يرجع تاريخ الطيران في العراق الى عام1933، اذ تم افتتاح اول مطار في بغداد، وكان من اروع ثلاثة موانئ جوية في العالم من حيث السعة ، والكفاءة، والتجهيزات الحديثة كما في المطارات الدولية آنذاك .
والحقت ادارة المطار بوزارة الاقتصاد والمواصلات، وفي عام 1934 تم الحاقه بوزارة الدفاع، وقد استخدمت المطار ثلاث شركات هي: الطيران الامبراطورية، والهولندية، والفرنسية.
يقول عبد الرزاق الهلالي في “معجم العراق ” 1956 ان الخطوط الجوية العراقية تمتلك تاريخا مشرفا فهي تعد في مقدمة شركات الطيران المدني في الشرق الاوسط التي تسير طائراتها داخل العراق والى البلدان المجاورة واكتسبت شهرة وسمعة طيبتين جعلتاها موضع ثقة واطمئنان الجميع من عراقيين واجانب .
وفي نيسان 1956 قامت(مصلحة الخطوط الجوية العراقية ) بتسيير رحلة جوية بين بغداد ولندن وبين كراجي وبومبي وبغداد .
واستمرت ( مصلحة الخطوط الجوية العراقية ) منذ 1956 وحتى 2003 بوضع قدمها على الطريق الصحيح، ومما زاد من شهرة هذه الخطوط انها امتلكت تاريخا نظيفا من ساعات الطيران حيث لم تتعرض لاية مشاكل او كوارث ولها تاريخ مجيد في تأمين سلامة السفر الجوي وعنصري الاعتماد والدقة في المحافظة على المواعيد.
و في سنتي 2007 و 2008 كانت الخطوط الجوية العراقية تملك30 طائرة، معظمها طائرات حديثة خمس منها دخلت الخدمة والباقي حديثة جدا، وهناك طائرات أخرى بانتظار استلامها من الشركات المصنعة، هذا على مستوى الطائرات أما على مستوى الكادر فما زال بعض الطيارين الأكفاء الذين عملوا فيها في ثمانينيات القرن الماضي يقودون طائراتها، وهؤلاء كلهم تخرجوا من مدرسة الطيران في أكسفورد ، لكنهم قلة وسط كادر جديد اختير على أسس طائفية وحزبية ومحسوبية لدرجة أن مضمداً صحياً يعمل في شركة الخطوط أرسل ليدرس الطيران وتخرج بالفعل؛ لأنه أحد عناصر مليشيا معينة .
ومن فصول الفساد في الخطوط العراقية ان المستشار احمد السعداوي الذي يحمل الجنسية الكندية والشخصية المقربة من رئيس الوزراء السابق نوري المالكي نصح المالكي بشراء10 طائرات كندية بسعر 27 مليون دولار للطائرة الواحدة، دون التنسيق مع وزارة النقل، وهذا السعر مرتفع، لا يتناسب مع مواصفات الطائرات الفنية.
ومن الملاحظات على اداء الطائرات الكندية وهي من نوع بومبارديه ان محركاتها تحتاج الى تغيير كل 2500 ساعة طيران و بسعرمليون ونصف المليون دولار لكل محرك يتم تجديده ماعدا تكلفة نقل المحركات الى كندا، وعند مقارنتها بطائرة بوينغ 737 التي يبلغ ثمنها 42 مليون دولار ، والتي اشتراها العراق ب 45 مليون دولار ، فهناك فروق كبيرة فالطائرة الكندية تتسع لسبعين راكبا فيما الاميركية تتسع 180 راكبا ، الى جانب عوامل الراحة وسعة الشحن الجوي الاكبر.
ومع الفوضى العارمة التي يعيشها العراق اليوم، ارتكبت الخطوط الجوية العراقية بعض المخالفات بشكل متعمد، مما دعا الاتحاد الأوربي إلى منع طائراتها من التحليق في أجوائه ومنها: اهمال الاتصالات خلال الرحلات، والانحراف عن خط سير الطائرات في بعض الأحيان التدخين في قمرة القيادة، والانشغال بالأحاديث الشخصية، وتحويل الطائرة إلى مكان لإجراء الطقوس الطائفية .
وكانت وكالة سلامة الطيران الأوروبية Easa طلبت عام 2014 من الخطوط الجوية العراقية توفير معايير السلامة والامان الاوربية في طائراتها كما في شركات الطيران الاوربية الاخرى.
وكانت الخطوط الجوية العراقية باشرت رحلاتها الى اوروبا عام 2013 بعد توقف منذ عام 2010 بسبب ما سمي حينها “المشكلة مع الخطوط الجوية الكويتية” وحينها طلب من الخطوط الجوية العراقية تطبيق اتفاقية البلد الثالث من اجل تسيير رحلاتها الى لندن، اي ان الخطوط الجوية العراقية يجب ان تهبط في بلد اوروبي ثالث للتأكد من معايير السلامة والامان في الطائرة قبل السماح بهبوطها في لندن وحينها وقع الاختيار على مدينة مالمو جنوبي السويد بسبب حجم الجالية العراقية الكبير هناك ولقربها من الدنمارك ، ولكن الخطوط غيرت الاتجاه وفتحت خطا جديدا هو بغداد-فيينا-لندن.
ومن الاسباب التي دعت الاتحاد الأوربي ايضا إلى منع طائرات الخطوط العراقية من التحليق في أجوائها:
– اهمال الاتصالات خلال الرحلات، وعدم وتوفير معايير السلامة والامان الاوربية
– اكتشاف السلطات النمساوية اثار تدخين بقمرة القيادة حاول الطيارون اخفاءها عن طريق رش العطور
-انتهاء صلاحية زجاجات الاوكسجين والاطفاء ونقص عض احزمة المقاعد وعدم وجود مقاعد اطفال.
-عدم دراية الطيارين باللودشيت وتوزيع الاوزان.
-مجموع اعمار الكابتن والمساعد يتجاوز الحد القانوني
-مهندسو الطيران لا يتكلمون الانكليزية ولا يفقهون شيئا بهندسة الطائرات.
– السماح لا صدقاء الطيار من المسافرين بالدخول الى قمرة القادة.
– استغراب النمساويين من وجود مساعد طيار برتبة طيار وعمره صغير جدا لا يتناسب مع التدرج الوظيفي.
– استقدم المسؤولون في الخطوط مهندسي لصيانة باكستانيين لتأهيل وصيانة الطائرات يرفضون اي مهندس واي عامل عراقي بمرافقتهم في عملية التأهيل والصيانة رغم ان هذا مخالف لشروط العقد المبرم التي تنص على تأهيل العاملين والمهندسين العراقيين.
وقد منعت النمسا طائرات الخطوط من الهبوط في مطاراتها بسبب نقص كبير في وثائقها وأجهزتها الفنية وبعد تدخل المسؤولين لانهاء مشكلة النمسا اتفق الطرفان العراق والنمسا على ان تهبط طائرات الخطوط العراقية مرة اخرى في النمسا على ان تعالج المشاكل الفنية والنواقص ومشاكل الطيارين .
كما منعت السلطات البريطانية الخطوط العراقية يوم 2/8 /2014 بينما قامت السلطات السويدية بمنع الطائرات العراقية من الهبوط في مطاراتها يوم 5/8 ،
وأكد متحدث باسم هيئة الطيران المدني في المملكة المتحدة أن الخطوط الجوية العراقية يمكن أن تستخدم الطائرات المؤجرة Wet Lease لمواصلة خدماتها إلى المملكة المتحدة. وتم عقد اجتماع في يوم 2/12/2014 في النمسا بهدف التزام المشغل (الخطوط العراقية) بالمعايير الدولية لتحسين الاداء الفعلي للسلامة، اذ ان الوكالة الدولية تلقت رسالة سرية تضمنت الاشارة الى ادعاءات بعدم الالتزام بإجراءات التشغيل ، وضعف اداء طاقم الطيران ، وان البيانات غير محدثة او غير موجودة ، والادارة غير كفؤة وسوء تخزين قطع الغيار ( الصالحة وغير الصالحة للاستعمال )، والميل الى انتهاك ارشادات المراقبين الجويين ATC.
ونظرا لخطورة هذه الادعاءات دعت الوكالة للتحقق من صحتها لان المفوضية الاوربية ممكن ان تنظر الى هذه المعلومات في اطار اللائحة (EC(2111/2005,NO حيث تعني منع شركة الخطوط الجوية العراقية من الهبوط في المطارات الاوربية.
واوضح احد العاملين بالخطوط العراقية في تصريح لصحيفة الغد برس ان الاوربيين كانوا يزورون العراق ويوصون بإصلاح العديد من الاخطاء اللوجستية والفنية والادارية ومنها واهمها تاخير اقلاع الطائرة وهبوطها دائما خارج الموعد المحدد لها مبينا ان احد الاسباب هو تأخر تزويدها بالوقود، لان العراق لا يملك سوى (باوزر) واحد وهو جهاز خاص بتزويد الوقود للطائرات، تصل تكلفة الباوزر الواحد 480 الف دولار اذ يرفض الوكيل الفني لوزارة النقل الشراء لأسباب مجهولة.
