لوكسمبورغ – قضت محكمة العدل الأوروبية أمس بوجوب سريان تطبيق اتفاقيتين تتعلقان بالسياسة والتجارة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، لتنقض بذلك قرار محكمة أدنى ببطلان تلك الاتفاقيتين.
وقال محللون أن الأزمة التي أثارت غضب الرباط، تحولت إلى مكسب كبير يدعم سيادتها على الصحراء المغربية، بعد أن فرض زعماء أوروبا إلغاء القرار الأول وتجنب الخلاف الدبلوماسي مع المغرب بشأن الاتفاقيتين الموقعتين في عامي 2000 و2012.
وينقض حكم المحكمة العليا قرارا اتخذته المحكمة العامة للاتحاد الأوروبي وهي محكمة أدنى درجة في عام 2015 ببطلان الاتفاقية التجارية مما دفع المغرب في ذلك الوقت إلى تعليق اتصالاته مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي لفترة وجيزة ودفع دول الاتحاد إلى الطعن في الحكم.
وقال مستشار لمحكمة العدل الأوروبية في سبتمبر إن البطلان يجب أن ينقض، وقرر القضاة اتباع هذا الرأي. ورفضت المحكمة كذلك حق جبهة البوليساريو في النقض.
ووقع الاتحاد الأوروبي والمغرب اتفاقيات تتيح حصصا معفاة من الجمارك لمنتجات زراعية والسماح للسفن الأوروبية بالصيد في المياه المغربية مقابل مساعدات مالية. وبدأ الطرفان أيضا مفاوضات في 2013 لإبرام اتفاقية تجارة حرة أكثر عمقا وعلى أوسع نطاقا.
محكمة العدل الأوروبية قضت أمس بوجوب سريان تطبيق اتفاقيتين بين المغرب والاتحاد الأوروبي
وأكد المغرب والاتحاد الأوروبي في بيان مشترك أمس أن قرار مجلس الاتحاد الأوروبي المتعلق بتنفيذ الاتفاق الزراعي بين الاتحاد والمغرب يبقى ساري المفعول وأن الطعن الذي تقدمت به جبهة البوليساريو لإلغاء الاتفاق “غير مقبول”.
وقال “إن الطرفين يدرسان كل التبعات المحتملة لحكم المحكمة وسيعملان بالتشاور في شأن كل مسألة تتصل بتنفيذه وفق روح الشراكة المتميزة والقائمة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب والآليات المنصوص عليها في هذا الشأن”.
وأضاف البيان أن “الطرفين يؤكدان حيوية هذه الشراكة المتميزة ويعتزمان بشكل فاعل على تطويرها في كافة المجالات ذات الاهتمام المشترك”.
وكان قرار إلغاء الاتفاقات قد فاجأ دول الاتحاد الأوروبي، التي تعتبر المغرب شريكا استراتيجيا، ما دفعها إلى اتخاذ موقف موحد ضد القرار، وقدمت استئنافا موحدا، ونجحت أخيرا في نقضه.
وكانت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني، قد أكدت مرارا منذ تفجر الأزمة أن جميع الدول الأعضاء في التكتل يعارضون القرار السابق وسيفعلون كل ما بوسعهم لإيقافه.
وأكدت أن الاتحاد الأوروبي “يحترم التزاماته الدولية” وأن الدول الأعضاء ستصادق بالإجماع على استئناف قرار المحكمة الأوربية، مع التأكيد أن علاقة الاتحاد بالمغرب ثابتة وشاملة ومستقرة وأن كل الاتفاقيات الثنائية بينهما شرعية”.
وأكدت المحكمة العليا أن الاتفاقات لا علاقة لها بقضية الصحراء المغربية، ما يعد إشارة غير مباشرة إلى تقبلها لسيادة الرباط على الإقليم. وقد صدرت إشارات مماثلة من قوى عالمية كثيرة مثل الولايات المتحدة ومؤسسات الاتحاد الأفريقي.
ويقود المغرب برنامج تنمية واسع في الصحراء المغربية لتحسين مستويات المعيشة وتوفير فرص العمل، الأمر الذي ساهم في نجاح تزايد قبول المجتمع الدولي بسيادته على الإقليم.
وكانت الرباط قد علقت الاتصالات مع الاتحاد الأوروبي لفترة وجيزة بعد صدور القرار الأول ببطلان الاتفاقات، ورمت الكرة في ملعب الاتحاد الأوروبي، وطالبته باتخاذ موقف صارم من القرار لأنه يهدد العلاقات الراسخة بين الطرفين.
فيديريكا موغيريني: الاتحاد الأوروبي لن يسمح أبدا بالتشكيك بالعلاقة مع المغرب كحليف استراتيجي
وعاد لاستئناف الاتصالات مع بروكسل بعد أن أظهرت دول الاتحاد موقفا موحدا ورافضا للقرار. وأكدت حرصها على استمرار الشراكة الاستراتيجية مع المغرب.
وقالت موغيريني في وقت سابق إن الاتحاد الأوروبي يعالج كافة القضايا وفق القانون والقضاء، وأن جميع الاتفاقيات الثنائية بين الطرفين ستظل قائمة ومستمرة، ومن ضمنها الاتفاقية الأوروبية المغربية في المجال الزراعي. وأضافت أن أعضاء الاتحاد يرفضون التعامل مع الموضوع سياسيا، وأنهم لن يسمحوا أبدا بالتشكيك في الالتزامات التي تربطهم بالمغرب كحليف استراتيجي يحظى بالأولوية. وشددت على أن العلاقات بين الطرفين متنوعة وشاملة وتسير بشكل طبيعي.
يذكر أن المغرب والاتحاد الأوروبي يرتبطان باتفاق للتبادل الحر دخل حيز التطبيق في عام 2000، إضافة إلى اتفاق خاص بالتبادل الحر للمنتجات الزراعية ساري المفعول منذ عام 2012، وهو يتمتع بأعلى درجة من الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.
وتمكن المغرب خلال الأعوام الماضية من إنجاز خطوات كبيرة على صعيد الإصلاحات الاقتصادية وتحديث القوانين والتشريعات والمعايير الاقتصادية الأمر الذي جعله قبلة للاستثمارات العالمية، وخاصة الأوروبية.
وأدت الإصلاحات الاقتصادية الواسعة التي أجراها المغرب منذ بداية القرن الحالي إلى تدفق استثمارات أوروبية كبيرة من الاتحاد الأوروبي إلى قطاعات كثيرة مثل صناعة السيارات والطيران.
كما تزايد نفوذ المغرب الاقتصادي في دول أفريقيا، وأصبح شريكا لا غنى عنه للقوى الاقتصادية العالمية في مشاريع التنمية في القارة، وخاصة الاتحاد الأوروبي.
كما تعد الرباط شريكا أساسيا في الملفات السياسية مثل الهجرة ومعالجة الصراعات في المنطقة، حيث تنظر الدول الأوروبية إليه كنموذج للاستقرار السياسي والاقتصادي، إضافة إلى ارتباطها معه في مشاريع الطاقة المتجددة.
ا