- الدفاع عن النظام السوري وأي تغير في النظام يجب أن لا يصب في صالح الغرب.
- الحرب على الإرهاب.
- حفظ وحدة الأراضي السورية(2).
هناك في إيران من يرى أن المرحلة الأولى من التعاون في سوريا حملت أهدافًا مشتركة أغلبها يدور في فلك ما ذكرناه أعلاه وأن ذلك اقتضى تعاونًا استراتيجيًّا للوصول إلى ذات الهدف الذي يمكن التعبير عنه بجملة واحدة، هي تعديل كفة الميزان العسكري على الأرض لصالح النظام وهذا ما تم فعلًا, من يعتقد بذلك يمتلك أسبابًا للقول بأن المرحلة الثانية من هذا التعاون المسمَّاة مرحلة الحل السلمي وإفراغ سوريا من العناصر الأجنبية ليس بالضرورة أن تكون كذلك وأن اختلافات ربما تظهر حتى في الأهداف التكتيكية(3).
ويستدل هؤلاء بالقول: إنه وفي المرحلة الأولى رفعت موسكو من تعاونها مع طهران كونها كانت تحتاج إلى حسم ميداني كبير لإثبات وجهة نظرها لهذا مالت بشكل واضح باتجاه إيران التي تمتلك أوراق قوة عسكرية في الميدان السوري, لكنها وفي مرحلة البحث عن حلٍّ سياسي على طاولات التفاوض تبدو أكثر قربًا إلى تركيا التي لها حظوة خاصة لدى الفصائل المسلحة داخل الأراضي السورية. هؤلاء يعيدون التذكير بالموانع التقليدية التي قد تقف عائقًا أمام دخول العلاقة الروسية-الإيرانية الفضاء الاستراتيجي بالمعنى الحقيقي:
- تاريخ طويل من انعدام الثقة.
- التنافس في مجال الطاقة وأسواقها العالمية.
- التباين الحاد في الأيديولوجيا الفكرية والعقائدية.
مكامن الالتقاء وعقد الاختلاف
نقاط الالتقاء
1. کل من روسيا وإيران ولأسباب تاريخية وجيوسياسية وأخرى تتعلق بالصراع على مناطق النفوذ يعارضان بشكل واضح توسع النفوذ الغربي في الشرق الأوسط ويعملان معًا -سواء كان ذلك اختيارًا أو اضطرارًا- ضد أن تدخل سوريا دائرة النفوذ الغربي. وانطلاقًا من هذا العنوان يتقاطع البلدان عند نقطة مفادها أن سقوط النظام السوري سينقل سوريا من حليف وساحة نفوذ مهمة إلى سوريا جديدة أقرب إلى الغرب, لكن الدوافع في ذلك تبدو مختلفة:
- روسيا ومن خلال وضع سوريا ضمن دائرة مصالحها الدولية تعتقد أن سقوط النظام السوري يعني أن سوريا جديدة ستتشكل وستكون مرجَّحة أكثر للدوران في الفلك الغربي بقيادة أميركا؛ وهذا سيكون ضربة قوية للمصالح الروسية وهي التي تحاول العودة إلى الساحة الدولية كقوة عظمى.
- إيران ومن باب نفوذها الإقليمي ومشروعها في المنطقة ترى أن تغيير النظام في سوريا سيُفقدها حلقة استراتيجية لطالما وصفتها بالحلقة الذهبية من هذا المشروع الذي تُطلق عليه “مشروع المقاومة ضد إسرائيل والهيمنة الغربية”(4).
2. لدى روسيا وإيران قلق مشترك بشأن فكرة تغيير الأنظمة عبر التدخل العسكري المباشر بذريعة حماية المدنيين أو عبر تبني قرارات دولية تصب في ذات الاتجاه, وهذا ما حدث في بداية عام 2012 داخل أروقة مجلس الأمن الدولي عندما استخدمت روسيا والصين حقَّ النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار دعمته جامعة الدول العربية يتبنى فكرة أن يقوم الرئيس بشار الأسد بنقل كافة صلاحياته إلى نائبه الأول(5) ويومها أثنت إيران رسميًّا على قرار موسكو وبيجين ووصفته بأنه يصب في مصلحة الأمن والاستقرار الدوليين.
