قفزت أسعار النفط العالمية، أمس، بنحو 5 بالمئة ليتجاوز سعر خام برنت حاجز 50 دولارا للبرميل، حين تمكنت منظمة أوبك من مواجهة خلافاتها العميقة وقررت خفض الإنتاج بنحو 1.2 مليون برميل عن المستويات الحالية.
وكان من أكبر ملامح الاتفاق ترويض إيران ووضع سقف لطموحاتها بزيادة الإنتاج يقف عند 3.797 مليون برميل يوميا، بعد أن كانت تصر على حقها في زيادة الإنتاج منذ رفع العقوبات الدولية عنها في يناير الماضي.
ونسبت وكالة رويترز إلى مصدر في أوبك قوله إن الاتفاق يتماشى مع ما تم التوصل إليه في الجزائر في سبتمبر، والذي وضع سقفا لإنتاج الدول الأعضاء عند نحو 32.5 مليون برميل يوميا مقارنة بإنتاج يصل إلى 33.6 مليون برميل حاليا.
وأكد المصدر أن السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، وافقت على خفض إنتاجها النفطي إلى 10.06 مليون برميل يوميا بموجب الاتفاق الجديد، مقارنة بنحو 10.54 مليون برميل أنتجتها يوميا في أكتوبر، أي بخفض يقارب نحو نصف مليون برميل يوميا.
وبدأ التحول في مناخ الاجتماع، صباح أمس، حين وصف وزير الطاقة السعودي خالد الفالح الأجواء بأنها “متفائلة” في إشارة إلى إمكانية مواجهة الخلافات الكبيرة.
ويقول محللون إن الاتفاق قد يواجه عقبات كبيرة في التنفيذ بسبب صعوبة التأكد من التزام الدول الأعضاء، إضافة إلى أنه ينتظر جولة جديدة من المحادثات مع المنتجين المستقلين من خارج المنظمة للحصول على التزامات محددة بالمساهمة في خفض الإنتاج وخاصة من روسيا وكازاخستان.
وبدا أن أوبك مضطرة لتجاوز خلافاتها بسبب استمرار تخمة المعروض في ذروة ارتفاع الطلب في فصل الشتاء، الأمر الذي ينذر بعودة الأسعار إلى الهبوط الحاد، عند تراجع الطلب في الربيع المقبل.
وذكر مصدر أن المنظمة تريد من المنتجين المستقلين المساهمة بخفض الإنتاج بواقع 600 ألف برميل يوميا، بينها خفض إنتاج روسيا بنحو 400 ألف برميل يوميا.
وسرعان ما ظهرت بوادر خلافات في هذا الصدد، حين أعلن مصدر بوزارة الطاقة الروسية أن الخفض الذي طلبته أوبك من موسكو قد يكون “مبالغا فيه بعض الشيء”.
وفتحت الرياض أبواب التوصل إلى الاتفاق حين أكد الفالح قبل الاجتماع أن السعودية مستعدة لتحمل “عبء ثقيل” في إنتاجها والقبول بتثبيت الإنتاج الإيراني عند مستويات ما قبل العقوبات.
وتعتبر تلك التصريحات بمثابة تنازل من الرياض التي أصرت في الأسابيع الأخيرة على مشاركة إيران الكاملة في أي خفض للإنتاج.
وأكد الفالح أيضا أن المنظمة تركز على خفض الإنتاج إلى 32.5 مليون برميل يوميا. وأعرب عن أمله في أن تساهم روسيا وغيرها من المنتجين المستقلين بخفض قدره 600 ألف برميل يوميا.
وأضـاف أن ذلـك “سيعني أن السعـودية ستتحمل عبئا ثقيلا وخفضا كبيرا من مستـوى إنتاجنـا الحالي ومـن توقعـاتنا لعـام 2017. لـذا لن نقـدم على ذلـك مـا لـم نتـأكـد مـن وجود إجماع واتفـاق على الالتـزام بجميع المبــادئ”.
وكـانت الخـلافـات بــين السعودية وخصمها اللـدود إيران هيمنـت على الكثيـر من اجتماعـات أوبك السابقـة.
وكـانت طهـران تصر على مطالبـة السعـودية بخفض إنتاجها بنحو مليون برميل يوميا، لكـن نبرتهـا تغيـرت صبـاح أمـس حين قـال وزير النفـط الإيراني بيجـان زنغنـة “أنـا متفـائـل”، وذكـر أن روسيا مستعدة لخفض الإنتاج.
وقالت أوبك إنها ستعفي ليبيا ونيجيريا من الخفض نظرا لتضرر إنتاج تلك الدول جراء الاضطرابات أو العقوبات، لكن لم يتضح حتى الآن الموقف من العراق الذي طالب أيضا بإعفائه من تقييد الإنتاج بسبب ظروفه الاستثنائية حيث يخوض حربا ضد تنظيم داعش.
وسوف تنتظر الاتفاق المفـاجئ نتائج اجتماع مقرر بين دول أوبك والمنتجين المستقلـين في الأسبـوع المقبـل لمعـرفـة مـدى استجابة أولئك المنتجين لمطالب أوبك.
وتزايد الضغـط على أوبك في الأسابيع الأخيـرة منـذ فـوز دونـالد ترامـب في انتخابات الرئاسة الأميركية، بسبب وعوده برفع جميع القيـود عـن إنتـاج النفـط والغـاز في الـولايـات المتحدة، الأمر الذي يمكن أن يعمق تخمة الأسواق ويؤدي إلى تراجع الأسعار.