وتتحمل مديرية السلامة الجوية بنسبته 60% اسباب منع الطيران العراقي من الهبوط في اوربا التي يجب ان يكون مديرها مهندسا او طيارا وله قدرة عالية على الادارة الا ان ما يحصل ان الادارة بيد اناس غير اكفاء وبعيدين عن التخصص بهذا القطاع ، لافتا الى ان واحدة من الطيارات الخمسة التي تمتلكها الخطوط الجوية العراقية من هيئة الحج والعمرة تعرضت لعطل بالمحرك ، فقام الخبراء الفنيون باستئجار محرك للطائرة مقابل 500 الف دولار شهريا علما ان تكليف التصليح اقل بكثير من هذه الاجور .
كما ان سلطة الطيران المدني تعاقدت مع طيارين مصريين ويونانيين لسد النقص في عدد الطيارين لكن بعد فترة تم الغاء عقود الطيارين اليونانيين على الرغم من كفاءتهم العالية والابقاء على الطيارين المصرين ، الذين يجب ان تصل مدة تحليقهم الى 300 ساعة في الاسبوع وتكلفة الطيار في فترة التحليق تصل الى 100$ للساعة الواحدة وتصل الى 260 $ في حال تجاوز الستين ساعة، في حين ان الطيار العراقي وفقا لقوانين السلامة لا يسمح له بالتحليق سوى 60 ساعة في الشهر. وهذا يعني ان مستحقات الطيار المصري تصل الى 50 الف $ شهريا بينما راتب الطيار اليوناني وهو أكفأ يصل الى 10 الاف $ والعراقي يصل الى 13الف $ بحيث ان العراق قادر على تأهيل الطيار العسكري بدورات تدريبية للطيران المدني بتكلفة 50 الف $ فقط .
وتضمن الكتاب المرقم 12/13/101/3200 بتاريخ 18/12/2014 الصادر من وزارة النقل المنشأة العامة للطيران المدني/ قسم السلامة الجوية الى شركة الخطوط الجوية العراقية عدة مخالفات ارتكبتها الخطوط، وذكر ان ممثل SAFA تريفور وودز الذي اشاد بالمتابعة الدقيقة لسلطة الطيران العراقي واغلاق معظم التقارير التي رصدت المخالفات اكد انه في حالة تكرار التنبيهات وتسجيل نفس العوارض في اثناء قيام المفتشين SAFA بعملية التفتيش بالاضافة الى وجود التقارير لأكثر من 4 اشهر ولم يتم رفع اجراءات تصحيحية ولم يتم اتخاذ اي اجراء من قبل الخطوط الجوية ولا حتى متابعة من قبل كوادر الخطوط .
ومن اهم العوارض المتكررة والواردة في الكتاب اعلاه :
– عدم تحديث دليل العمليات والاعتماد على نسخة المصنع وعدم تعديلها من قبل الخطوط الجوية العراقية بما يتناسب مع قدرتها التشغيلية ، وعدم وجود خرائط بيانية ، وحسابات الكتلة والتوازن غير صحيحة .
– عدم تعديل دليل قائمة العطوبات الدنيا بما فيها قوائم المراجعة ، وعدم تحديث الرسوم البيانية للملاحة اللاسلكية.
– عدم الاعداد للرحلة ، والتأكد من الحالة العامة للطائرة قبل اقلاعها .
وفي الكتاب المرقم 834 بتاريخ 18/3/2015 الموجة من وزارة النقل المنشأة العامة للطيران المدني /قسم السلامة الجوية الى شركة الخطوط الجوية العراقية ردا على كتاب رقم 72 بتاريخ 18/10/2014 بخصوص تجديد شهادة مستثمر جوي الممنوحة للشركة AOC001 اجابت وزارة النقل انه يجب تخضع اقسام الشركة المشمولة بالتفتيش واجراء كشف موقعي على اقسام الشركة وتبين التالي بالنسبة الى توكيد الجودة عدم تحديث دليل الصيانة بما يتناسب مع دليل السلامة الخاص بمنح شهادة المستثمر AOC ، وعدم تحديث دليل العمليات ، دليل الامن دليل منهاج التدريب .
وبالنسبة الى وكر الطائرات ، اشارت وزارة النقل الى عدم وجود منظومة اطفاء للحريق الرئيسية والاستعاضة بمنظومة حريق ثانوية ، والإضاءة غير كافية ، والهناكر غير نظيفة ، اما المخازن فلا يوجد مخزن خاص للاطارات حسب معايير العالمية من حيث التحكم بالحرارة والرطوبة والإضاءة وهذا يؤثر على سلامة الطائرة ، لا يوجد مخزن لحفظ الزيوت علما انها مواد قابلة للاشتعال وتم تخزينها مع المواد الاحتياطية للطائرات ، وعدم تحديث عملية ادخال البيانات بما يتناسب مع التكنولوجيا الحديثة مما يسهل عملية تداول من قبل الكادر الفني، اما ما يخص العمليات تحضير جدول الطيارين قبل 24 ساعة على الاقل حتى يتسنى للطاقم الراحة حفاظا على السلامة ، وعدم وجود بطاقات ارشادات السلامة المطابقة لنوع الطائرة ، وتعيين المدراء الرئيسين في اقسام الشركة دون موافقة سلطة الطيران المدني العراقي .
وفي تاريخ 19/3/2015 في الكتاب المرقم 869 الموجه من وزارة النقل الى شركة الخطوط الجوية العراقية / قسم توكيد الجودة اشارت الوثيقة الى رسالة مدير معايير الطيران في وكالة سلامة الطيران الاوربية ESFA التي تتضمن استمرار الخروقات التي تم اكتشافها على متن الطائرات العراقية السابقة الذكر. ما يشير الى خلل واضح في طاقم الطائرة وطاقم التضييف والهندسة والعمليات ونقص بالمعلومات والخبرة الفنية.
واستمرت وزارة النقل العراقية بتقديم الكتب الرسمية الى شركة الخطوط الجوية العراقية لغرض تطبيق متطلبات المنظمة الدولية للطيران المدني وستتم المتابعة التقارير الصادرة من SAFA وفي حالة المخالفة سيتم ايقاف العمل بالإجازات وهذا ايضا ما ذكرته الوثيقة الموجهة من وزارة النقل الى شركة الخطوط الجوية بتاريخ 29/3/2015 العدد 1657 بما يخص عدم تحديث الادلة فور صدور نسخ احدث من مصنع الطائرة او تحديث تاريخ التعديل ، والمخططات والرسوم البيانية للملاحة منتهية الصلاحية ، والضعف الواضح في اعداد الرحلة ، بالاضافة الى ان حساب الكتلة والتوازن خاطئ.
وتؤكد الوثيقة رقم 806 بتاريخ 11/3/2015 الموجهة من وزارة النقل المنشاة العامة للطيران المدني الى / شركة الخطوط الجوية العراقية قسم توكيد الجودة التركيز على ملاحظات ما يخص بالمخازن كما تم ذكرها والتركيز على تصفية المواد والاجزاء المخزونة للطائرات المسقطة من الخدمة وعدم التخزين بصورة تراكمية مما ادى الى ايقاف رحلات الخطوط الجوية العراقية الى اوربا بموجب كتاب رسمي من وزارة الخارجية / الدائرة الاوربية الى وزارة النقل / مكتب الوزير بتاريخ 14/12/2015 رقم 5017/53/5/7 في اجتماع بروكسل والذي كانت أهم ملاحظاته : اجابات الوفد العراقي غير مقنعة بالشكل الذي يسمح لرفع الحضر ووجود نقص بالمعلومات التي قدمها الوفد الذي اشار الى الظروف التي مر بها البلد وايقاف الرحلات منذ عام 1990 ورغبة الجانب العراقي بتجاوز المشاكل وتصحيح الاخطاء .
اما الوثيقة الصادرة من مكتب رئيس الوزراء سري وشخصي العدد م.ر.و/س/455 بتاريخ 2016/2/28 الى مستشارية الامن الوطني فدعت الى تشكيل فريق عمل للتحقق من الاخفاقات في شركة الخطوط الجوية العراقية اذ حصلت موافقة رئيس مجلس الوزراء على التوصيات باستمرار المتابعة ، وتنفيد ما ورد بالتوصية ، يتحمل وزير النقل المسؤولية الاولى عن فشل المتابعة والتدخلات غير الصحيحة والتعيينات الخاطئة والمركزية الشديدة واخيرا ترشيح شخصية لادارة المنشاة العامة للطيران المدني .
شذى خليل
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيحية
المصادر :
*اوروك نيوز WWW.URUKHEWS.NET
*WWW.IRAQCENTER.NET
*الاخبار WWW.AKHBAAR.ORG
*الغد برس
*تاريخ الخطوط الجوية العراقية ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس –جامعة الموصل