3. وجود رؤية مشتركة بين البلدين تقوم على عدم السماح لتيارات إسلامية متشددة بالوصول إلى السلطة في سوريا انطلاقًا من أنه يشكِّل خطرًا كبيرًا عليهما وعلى مصالحهما الاستراتيجية, فروسيا لديها تجربة قاسية مع حركات وتنظيمات إسلامية تتبنَّى هذا الفكر في منطقة شمال القوقاز كالشيشان وأنغوشيا وداغستان, بينما ترى طهران في هؤلاء خطرًا مباشرًا عليها وعلى أمنها وعلى الشيعة بوجه عام, لهذا تؤكد طهران دائمًا أنها لو لم تقاتل هذه الجماعات على الأرض السورية لكانت قاتلتها في شوارع طهران ومشهد وأصفهان وغيرها من المدن الحدودية(6).
نقاط الاختلاف
1- مشروعان متباينان
المشروع الروسي في سوريا ينطلق من رؤية لها علاقة مباشرة بمركزية روسيا كقوة دولية, ويمكن تلخيص جوهر هذا المشروع عبر نقطتين:
- لا تعتبر موسكو سوريا بمثابة الركيزة الأساسية للاستراتيجية الروسية العالمية, فموسكو تتعامل مع سوريا كملف من ملفات استراتيجية مهمة مفتوحة بينها وبين الولايات المتحدة ومن خلفها الدول الغربية.
- حاجة روسيا الماسَّة إلى تأكيد دورها كقوة عظمى بإمكانها صناعة السلام وفرضه في منطقة حساسة كالشرق الأوسط.
مقابل ذلك، تتبنى إيران مشروعًا يستند في مركزيته على نفوذها كقوة إقليمية تقود محورًا متعددًا من دول وحركات وأحزاب ومنظمات تجتمع تحت شعار المقاومة وعدم الاعتراف بإسرائيل, لهذا فإن نظرة إيران إلى سوريا وأزمتها تختلف بالكامل عن النظرة الروسية؛ إذ تبدو أكثر استراتيجية وأقل براغماتية؛ وذلك يعود لأسباب عدة، أهمها:
- خسارة سوريا وخروجها من دائرة المشروع الإيراني لا تعني خسارة حليف فقط بل تعني كسر ظهر المشروع الإيراني في المنطقة كون سوريا بنظامها الحالي تعتبر حلقة الوصل الأكثر أهمية في حلقات المشروع الإيراني.
- بعكس روسيا فإيران تريد الخروج من سوريا كصانعة انتصار للمحور الذي تقوده مقابل محور آخر يتكون من بعض الدول العربية وتركيا بالتعاون مع الأميركيين وبعض الدول الغربية.
2- أولوية الميدان ومركزية المفاوضات
صحيح أن البلدين يلتقيان عند نقطة مهمة بأن الحل في سوريا هو حل سياسي وأنه لا حل عسكريًّا للأزمة, لكن تحت هذا السقف تبرز التباينات في الرؤى.
الرؤية الروسية
تقوم هذه الرؤية على أن الأساس هو طاولة المفاوضات والحوار السياسي بين النظام السوري والمعارضة المسلحة, وأن دور التدخل العسكري ينحصر بالمهمات التالية:
- ضمان عدم إسقاط النظام السوري بالقوة العسكرية ودعم بقائه بهدف إفشال فكرة قدرة المعارضة والدول الداعمة لها القائلة بإمكانية إسقاط النظام في الميدان وتثبيت قناعة بأن الحل هو بالجلوس إلى طاولة المفاوضات.
- هندسة الميدان العسكري على الأرض كي يكون مناسبًا للحل السياسي والدفع باتجاه مفاوضات جدية بين الأطراف المتنازعة.
- حذف المجموعات التي ترفض الحل السياسي من مجموعات المعارضة عبر استهدافها عسكريًّا فضلًا عن ضرب المجموعات التي تُصنَّف دوليًّا على أنها منظمات إرهابية ما يفسح المجال أكثر أمام تعويم المعارضة المسلحة التي تؤمن بالحل السياسي.
