لا يملك الرئيس السوري بشار الأسد القوى البشرية الكافية لاستعادة ثلثي الأراضي السورية خارج نطاق سيطرته في أي وقت قريب. وفي الوقت نفسه، لن يحرز الأسد تقدم حقيقي في غياب تدخل عسكري واسع من قبل الولايات المتحدة والغرب. وهذا في الأساس إعادة للخطوات التي اتخذها صدام حسين في العراق في تسعينيات القرن الماضي، عندما كانت البلاد مقسّمة وغير مستقرة. ومع ذلك، فإن جيش الأسد هو أضعف بكثير هذه المرة من جيش صدام، الأمر الذي أدى إلى قيام إيران بإرسال المزيد من الميليشيات الشيعية لمساعدة الأسد على شق طريق عودته الى السلطة [الكاملة]. وبالنسبة للرئيس المنتخب ترامب، فهو لا يواجه سوريا مقسّمة فحسب، بل غير مستقرة أيضاً حيث تؤدي فيها الجماعات المدرجة على لائحة الولايات المتحدة للإرهاب دوراً كبيراً من جميع النواحي.
ومن أجل أن تتعامل إدارة ترامب مع هذا الوضع وتعيد الأمور إلى نصابها في سوريا، فعليها:
1. القبول بأن سوريا مقسّمة بحكم الأمر الواقع وعلى الإدارة القادمة إقامة مناطق آمنة: يجب على الولايات المتحدة التعامل مع الأجزاء المكوّنة لسوريا من أجل تخفيف المعاناة الإنسانية، ووقف تدفق اللاجئين، ومكافحة الإرهاب. وسيكون إنشاء مناطق آمنة للسوريين في مختلف الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة على الحدود مع تركيا والأردن أفضل وسيلة لبناء المناطق التي يقول الرئيس المنتخب ترامب أن بإمكانها أن تساعد السوريين في “الحصول على فرصة”. إن قيام تركيا بإنشاء منطقة آمنة شمال حلب بحكم الأمر الواقع، مع التوصل إلى تفاهم من روسيا، هو فرصة جديدة وقوية كما يُحتمل لحماية السوريين وبمثابة أساس عسكري وسياسي للقضاء على تنظيم «الدولة الإسلامية» عبر وادي الفرات. أما المناطق الكردية وجنوب سوريا فهي خيارات أخرى.
2. إجراء مفاوضات مُضنية مع موسكو: يجب على إدارة ترامب اختبار التزام روسيا بمكافحة الإرهاب في سوريا، والتضييق على نظام الأسد، وتحقيق تسوية سياسية قابلة للتطبيق من خلال إعادة التفاوض على اتفاق “مجموعة التنفيذ المشتركة” الذي تم التوصل إليه مع موسكو في الخريف الماضي. وسيتمثّل مفتاح النجاح في وضع معضلات واضحة لتحديد نوايا موسكو. بالإضافة إلى ذلك، يجب الحفاظ على برنامج واشنطن السري لكي يمكن الحصول على تأييد جماعات رئيسية من المعارضة من أجل تحقيق الاستقرار والقيام بمحاولات لإعادة الوحدة الوطنية.
3. إحداث إنقسام بين إيران وروسيا بشأن سوريا: تقوم طهران وموسكو بدعم نظام الأسد بالميليشيات والقوات الجوية، على التوالي. إلا أن السؤال يبقى إلى أي أغراض سياسية. يجب على الولايات المتحدة التفاوض مع روسيا بشأن التوصل إلى تسوية مستدامة في سوريا، التي من شأنها أن تُبقي «حزب الله» وغيره من الميليشيات الشيعية التي تدعمها إيران خارج سوريا. وسوف يقطع ذلك شوطاً طويلاً من أجل تحقيق هدف إدارة ترامب في الحصول على نتائج أفضل من الاتفاق النووي الإيراني الذي تم التوصل إليه في الآونة الأخيرة والتحقق من توسع طهران الإقليمي.
أندرو تابلر
معهد واشنطن