قال اقتصاديون مغاربة لـ“العرب” إن عام 2016 فتح آفاقا اقتصادية كثيرة للعلاقات المتجددة بين المغرب وأفريقيا، وتوقعوا أن تدخل مجالات تنموية واقتصادية كثيرة للاستثمار في السنوات القادمة.
ووسع المغرب نفوذه الاقتصادي والمالي إلى عموم أفريقيا بعد أن كان مقتصرا على غرب القارة، وذلك بفضل سلسلة من الزيارات التي قام بها العاهل المغربي الملك محمد السادس، التي عززت الشراكة الاستراتيجية مع بلدان القارة.
وأكد الباحث الاقتصادي المغربي يونس بلفلاح لـ“العرب” أن ذلك التقارب يشكل فرصة لتطوير العلاقات الاقتصادية مع دول أفريقيا التي تمثل العمق الاستراتيجي للمغرب عبر إبرام الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية.
وكان من أبرز الاتفاقيات مشروع مد خط أنابيب لنقل الغاز بين نيجيريا والمغرب، والذي يمكن أن تمتد آفاقه إلى تصدير الغاز إلى البلدان الأوروبية.
وقال بلفلاح إن “الخط يعد من أهم المشاريع الأفريقية في العقد الحالي، وسيؤدي إلى جلب استثمارات أجنبية تؤدي إلى تحولات كبيرة في استثمار الموارد الطبيعية المتاحة بشكل كبير في الأسواق المحلية والعالمية”.
أبرز المحطات الاقتصادية
وشهد العام توقيع المغرب وعدة دول شرق أفريقيا اتفاقيات، منها 18 اتفاقية مع تنزانيا و13 بروتوكول اتفاق ومذكرة تفاهم مع إثيوبيا و14 اتفاقية مع نيجيريا. وفي الإجمال بلغ عدد الاتفاقيات الموقعة بين المغرب والعديد من دول القارة أكثر من 500 اتفاقية.
وبلغت قيمة الاستثمارات التي سيضخها المغرب في تنزانيا حوالي ملياري دولار، وباستثمار ما قيمته 3.7 مليار دولار خلال السنوات الخمس القادمة لإقامة مجمع ضخم لإنتاج الأسمدة الزراعية بإثيوبيا.
وقال مراد زناسني، أستاذ الاقتصاد والتدبير بكلية الناظور لـ“العرب”، إن “مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط المغربي وضعت استراتيجية استباقية لدعم أفريقيا في التنمية الزراعية عبر توفير الأسمدة الأقل تكلفة وأكثر قدرة على التكيف مع المحاصيل والتربة الأفريقية.
ويتوقع المرصد الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ظهور محددات جديدة للنمو في صناعـات التصدير وتـوسع الشركات المغربية في غرب أفريقيا، ومن المحتمل أن تهيئ الظروف أمام المغرب للتحول إلى مركز للتجارة والاستثمار بين أوروبا وأفريقيا.
وشكل تراجع الاتحاد الأوروبي عن قرار المحكمة العليا القاضي بالإلغاء الجزئي للاتفاق الزراعي مع المغرب، ورفض الطعن الذي قدمته جبهة البوليساريو، ليعطي زخما جديدا للعلاقات التجارية والسياسية بين المغرب والاتحاد.
وسعى المغرب طيلة العام، إلى جذب المزيد من الاستثمارات في قطاعات صناعة الطائرات والسيارات وغيرها، حيث أعلنت مجموعة من الشركات الأجنبية ضخ استثمارات جديدة في البلاد بفضل مناخ الأعمال المستقر قياسا بباقي دول المنطقة.
وبحسب حفيظ العلمي، وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيا الرقمية، فإن صناعة السيارات والطائرات، مكنـت المغـرب من توفير حولى 160 ألف وظيفة جديدة هذا العام، في وقت لم توفر فيه الحكومة سوى 75 ألف وظيفة صناعية خلال السنوات العشر السابقة.
وأشار الخبير الاقتصادي رضا الهمادي إلى أن المغرب استطاع جلب مجموعة من الاستثمارات الأجنبية على غرار شركة بوينغ لصناعة الطائرات التي ستوفر نحو 150 ألف فرصة عمل بحلول 2020.
وتم الإعلان في نوفمبر، عن مشاريع استثمارية في مجال صناعة السيارات بالمغرب، بقيمة 44 مليون دولار، وستشغل 2122 شخصا بإيرادات سنوية تقدر بـ226 مليون دولار.
يونس بلفلاح: دول أفريقيا تمثل العمق الاستراتيجي لتعزيز النمو الاقتصادي في المغرب
وبافتراض التنفيذ الكامل لجدول أعمال الإصلاحات الشاملة، يمكن لوتيرة النمو الاقتصادي أن تتسارع وأن يتجاوز معدله 3.5 بالمئة باستمرار على المدى المتوسط، حسبما أكده المرصد الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ورغم كل تلك التحركات، إلا أن النشاط الاقتصادي تأثر بموسم زراعي غير مشجع تأثرت معه قطاعات عديدة وانخفض معه مدخول الخزينة العامة بسبب موجة الجفاف التي طالت شمال أفريقيا.
وقال خبراء إن الاقتصاد المغربي تضرر بشدة بسبب موجة الجفاف التي حدثت العام الماضي، أثرت سلبا على مستوى إنتاج الحبوب في الموسم الحالي، وأشاروا إلى خطة الطوارئ التي وضعتها السلطات لإنقاذ الثروة الحيوانية وحماية الموارد النباتية.
وقررت الحكومة مطلع العام، تخصيص 450 مليون دولار لمخطط مكافحة تأثيرات انحباس الأمطار، فضلا عن تعويضات بقيمة 125 مليون دولار، لكن يبدو أن تلك الخطوة غير كافية لإنقاذ الموسم الزراعي.
وفي محاولة لتنفيذ رؤيته المستقبلية، يستعد المغرب لإطلاق مشروع تعويم الدرهم في العام المقبل، وذلك بعد أشهر من المشاورات بين مسؤولي وزارة الاقتصاد المالية والبنك المركزي تخللتها محادثات رسمية مع صندوق النقد الدولي.
ويقول محللون إن رسالة الطمأنة التي بعث بها الصنـدوق للمغرب بعد أن قرر تحرير سعر صرف العملة المحلية تعكس متانة النظام المالي للبلاد، بفضل السياسة التي ينتهجها العاهـل المغـربي الملك محمد السادس للإسراع في تطوير مؤشرات النمو.
ويتوقـع بنـك المغـرب أن يقفـز النمـو في عام 2017 إلى نحو 4.2 بالمئة بسبب الاستراتيجية المتبعة في كافة القطاعات ولا سيما الزراعة.
العرب اللندنية