الرؤية الإيرانية
تقوم الرؤية الإيرانية على قاعدة أساسية وهي أن الحل السياسي للأزمة السورية يجب أن يُفرض بقواعد الميدان العسكري وأن الأولوية للميدان بناء على النقاط أدناه:
- ينبغي حسم القضية عسكريًّا على الأرض بحيث تكون الغلبة للنظام ومن ثمة دعوة الأطراف إلى مفاوضات الحل السلمي.
- حسم القضية عسكريًّا على الأرض لن يترك للمعارضة المسلحة والدول الداعمة لها أي خيار سوى القبول بالتفاوض من موقع الضعف ما يعني فرض رؤية النظام وحلفائه باعتبارهم المنتصرين.
- لابد من تزامن أي مفاوضات سياسية مع تصعيد عسكري ضد ما تسميه طهران بالإرهاب التكفيري أو تلك المجموعات التي ترفض الحل السياسي.
3- مستقبل الرئيس بشار الأسد
ينبع التباين بين روسيا وإيران في هذه النقطة من زاوية جوهرية واحدة هي حرص الروس على التأكيد دائمًا على أنهم غير متمسكين ببشار الأسد وأنهم لا يدافعون عن بقائه في السلطة وأن المهم بالنسبة لموسكو هو حفظ بنية النظام ومؤسساته؛ وقد عبَّر رئيس الوزراء الروسي، ديميتري ميدفيديف، عن ذلك في بداية الأزمة، عام 2010، حين اعتبر أن روسيا تدافع عن مصالحها في سوريا وليس عن الرئيس الأسد (7). وهذا ما أكَّده أيضًا وزير الخارجية، سيرغي لافروف، حين اعتبر أن الأسد ليس حليفًا استراتيجيًّا لموسكو(8). مقابل هذا الكلام تؤكد موسكو دائمًا نقطتين أساسيتين:
- عدم القبول بأن تقرر دول أخرى مصير الرئيس الأسد، وأن الشعب السوري هو من يقرِّر ذلك عبر انتخابات بإشراف دولي حين تكون سوريا جاهزة ومهيَّأة لذلك.
- الأولوية في سوريا لتخليص البلاد من الإرهاب وليس لإسقاط رأس النظام وإزاحته. وفي مرحلة الحرب على الإرهاب ربما يغدو الأسد جزءًا من الحل وليس جزءًا من المشكلة.
هذا الكلام الروسي القائم على التفريق بين النظام والرئيس الأسد لم يعجب الإيرانيين بل وشكَّل في حينه نقطة كي يتم انتقاد روسيا والرئيس فلاديمير بوتين بشكل مباشر فطهران ترى في بقاء الأسد أهمية قصوى لمصالحها الاستراتيجية لا تقل أهمية عن بقاء النظام نفسه.
4- التنسيق الروسي-الإسرائيلي
تعتبر هذه النقطة المسكوت عنها حتى الآن أبرز نقاط الخلاف بين البلدين؛ فطهران ترى أن حجم تعاونها الكبير مع روسيا لا يتقاطع مع الحجم الكبير للتنسيق الروسي مع إسرائيل, وفي إيران من يعتبر أن إسرائيل لم تحظَ بفرصة تاريخية لاستهداف إيران ومشروعها المقاوم في المنطقة كما حظيت به في ظل التدخل العسكري الروسي في سوريا, ويستند هذا الرأي إلى ثلاث نقاط:
- سوريا التي تعتبرها إيران الحلقة الذهبية في مشروعها المقاوِم ضد إسرائيل تبدو اليوم مكشوفة أمام الطيران الحربي الإسرائيلي بشكل كبير بفعل التنسيق الروسي-الإسرائيلي.
- إسرائيل تستهدف إيران ومشروعها في سوريا عبر ضرب خطوط الإمداد الخاصة بحزب الله واستهداف أي تحرك إيراني قرب حدودها, وهذا ما حدث في الجولان المحتل حين استهدفت إسرائيل عربة عسكرية تبيَّن فيما بعد أن من بين القتلى فيها جنرالًا كبيرًا في الحرس الثوري هو محمد علي الله دادي.
- اغتيالات غامضة لقياديين بارزين في حزب الله اللبناني مقرَّبين من طهران وامتناع موسكو عن كشف أي معلومات عن كيفية استهداف هؤلاء رغم أنها تسيطر على الأجواء السورية سيطرة شبه كاملة(9).
