يعد غياب الامن ،والرقابة الحكومية، وتغول الفساد في العراق، أهم عوامل فشل الاقتصاد العراقي الذي يواجه العديد من التحديات التي اثقلت كاهله وجعلته في ذيل قائمة اقتصادات المنطقة، وهو واقع يشكل تهديدا حقيقيا لمستقبل الاقتصاد العراقي”.
العراق الذي يواجه اليوم ازمات اقتصادية وسياسية واجتماعية بسبب الفساد وغياب الرقابة على مر السنوات الماضية بات اقتصادا بائسا لا يحتل أي تصنيف بين اقتصادات المنطقة والسبب في ذلك هيمنة الفساد واصحاب الاجندات الخارجية التي تهدف الى هدم اركان الدولة العراقية وجعلها تابعة لهم، ناهيك عن العديد من الازمات التي افرزتها حالة الاعتماد التام من قبل العراق على الجانب الايراني !
لقد أصبح تزوير العملة المحلية شائعا بعد عام 2003، بسبب غياب الجهات الرقابية، و انهيار الأمن، وانتشار العصابات الإجرامية بشكل مخيف في الشوارع. العراق يواجه مشكلة جديدة يصر البعض على تحجيمها وصرف الانظارعنها لمصلحة جهات متنفذة، اتحدث عن “تزوير العملة” التي باتت منتشرة هذه الايام، وقد انتشرت العملة المزورة وخاصة من فئة 50 الف دينار في اسواق العراق، ومع ذلك تظهر بيانات حكومية تطمئن بأنها طفيفة ولا ترقى لمستوى الظاهرة!!
وقال عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي، سرحان أحمد، إن ظاهرة تزوير العملة المحلية باتت تشكل تهديداً للاقتصاد العراقي، مشيراً أن “جهات متنفذة لم يسمها تقف وراء دعم الظاهرة”، ما يشير إلى أن جهات “مشبوهة” تقف وراء هذه الظاهرة.
ومؤخرا، أعلنت السلطات الأمنية العراقية، اعتقال عصابة متخصصة بتزوير العملة المحلية “الدينار العراقي” في بغداد، فيما أعلنت في أوقات سابقة ضبط مبالغ مالية مزورة.
في الحقيقة لم تكن المرة الاولى التي تظهر فيها مسألة التزوير في العراق، فقد اعتدنا على سماع ظهور عصابات تزوير في العراق بين فترة واخرى، وكان لأحداث سوريا والحصار الاقتصادي على إيران اكبر الاثر في انتشار العملة المزورة مافيات خارجية واقدام مافيات ومطابع تزييف بغسل اموالها في السوق العراقية.وبمساعدة عدد من اتباعها وعملائها في العراق قامت بإدخال عملة عراقية مزورة للأسوق العراقية بهدف شراء العملة الصعبة، ومع ذلك دأبت الحكومات السابقة على رفض اعتبار هذه الامر ظاهرة حقيقية، وقد استمرت ايران باستغلال السوق العراقية للتحايل على العقوبات الدولية، وقد انشرت عصابات ومافيات تزوير وبيع العملة لحسابات متنفذين وسياسيين على علاقة بإيران .
وهناك دلائل على ان عمليات التزوير تحت اشراف متنفذين وعلى ارتباط بجهات خارجية فقد كشفت تقارير اخبارية عن احباط عملية تهريب كمية كبيرة من العملة الامريكية والعراقية المزورة من مطار لبنان الى بغداد، وبحسب مراقبين فالخطر يكمن في تفاقم هذه الظاهرة على الاقتصاد المحلى و رواج العملات النقدية المزورة وتزايد العصابات المروجة، خاصة مع غياب الاستقرار الامني والازمات السياسية و الاقتصادية التي تعيشها البلاد.
وتشير تقارير الى ان التزوير وتهريب الأموال واستنزاف ثروات البلاد، تهم صارت تلاحق عمل المصارف الأهلية و يرى البعض وفي مقدمتها لجنة الإقتصاد النيابية أن تلك المصارف مسؤولة عن بعض الاموال التي تذهب عن طريق التهريب إلى جماعات إرهابية لتمويلها.
حتى الحكومة لا تملك حتى الآن أي أرقام دقيقة حول حجم العملة المزورة الموجودة حاليا في الأسواق، والسبب في ذلك غياب الجهات الرقابية الفاعلة على الاسواق، وضعف الرقابة على محال الصرافة المنتشرة في العراق و كذلك يرجع إلى كون هذه العملات ما زالت موجودة ومتداولة بالأسواق ويصعب على عامة الناس كشفها بسهولة إلا من خلال عرضها على مختصين.
وهنا يرى الخبراء والمحللين ان عملية تزوير العملة يراد منها إما أنه لهدف تجاري تقوم به كثير من العصابات والأفراد لتحقيق دخل مالي غير شرعي ، أو غرض استخباراتي بحت الهدف منه زعزعة اقتصاد الدولة تقوم به بعض التنظيمات والعصابات الدولية بدعم من دول أو جهات أخرى.
في الختام، تحرص كل دول العالم وحكوماتها على حماية عملتها الوطنية بكل الطرق ومن المعلوم ان تزوير العملات هو أخطر أنواع عمليات التزوير لما له من انعكاسات سلبية على اقتصادات والتنمية فيها ، ولذلك على الحكومة العراقية زيادة حصانة عملتها من خلال طبعها في مطابع دولية لا يمكن تزويرها، و مطالبة كذلك بالمزيد من الرقابة والسيطرة على الاسواق ومراقبة اعمال محال الصرافة والمصارف الاهلية، وتشديد الرقابة على المعابر الحدودية التي تعتبر اهم مصادر دخول العملة المزورة على البلاد، ووضع قوانين رادعة على مافيات وعصابات التزوير، لحماية المواطن من عمليات النصب والاحتيال ولكي توفير الثقة في نقدها في الخارج وجعله يتمتع بالتقدير الدولي وان لا يتحول العراق ساحة لتداول العملة المزورة التي في حال اتساعها بشكل اكبر ستنهك الاقتصاد العراقي.
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية