في سابقة خطيرة عدّها مراقبون وضباط عسكريون بداية لتحول الجيش العراقي، الذي كان من بين أقوى الجيوش في العالم، إلى جيش مذهبي، أدّى مجموعة من خريجي الكلية العسكرية في محافظة ذي قار قسم الولاء بخدمة أهل البيت بدلاً من الوطن.
وقال العقيد في الجيش السابق، نوري السلماني، لـ”الخليج أونلاين”: إن “الجيش العراقي يبتعد يوماً بعد آخر عن الأعراف والتقاليد العسكرية، كما أخذ يبتعد عن وطنيته ومهنيته؛ بسبب الولاءات الحزبية والمذهبية”.
وأضاف: إن “قسم خريجي الكلية العسكرية تحوّل من الولاء للوطن وحماية سمائه وأرضه إلى خدمة أهل البيت وموالاتهم، وأن يكونوا جنوداً أوفياء لحماية المقدسات، وهو جلّ ما تسعى إليه الطبقة الحاكمة في العراق، التي جعلت العراق جزءاً لا يتجزأ من إيران”.
وحمَّل السلماني رئيس الوزراء، حيدر العبادي، المسؤولية عما وصلت إليه المؤسسة العسكرية العراقية؛ باعتباره القائد العام للقوات المسلحة، وكذلك المرجعية الدينية في النجف متمثلة في علي السيستاني؛ باعتباره الراعي الأول للعملية السياسية في العراق.
اقرأ أيضاً :
تركي الفيصل: إيران تسعى لوضع العالم تحت حكم الإمام الغائب
وكان نحو 221 ضابطاً برتبة ملازم من المتخرجين الجدد في المؤسسة العسكرية، من صنفي القوة الجوية والدفاع الجوي، قد أدّوا قسم التخرج عند ضريح الإمام الحسين في مدينة النجف جنوب العراق، وأقسموا بأن يكونوا جنوداً أوفياء لخدمة أهل البيت وحماية المقدسات.
وقال مسؤول في الحكومة العراقية (فضّل عدم الإفصاح عن هويته) لـ”الخليج أونلاين”، إن المؤسسة العسكرية العراقية “تشهد تنافساً كبيراً بين الأحزاب والفصائل للاستحواذ على النفوذ فيها”، لافتاً إلى أنها أصبحت حكراً على الأحزاب الشيعية؛ وأبرزها حزب الدعوة، والمجلس الأعلى، والتيار الصدري”.
وأضاف: “معظم خريجي الكليات العسكرية في العامين الماضيين غير مؤهلين لدخول المؤسسة العسكرية، التي تعد من أكبر وأهم المؤسسات السيادية في العراق، وتم قبولهم نتيجة لضغوطات حزبية، فضلاً عن دفع الرشى لدخول الكلية العسكرية، حيث يدفع الراغبون في الالتحاق بالكلية العسكرية مبلغاً يزيد على 10 آلاف دولار للأشخاص المعنيين”.
من جانبه قال المحلل العسكري، خالد عبد الكريم، لــ”الخليج أونلاين” إن قسم خريجي الكلية العسكرية بالولاء المذهبي “يتنافى مع العقيدة العسكرية التي سادت في العراق منذ تشكيل جيشه الوطني عام 1921، والذي يكنّ الولاء للوطن، وسيادته، وحماية حدوده، والذود عنه، والدفاع عن العراقيين دون تمييز”.
وأكد أن “هناك صعوبات تتعلق بتحديد عقيدة دفاعية تؤسس لجيش مستقل وقوي في العراق؛ أبرزها التدخلات الخارجية، وخصوصاً الإيرانية والأمريكية”، لافتاً إلى أن “الدول المهيمنة على العراق اليوم لن تقبل بتأسيس جيش قوي يسحب البساط عن وجودهم؛ فبقاء العراق ضعيفاً عسكرياً، ومفككاً سياسياً، يساعد هذه الدول في تعزيز وجودها فيه لأطول فترة ممكنة”.
يشار إلى أن الجيش العراقي كان من أقوى الجيوش العربية، كما كان واحداً من أقوى الجيوش على مستوى العالم، وقد خاض العديد من المعارك الكبرى، ويرجع تاريخ تأسيس الجيش العراقي إلى عام 1921، وقد تم حله عقب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، بقرار من الحاكم الأمريكي بول بريمر.
عمر الجنابي – الخليج أونلاين