إيران ودخول تركيا على خط التسوية السياسية: متفائلون ومتشائمون
لا يوجد رؤية محل إجماع في إيران تجاه تغيير السلوك السياسي التركي في التعاطي مع الأزمة السورية والتقارب الحاصل بين أنقرة وموسكو في مرحلة ما بعد اتفاق حلب وإعلان وقف إطلاق النار الشامل في سوريا, ويمكن تلخيص الموقف من دخول تركيا على خط التسوية السياسية في سوريا وفق رؤيتين متباينتين:
1- المتفائلون
هؤلاء يعبِّرون عن ارتياحهم من السياسة التركية الجديدة ويعتبرونها انعطافة مهمة يجب دعمها والدفع بها إلى الأمام باعتبارها متغيرًا إيجابيًّا للأسباب التالية:
- هذه الاستدارة التركية ستنتهي بتقارب أكبر مع روسيا في مرحلتها الأولى وستجر خلفها تقاربًا مع إيران أيضًا حتى مع بقاء الانتقادات قائمة بين البلدين على الأقل في الحيز الإعلامي, وبرأي هؤلاء فإن ذلك سيسبِّب ارتخاء في علاقة تركيا مع أصدقائها العرب الساعين لإسقاط النظام السوري, لينتهي كل ذلك بأن تضع تركيا جانبًا فكرة إسقاط أو رحيل الأسد وتركِّز على ضرورة نجاح الحل السياسي كونه الضامن الوحيد لعودة الاستقرار نسبيًّا إلى الأراضي السورية وهو حاجة تركيَّة باتت ملحَّة في ظل أوضاع أمنية واقتصادية سيئة تعيشها تركيا في هذه المرحلة.
- للمرة الأولى منذ بداية الأزمة السورية تدخل تركيا عمليًّا على خط تصنيف المعارضة السورية المسلحة بين معتدلة تقبل الحل السياسي والتفاوض وأخرى إرهابية يتوجَّب التعامل معها عسكريًّا, ويرى هؤلاء أن هذا التطور التركي يصب في صالح ما تنادي به طهران بشأن محاربة الإرهاب في الداخل السوري.
2- المتوجسون
هؤلاء يعتبرون ما تقوم به تركيا في مرحلة ما بعد اتفاق حلب جاء بتنسيق تركي-روسي مشترك, وأن إيران ستواجه صعوبات جرَّاء السياسة التركية-الروسية الجديدة, وبعض المسؤولين السابقين من خبراء الأمن القومي والسياسات الخارجية يعتقدون أن السياسة التركية الجديدة في سوريا والتقارب مع روسيا حصدت نتائج الانتصارات الميدانية التي لم تكن لتتم دون إيران, كما أنهم يرون أن مرحلة ما بعد حلب بدأت بترويج رؤية تركية-روسية للحل لا تناسب إيران ومصالحها وأن المضي قدمًا في تطبيق هذه الرؤية سيضع المصالح الاستراتيجية لطهران أمام تحديات ليست سهلة(10), فضلًا عن أن التطور في العلاقة بين روسيا وتركيا بشأن سوريا ربما ينتهي بأن تتحول إيران إلى مجرد متفرج يراقب تطورات الأزمة دون أن يكون له دور حقيقي في مجريات الأحداث(11).
السيناريوهات المحتملة
تبدو كل السيناريوهات التي يمكن الحديث عنها محكومة بشكل أو بآخر بتعقيدات العلاقة بين حسابات الواقع العسكري على الأرض وتسويات طاولة المفاوضات, وربما يكون سيناريو مسار مفاوضات الحل السياسي القادم في كازاخستان هو المسار السياسي الوحيد حتى الآن الذي حصل على مباركة طهران سواء في مرحلة الإعداد له خلال الاجتماع الثلاثي بين روسيا وتركيا وإيران في موسكو أو حتى بعد أن أعلنته روسيا رسميًّا وبدأت حملة للترويج (12). وبحسب الفهم الإيراني فإن مفاوضات أستانا تشكِّل المرحلة الثانية مما تم الاتفاق عليه في اجتماع موسكو الثلاثي الذي عُرف باسم إعلان موسكو. وانطلاقًا من التعويل على هذا المسار ترسم إيران سيناريوهين للتعامل مع الأزمة السورية في المرحلة المقبلة:
1- سيناريو نجاح مفاوضات أستانا، وهذا يعني الوصول إلى نتائج ليست بعيدة عن النقاط أدناه:
- تشكيل حكومة انتقالية بعد سحب جزء مهم من صلاحيات الرئيس بشار الأسد ومنحها لرئيس الوزراء الجديد الذي سيقود المرحلة الانتقالية مع بقاء الأسد في منصبه.
