع عن هذه المشاعر عندما يتولى الرئاسة. لكن الانتباه الخاص تركز على الجنرال فلين. ففي كتابه الصادر حديثاً، “ميدان القتال: كيف نستطيع أن نكسب الحرب العالمية ضد الإسلام المتطرف وحلفائه”، يبين فلين أن ما يراه هو صدام حضارات عالمي وحرب ضد “الإسلام المتطرف”.
ويكتب: “نحن في حرب عالمية ضد حركة جماعية رؤيوية من الناس الأشرار، معظمهم يستلهم أيديولوجية شمولية استبدادية: الإسلام المتطرف”.
كما قال فلين في خطاب له في دالاس في آب (أغسطس) الماضي أمام المجموعة المعادية للإسلام “اعمل من أجل أميركا”: “إنني لا أرى الإسلام ديناً. إنني أراه أيديولوجية سياسية… والتي تتخفى وراء فكرة أنها دين”.
بوصفه الإسلام بأنه “أيديولوجية شمولية”، فإن فلين يشترك في وجهة النظر عن الإسلام مع “داعش” وتنظيم القاعدة، كما يقول خبراء.
ومن جهته، يقول اتش أيه هيليير، الزميل الرفيع في مجلس الأطلسي ومؤلف كتاب “ثورة متراجعة: طريق مصر إلى ما وراء الثورة”، إن “ما يبعث على القلق هو وصف الإسلام بأنه أيديولوجية شمولية – إن الغالبية العظمى من المسلمين لا يعتقدون بذلك، لكن المتطرفين يعتقدون، وقد قمتم أنتم بتطبيع ذلك فقط”.
مكمن القلق هو أن تضعف هذه التعليقات من قدرة أميركا على التصدي للرواية الجهادية. ويقول السيد هيليير: “لم يكن أوباما ولا سياسته الخارجية موضع ترحيب بشكل خاص من جانب مجموعات كبيرة من الناس في المنطقة، سواء كانت السياسات المتعلقة بسورية أو ضربات الطائرات من دون طيار أو دعم الأنظمة الاستبدادية”.
ومن الواضح أن التصريحات المعادية للإسلام تجعل المهمة أصعب.
يقول السيد ماكانتس: “بشكل عام، سوف يشعر معظم المسلمين بالإحباط، ولن يذهبوا إلى التطرف… لكن ذلك يشكل، في معركة الأفكار، تراجعاً رئيسياً للولايات المتحدة”.
تايلور لوك
صحيفة الغد