جاء تقرير دولي نشر حديثا وشارك في إعداده خبراء في مجال أبحاث السلاح، ليؤكّد بالدلائل القاطعة ضلوع إيران في تزويد المتمرّدين الحوثيين بالأسلحة، ما يسند الشكوى المستمرة لجيران إيران من العرب، وخصوصا الخليجيين من تورّط هذه الدولة في تأجيج الصراعات وتغذية بؤر التوتر في المنطقة.
وتسود قناعة راسخة في اليمن وجواره بأنّ الأسلحة وأيضا الأموال الإيرانية لجماعة الحوثي المتحالفة في الوقت الراهن مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح هي ما يساعد المتمرّدين اليمنيين على مواصلة القتال رغم الاستنزاف المستمر لترسانتهم جرّاء الضربات الموجعة التي تتلقاها مخازنهم ومقراتهم العسكرية من قبل طيران التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية.
وبذلك تكون إيران ضالعة بشكل مباشر في استمرار الحرب باليمن وتعطيل جهود السلام الهادفة إلى وقفها، خصوصا وأن عمليات إمداد الحوثيين بالسلاح تزداد وتيرتها كلما تسارعت محاولات وقف الحرب من قبل جهات إقليمية ودولية.
وأكد محققون دوليون في التقرير المذكور وجود خط بحري لتهريب الأسلحة من إيران إلى المتمردين الحوثيين في اليمن عبر إرسالها أولا إلى الصومال.
وورد بالتقرير الصادر عن مؤسسة أبحاث التسلح في الصراعات “كار” ومقرها بريطانيا والممولة من قبل الاتحاد الأوروبي، أنه عندما هاجمت أساطيل غربية ثلاثة قوارب شراعية في بحر العرب هذا العام فإن بعض الأسلحة التي عثرت عليها تطابقت مع أسلحة صودرت من مقاتلين حوثيين في اليمن.
وأضاف نقلا عن سجلات إيرانية رسمية أن اثنين من القوارب التي لم تكن مسجلة، وبالتالي لا تتبع أي دولة، كانا من صنع شركة المنصور الإيرانية لبناء السفن والتي يقع الحوض الخاص بها بجوار قاعدة للحرس الثوري الإيراني.
استغلال الوضع السائد في الصومال لتحويل سواحله محطة رئيسية للأسلحة الإيرانية المهربة إلى المتمردين في اليمن
وقالت مؤسسة “كار” إن “قوارب المنصور تورّطت منذ سنة 2012 في عمليات تهريب عديدة للهيروين والحشيش ومؤخرا الأسلحة”، مضيفة أنّ “تحليل الأسلحة يشير إلى أن قاربين على الأقل من الشحنات الثلاث ربما أرسلا بتواطؤ من قوات الأمن الإيرانية”.
وذكر التقرير أن بعض الأسلحة التي صودرت في الهجوم على القوارب حملت أرقام تسلسل أسلحة جديدة مما يشير إلى أنها أتت من مخزون إحدى الدول. وأضاف أن أرقاما تعريفية لأسلحة مضادة للدبابات عثر عليها في أحد القوارب تطابق أرقاما إنتاجية لأسلحة مشابهة صادرتها قوات إماراتية من المتمرّدين الحوثيين أثناء عملها ضمن قوات التحالف العربي في اليمن.
وسلط التقرير الضوء أيضا على دور الموانئ الصومالية كنقاط للنقل مشيرا إلى أن السفن الحربية “اتش.ام.ايه.اس داروين” و”اف.اس بروفانس” و”يو.اس.اس سيروكو” صادرت أكثر من 4500 بندقية وقذيفة مورتر وسلاح آلي وقاذفة صواريخ خلال أربعة أسابيع بين فبراير ومارس 2016.
وقال جوناه ليف مدير العمليات في المؤسسة المتخصصة في أبحاث السلاح “يقدم هذا التقرير دليلا يشير إلى أن إيران لها يد في إمداد السلاح للصراع في اليمن”.
ونقلت وكالة رويترز عن عبدالله جامع صالح وهو وزير سابق للموانئ والنقل البحري ومكافحة القرصنة في منطقة بلاد بنط الصومالية التي تحظى بحكم شبه ذاتي قوله إن من المستحيل تقريبا وقف مثل هذا التهريب.
وأضاف أن القوات البحرية في بلاد بنط لا تملك سوى 12 قاربا تعانق الشاطئ ولا يمكنها المجازفة بدخول أعالي البحار.
وذكر أن المنطقة بها ما يتراوح بين 700 و900 من قوات خفر السواحل لكن تدريبهم ومعداتهم سيئة.
وأكّد أن قوات تابعة لبلاد بنط رصدت في 2015 قيام 160 قاربا إيرانيا بالصيد في مياه المنطقة دون إذن وأنه ما من سبيل للتحقق منها. وأضاف أن هناك الكثير من الأسلحة التي تتحرك هنا وهناك ومن المستحيل قطعا السيطرة على هذه المنطقة من البحر. وخلال السنوات القليلة الماضية أظهرت دول الخليج العربي وعيا بترك السواحل الأفريقية الواقعة قبالة الجزيرة العربية سائبة بفعل ضعف الدول الموجودة على تلك الضفّة، وبدأت تبدي اهتماما متزايدا بملء الفراغ هناك عبر اقتراح صيغ للتعاون متعدد المجالات على تلك الدول.
وتستخدم إيران الميليشيات الممولة والمسلّحة، وأيضا المدرّبة والمؤطّرة من قبلها، على نطاق واسع لمدّ نفوذها في عدّة بلدان عربية وتحديدا في لبنان وسوريا والعراق.
وفي اليمن تستخدم طهران ميليشيا الحوثي على نحو خاص لمشاغلة غريمتها الكبرى في المنطقة المملكة العربية السعودية. وخلال الحرب الدائرة حاليا اتخذت قضية تهريب الأسلحة للمتمرّدين اليمنيين منحى أكثر خطورة وأشدّ إثارة لغضب الرياض، حين أصبحت تلك الأسلحة تستخدم بتركيز شديد في استهداف مناطق سعودية واقعة على الحدود مع اليمن، ما أوقع ضحايا أغلبهم من المدنيين، إضافة إلى خسائر مادية في البنى التحتية.
وفي سبتمبر الماضي سلمت السعودية رسالة إلى مجلس الأمن الدولي حول انتهاكات إيران للقرار الأممي رقم 2216 المتعلق باليمن، لجهة مواصلتها تهريب السلاح للمتمرّدين.