- التعامل عسكريًّا مع كلِّ من يبقى خارج هذا الحل من تنظيمات مسلحة لم يشملها وقف إطلاق النار باعتبارها مصنَّفة إرهابية في العُرف الدولي.
- التحضير لانتخابات رئاسية وبرلمانية عامة بإشراف دولي تُجرى في موعدها -أي بعد انتهاء فترة حكم الرئيس الأسد الحالية- على أن تتبعها خطوات جوهرية تتعلق بوضع دستور جديد للبلاد واختيار نظام الحكم وشكل السلطة.
2- سيناريو فشل مفاوضات أستانا:
بالنسبة لإيران فشل مفاوضات أستانا يعني العودة إلى رفع وتيرة العمليات العسكرية في عموم مناطق سوريا, لكن حتى الآن يبدو موقف روسيا غير واضح بشأن هذا التوجه في حال فشل مفاوضات أستانا, وهذه نقطة غاية في الأهمية بالنسبة لإيران كونها ستكون أحدى أهم المحددات التي ستحكم طبيعة التعامل الإيراني مع الميداني السوري في حال فشل مفاوضات أستانا في التوصل لحل للأزمة.
خلاصة
في حال تجاوزنا السلبيات في العلاقة الراهنة بين روسيا وإيران, وانطلاقًا من تعاون البلدين في سوريا في ظل وجود عناوين اشتراك كبرى فإن العلاقة تأخذ شكلًا جديدًا يعتمد شكل الشراكة الاستراتيجية التي ستنحِّي تاريخًا طويلًا من انعدام الثقة بين الجانبين وذلك من خلال تعويم مقتضيات المصالح الاستراتيجية والجيوسياسية, وهذا بلا أدنى شك يُعتبر مكسبًا مهمًّا بالنسبة لإيران ويصبُّ في صالح نفوذها الإقليمي. هذا هو المنطق الذي يدافع عنه شقٌّ مهم من صنَّاع القرار السياسي المخضرمين في إيران ضمن تيار يتصدره وزير الخارجية الأسبق والمستشار الحالي للمرشد الإيراني في مجال الشؤون الدولية، د.علي ولايتي، الذي لا يرى حرجًا في الحديث عن علاقات استراتيجية مع روسيا لابد من دعمها وتدعيمها ويحمل قناعة راسخة بأن التعاون بين روسيا وإيران ودول أخرى في المنطقة هو ما سيحدِّد مستقبل وشكل المنطقة(13). لكن هذا التفاؤل الإيراني يصطدم أحيانًا بإمكانية بروز شكل ما من تضارب المصالح في سوريا اعتمادًا على أن لكل من موسكو وطهران مشروعها الخاص في سوريا, لكن من الواضح أن صانع القرار الإيراني لا يرغب في العودة إلى الوراء والتفريط بما تحقَّق من شراكة استراتيجية بين طهران وروسيا انطلاقًا من سوريا.
بيد أن في إيران من يعتقد أن التفاؤل بعلاقة أكثر إستراتيجية بين طهران وموسكو مما هي عليه الآن هو تفاؤل مفرط لا يأخذ في الاعتبار محدِّدات المصالح الجيوسياسية والمصالح العليا للدول التي قد تتخذ أشكالًا مختلفة من مرحلة إلى أخرى. هؤلاء يقولون بأن الشراكة الاستراتيجية بين روسيا وإيران في سوريا هي شراكة مرحلية بدوافع وأهداف متباينة وأن بقاء الشراكة صامدة لا يعني أن طهران وموسكو باتتا حليفتين استراتيجيتين فذلك طريق طويل يحتاج خلطة خاصة فيها الكثير من الثقة والعوامل التاريخية والتقاطع بعناوين حضارية كبرى؛ فروسيا لا تزال تتعامل مع إيران من باب الهيمنة وفرض التبعية بينما ترفع إيران شعار: لا شرقية ولا غربية. تجاوُز كل هذا يحتاج تغييرات جوهرية لا يبدو البلدان بصدد الحديث عنها فما بالك بتطبيقها عمليًّا على الأرض.
