صنعاء – كثّف طيران التحالف العربي بشكل ملحوظ ضرباته لمعسكرات ومخازن ومواقع تجمّع القوات التابعة للمتمرّدين الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح، في خطوة رأى فيها محلّلون عسكريون تمهيدا لدخول المعركة منعرج الحسم النهائي بعد أن تراجعت فرص الحلّ السلمي بطرح الجهات الدولية الراعية له خارطة طريق مجحفة رفضتها الحكومة الشرعية بشدّة معتبرة أنها بمثابة جائزة للانقلابيين.
وطالت غارات التحالف، الإثنين، بشكل رئيسي مواقع في العاصمة صنعاء ومحيطها، مستهدفة معسكر الصواريخ في منطقة عيبان وجبل ظفار في مديرية بني مطر بجنوب غرب المدينة، ومنطقة النهدين التي تضم ألوية عسكرية ومجمع دار الرئاسة، ومحيط منصة ميدان السبعين. كما استهدفت أكثر من عشر غارات مواقع لميليشيا الحوثي في وادي السر بمديرية بني حشيش.
وتعد غارات، الإثنين، الأعنف من نوعها منذ شهرين، وقد طالت أيضا مواقع المتمردين في الجند بشرق تعز، وكذلك محيط مدينة المخا الساحلية، كما قصف طيران التحالف العربي أهدافا ومواقع تابعة للمتمرّدين في الحديدة على الساحل الغربي لليمن.
ومن جانبهم هاجم المتمردون الحوثيون مواقع القوات الشرعية في شرقي وشمالي مدينة تعز. ودارت اشتباكات عنيفة بين الجيش اليمني وميليشيا الحوثي في محيط معسكر التشريفات والقصر الجمهوري والمناطق المحيطة به.
كما دارت اشتباكات مماثلة في منطقة الزنوج شمالي المدينة، وشن الحوثيون قصفا عنيفا بالأسلحة الثقيلة على مواقع المقاومة في مناطق عدة منها قلعة القاهرة وثعبات وصالة والعسكري.
وتقول مصادر عسكرية يمنية إنّ هدف التحالف من تكثيف غاراته منع المتمرّدين من التقاط أنفاسهم، بعد ورود معلومات مؤكّدة عن اقترابهم من مرحلة الإجهاد بفعل ما طال قواتهم ومعداتهم العسكرية، خصوصا الثقيلة، من أضرار وخسائر فادحة يصعب عليهم تعويضها في ظل الرقابة المفروضة على طرق تهريب السلاح الإيراني إليهم والذي لم ينقطع عن الوصول، لكن بكميات لا تكفي لمجارة نسق التصعيد القتالي المفروض عليهم من القوات التابقة للشرعية ومن التحالف العربي.
وترى ذات المصادر أنّ كثافة الغارات تحمل مؤشّرا إضافيا على دخول الحرب على المتمرّدين منعرج الحسم النهائي.
وفي ذات السياق كشفت مصادر مطلعة لـ”العرب” عن الانتهاء من إعداد خطة عسكرية لتحرير محافظتي تعز والبيضاء بشكل كامل من أيدي الانقلابيين وكذلك معظم مناطق الشريط الساحلي على البحر الأحمر، مع الاستمرار في التصعيد العسكري على جبهات الاستنزاف الأخرى في كل من صعدة ونهم والجوف وصرواح وميدي، حيث يسعى الجيش اليمني لتحقيق إنجاز عسكري فارق قبل انتهاء العام الجاري 2016.
وبالتوازي مع المصاعب العسكرية يواجه المتمرّدون تحديات سياسية واجتمعاية واقتصادية، على رأسها فشلهم في انتزاع اعتراف دولي بالحكومة الموازية التي أعلنوا مؤخرا تشكيلها في صنعاء تحت عنوان “الإنقاذ” فإذا بها تتحوّل إلى سبب للصراع على المناصب بين الحوثيين وأتباع علي عبدالله صالح. ومنذ أيام فاجأ الأخير الرأي العام المحلي والإقليمي بدعوته جهات عربية إلى التوسط لدى السعودية من أجل المصالحة معها، في خطوة فسّرها المراقبون باشتداد ضغوط الحوثيين، ومن ورائهم إيران، عليه، لتجريده من وسائل قوّته بما في ذلك السلاح والمقاتلون الخاضعون لإمرته.
كما يواجه المتمرّدون تنامي حالة السخط الشعبي بسبب العجز عن دفع رواتب الموظفين في المناطق الخاضعة لهم، في الوقت الذي شرعت فيه حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي بصرف رواتب الموظفين والعسكريين في المناطق المحررة.
ووفقا للمصادر يخشى تحالف الحوثي وصالح من خروج الوضع عن السيطرة في ظل نضوب المصادر المالية خصوصا بعد قرار الحكومة الشرعية بتحويل كل الإيرادات ومن بينها أموال النفط والغاز إلى عدن.
ويشير محلّلون سياسيون إلى أنّ تشتت صفوف المتمرّدين يقابله تنظيم الجانب الحكومي لصفوفه وتطوير موارده، مؤكّدين أنّ خيارات الطرف الأول باتت محدودة ورهاناته تنحصر بشكل كلي في عامل الوقت وما يمكن أن تمثله التغيرات في المشهد الدولي واحتمالات فرض تسوية سياسية من الخارج تساهم في تغيير موازين القوى وخلط الأوراق.
ويرى مراقبيون أن عودة الرئيس هادي وحكومته للعمل من داخل اليمن، ساهمت في كبح جماح الضغوط الدولية التي كانت تنظر إلى الحكومة الشرعية كحكومة منفى.
ويرون وراء رفض هادي القاطع لخطة المبعوث الأممي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، قرارا نهائيا بالمضي في خيار الحسم بالقوة ضد المتمرّدين واستعادة الدولة من أيديهم، وهو القرار الذي يجري تنفيذه راهنا.
العرب اللندنية