حلب، بيروت، لندن – «الحياة»، أ ف ب، رويترز – انسحبت فصائل المعارضة السورية من أحياء جديدة جنوب شرقي مدينة حلب، وسط معلومات عن «انهيار مريع» في صفوف عناصرها الذين باتوا محصورين في جيب صغير من الأحياء المحاصرة كلياً منذ الصيف الماضي، ما عزز من «مأسوية» وضع المدنيين، في وقت تقدم «داعش» إلى مشارف مطار «تي فور» قرب تدمر وسط البلاد.فور»، الذي سعت موسكو إلى تحويله قاعدة عسكرية، أجواء الاستعداد لإعلان «النصر على الإرهاب» في حلب، بعدما أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس، انحسار المناطق التي تسيطر عليها المعارضة إلى أقل من ثمانية كيلومترات مربعة. وبرزت انتقادات غير مسبوقة لأداء العسكريين الروس والسوريين، واعتبر مسؤولون الاستيلاء على تدمر «ضربة لسمعة روسيا».
ومع اقتراب روسيا من إعلان حسم كامل في حلب، في غياب اتفاق مع الجانب الأميركي على خروج الفصائل، وإعلان نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف، أن «العقدة تكمن في إصرار واشنطن على البدء بوقف إطلاق النار قبل الاتفاق على ممرات وتوقيت خروج المسلحين»، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن القوات السورية واصلت تقدمها أمس، وباتت تسيطر على أكثر من 96 في المئة من مساحة المدينة، وأكدت أن «الإرهابيين محاصرون في أقل من 8 كيلومترات مربعة».
لكن هذه الأجواء تزامنت مع بروز خيبة أمل واسعة بسبب التطورات في تدمر، التي وصفها مسؤولون عسكريون بأنها «عكست عجز الجيش السوري عن المحافظة على مواقعه من دون الاستعانة بحلفائه». وانتقد الرئيس السابق للأركان يوري باليوفسكي «أداء العسكريين الروس والسوريين»، وقال إنه «لم يكن يجدر بالقيادة الروسية أن تتغاضى عن واقع الجيش السوري وتتجاهل الحشود الإرهابية حول المدينة».
في الأثناء، قال الرئيس فلاديمير بوتين إن «الإرهابيين تمكنوا من إنشاء تشكيلات مسلحة كبيرة، ويعتمدون في العمليات القتالية على خبراء تدربوا في جيوش نظامية، وعلى أسلحة غربية الصنع». وشدد في اجتماع ناقش صادرات روسيا من الأسلحة، على أهمية المحافظة على «تعزيز قدرات حلفائنا والالتفات إلى جغرافيا التصدير العسكري الروسي».
وقتل 53 مدنياً على الأقل بينهم 16 طفلاً الإثنين، نتيجة غارات لم يعرف إذا كانت سورية أم روسية استهدفت بلدات عدة في محافظة حماة تحت سيطرة «داعش»، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وكان «المرصد» قال إن «عناصر الفصائل انسحبوا في شكل كامل من أحياء بستان القصر والكلاسة وكرم الدعدع والفردوس والجلوم وجسر الحج»، بعد ساعات على سيطرة القوات النظامية على حيي الشيخ سعيد والصالحين بعد ليلة تخللها قصف عنيف. وتحدث «المرصد» عن «انهيار كامل» في صفوف الفصائل مع وصول «معركة حلب إلى نهايتها». وقال إن «المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة حالياً ليست إلا جزءاً صغيراً، ومن الممكن أن تسقط في أي لحظة».
وباتت الفصائل المقاتلة تسيطر عملياً فقط على حيين رئيسيين هما السكري والمشهد، عدا عن أحياء أخرى صغيرة، في حين تتقاسم السيطرة مع القوات النظامية على الأحياء المتبقية، علماً أن ثلاثة منها على الأقل مقسومة بين الطرفين منذ 2012، وهي صلاح الدين والعامرية وسيف الدولة. ووصف بسام مصطفى، عضو المكتب السياسي في «حركة نور الدين الزنكي»، أبرز الفصائل في حلب، لصحافيين عبر الإنترنت ما يحدث في شرق المدينة بـ «الانهيار المريع».
في باريس، قال الرئيس الفرنسي في مؤتمر صحافي مع رئيس الهيئة العامة للمفاوضات رياض حجاب: «يعتقد النظام السوري أنه ربح جزءاً من المعركة، في حين أنه أنشأ فقط رعباً وكارثة… لا يمكن أن يكون هناك حل إلا بوقف القتال وإتاحة وصول المساعدات الإنسانية وحل سياسي على المدى الطويل».
وقال حجاب: «إنهم يتبعون سياسة الأرض المحروقة في حلب… تحدثنا مع الرئيس عن أهمية رفع معاناة الشعب السوري وفتح الممرات الآمنة لخروج المدنيين وإيصال المساعدات. هم يفعلون ذلك بمدنيين عزل في مدينة حلب وفي غيرها بحجة محاربة الإرهاب، في حين نرى في الوقت ذاته ما يطرح علامات استفهام كثيرة: إنهم يهربون أمام تنظيم داعش في تدمر كالجرذان»
الحياة