مراجع
1- ولايتي: روابط إيران و روسيه بايد دائما رو به پيشرفت باشد (ولايتي: العلاقات الإيرانية-الروسية في تطور دائم), خبرنكاران جوان , 13 اذر 1395، 3 ديسمبر/كانون الأول 2016:
2 – روابط ايران و روسيه در آئينه نقد (العلاقة الروسية-الإيرانية في مرآة النقد), روش تحليل سياسي 28 ابان 1392, 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2103:
http://beheshtipour.blogfa.com/post-589.aspx
3- پايان روزهاي خوش روابط ايران و روسيه (انتهاء الأيام السعيدة بين إيران وروسيا), 3 تير 1395 (23 يناير/كانون الثاني 2016):
4- ولايتي: سوريه حلقه طلايى مقاومت در منطقة (ولايتي: سورية هي الحلقة الذهبية في مشروع المقاومة في المنطقة), إيسنا ? مهر ???? ( 25 سبتمبر/أيلول 2012):
5- روسيا تعرقل مشروع قرار في مجلس الأمن بشأن سوريا, DW، 28 يناير/كانون الثاني 2012:
6- خامنه اى: گر جلوي بدخواهان و فتنهگران که دستمايهي دشمني آمريکا و صهيونيسم هستند، در آنجا گرفته نميشد، بايد در تهران و فارس و خراسان و اصفهان جلوي آنها را ميگرفتيم (خامنئي: لو لم يتم التصدي لهؤلاء بصفتهم رأس الفتنة وأدوات أميركا والصهاينة في سوريا لكان علينا مواجهتهم في طهران وخراسان وأصفهان)، سايت رهبرى 16 دي 1395، (5 يناير/كانون الثاني 2017):
http://farsi.khamenei.ir/news-content?id=35335
7 – ميدفيديف: روسيا لا تدافع عن الأسد بل عن «مصالحها القومية» في سورية, الحياة، 17 أكتوبر/تشرين الأول 2015:
8 – لافروف: الأسد ليس حليفًا لروسيا, سبوتنيك، 4 مايو/أيار 2016:
https://arabic.sputniknews.com/news/201605041018607305/
9 – اعتراف رسمي اسرائيل به حمله به سوريه و معني آن براي روسيه (اعتراف إسرائيل رسميًّا بغارتها الجوية في سوريا ومعنى ذلك بالنسبة لروسيا), تابناك ?? آذر ????، (8 سبتمبر/أيلول 2016):
10- حل بحران سوريه با نسخه روسي و ترکي؛ چالشي براي موقعيت منطقهاي ايران 9 (حل الأزمة السورية عبر الرؤية التركية-الروسية سيجر تحديات بشأن مكانة إيران في المنطقة ودورها), دفاع برس, 12 دي 1395 (10 يناير/كانون الثاني 2017):
11 – حركت بوتين به سمت انكارا ومعنانى آن براى تهران / يا إيران محور سه گانه به حاشيى رانده ميشود ؟ (بوتين باتجاه أنقرة والتفسيرات الإيرانية لها/هل ستتحول إيران إلى جالس متفرج في المحور الروسي التركي الإيراني؟), تابناك, 15 دي 1395 (4 يناير/كانون الثاني 2017):
12 – تشوركين: إيران ستشارك بفاعلية في الإعداد لاجتماع أستانة حول سوريا, تسنيم, 31 ديسمبر/كانون الأول 2016: إضغط هنا.
13- ولايتي: رابطه ايران با روسيه راهبردي و جامع الاطراف است (ولايتي: العلاقة بين إيران وروسيا هي علاقة استراتيجية), ايرنا, 27 مرداد 1395 (17 أغسطس/آب 2016):
http://www8.irna.ir/fa/News/82192207/
عبدالقادر فايز
مركز الجزيرة للدراسات