بيروت- أعلنت الحكومة اللبنانية، أمس، أنها أطلقت مجددا أول جولة تراخيص للتنقيب عن النفط والغاز بعدما تأخرت لنحو 4 سنوات، لتبدأ بذلك رحلة تطوير القطاع الذي توقف بفعل الأزمة السياسية في البلاد. وقال وزير الطاقة اللبناني سيزار أبوخليل خلال مؤتمر صحافي، إن لبنان طرح خمس مناطق بحرية (1 و4 و8 و9 و10) أمام تقديم العروض من قبل شركات النفط العالمية في أول جولة لإرساء التراخيص.
ويأتي دخول لبنان متأخرا كثيرا إلى السباق المحتدم على حوض لغاز عملاق في شرق المتوسط تم اكتشافه في العام 2009، وذلك لأن إسرائيل ومصر وقبرص سبقته بمراحل كبيرة في استكشاف تلك الثروات. ويرى محللون أن ذلك التأخير سيحرم لبناء من الكثير من الموارد بسبب تداخل الحقول البحرية، خاصة إسرائيل التي سبقت الجميع، وكذلك بسبب عدم ترسيم الحدود البحرية معها.
3 من أصل 5 رقع محاذية لإسرائيل مرشحة لمواجهة صعوبات بسبب عدم ترسيم الحدود البحرية
وحققت إسرائيل اكتشافات كبيرة، بعضها قريب من المياه الإقليمية اللبنانية، وهي تقترب من بدء إنتاج وتصدير الغاز، بعد حسم خلافات مع الشركاء في حقل لوثيان البحري. وكانت الحكومة اللبنانية قد أعلنت في العام 2013 أن 46 شركة تأهلت للمشاركة في عطاءات النفط والغاز من بينها 12 شركة كمشغل، بينها شيفرون واكسون موبيل الأميركيتين وتوتال الفرنسية.
لكن الأزمة السياسية التي ظل لبنان بسببها دون رئيس لما يزيد على عامين، أدت إلى تجميد جولة التراخيص. وقال أبوخليل إن جولة ثانية لتأهيل الشركات المهتمة بعقود التنقيب والإنتاج سوف تطرح قريبا “مع الاحتفاظ بنتائج دورة التراخيص السابقة”. وأضاف أن ذلك “يعني أن الشركات المـؤهلة سابقا تبقـى مؤهلـة” لكـن الحكـومـة اللبنـانية ستفتح دورة جديـدة لتلقي طلبـات المشاركـة في 2 فبـراير المقبـل وتنتهي في نهاية مارس. وأكد أن الحكومة ستعلن بعد ذلـك في 13 أبريل المقبل عن أسماء الشركات المؤهلة.
وأوضح الوزير أن “استلام العروض من قبل هيئة قطاع البترول سوف ينتهي في 15 سبتمبر المقبل” وسوف يستغرق تقييم العروض وإعداد تقرير بالنتائج من هيئة إدارة قطاع البترول مدة شهر تقريبا. وذكر أن التقرير النهائي سترفعه وزارة الطاقة إلى مجلس الوزراء الذي سيقرر في غضون شهر آخر تحديد من هي الشركات الفائزة بتلك التراخيص؟
سيزار أبوخليل: هدفنا حماية حقوق لبنان في موارده الطبيعية على كامل مياهه الإقليمية
وتقع ثلاث من الرقع الخمس في المياه الإقليمية اللبنانية على الحدود مع إسرائيل، الأمر الذي يرجح مواجهة صعوبات في استغلالها بسبب عدم ترسيم الحدود البحرية. وقال أبوخليل إن هناك “هدفان أساسيان لدورة التراخيص الأولى في المياه البحرية اللبنانية: أولا التوصل إلى اكتشافات تجارية بالمياه البحرية اللبنانية، وثانيا حماية حقوق لبنان في موارده الطبيعية على كامل حدود مياهه الإقليمية”.
ورجح الوزير مكانة احتواء الرقع أو البلوكات الخمس المطروحة في هذه الجولة على مكامن بحجم يسمح باستغلالها تجاريا وتطوير البنى التحتية. وكانت الحكومة اللبنانية قد أقرت بداية العام الحالي مرسومين لتحديد الكتل الجغرافية للتنقيب عن النفط والغاز، وهو ما مهد الطريق لانطلاق جولة تراخيص الاحتياطيات البحرية المتوقفة منذ العام 2013. ويقدر المسؤولون حجم الاحتياطيات البحرية اللبنانية من الغاز بما يصل إلى 96 تريليون قدم مكعبة ومن النفط، بنحو 850 مليون برميل. وتلك الكميات غير مؤكدة لكن حتى القليل منها قد يكفي لإحداث تحول بالنسبة إلى بلد يقطنه نحو 4 ملايين نسمة وأكثر من مليون نازح سوري.
واكتشفت احتياطيات غاز كبيرة بالفعل في مياه قريبة من إسرائيل وقبرص، وهو ما يشير إلى احتمال اكتشاف الغاز في لبنان أيضا، لكن النزاعات السياسية حالت حتى الآن دون بدء التنقيب. ويعول اللبنانيون على عودة الاستقرار السياسي بانتخاب رئيس للجمهورية العماد ميشال عون في نوفمبر الماضي وتشكيل الحكومة برئاسة سعد الحريري، في المساعدة بتخفيف الأزمة السياسية وتنشيط عجلة الاقتصاد.
واللبنانيون بأمس الحاجة إلى حكومة تستطيع التعامل مع مشكلات في الاقتصاد والبنية التحتية والكهرباء والخدمات الأساسية والتي بلغت ذروتها العام الماضي مـع أزمـة القمـامة التي تركـت النفـايات تتكدس في الشوارع وخلقت أزمة صحية عامة. وتعتبر أوساط سياسية مراقبة في لبنان أن الصفقة التي قادت إلى انتخاب عون رئيسا للجمهورية، قد تكون وراء الأجواء الإيجابية التي قادت إلى اعتماد المراسيم النفطية من قبل الحكومة في 4 يناير الجاري. ويقـول محللـون إن تأخـر لبنـان في سبـاق استثمار ثروات النفط والغاز في البحر المتوسط، قـد يـؤدي إلى خسـارته جانبا من تلك الاحتياطيات بسبب تـداخل الحقول في المياه الاقليمية مع الدول المجاورة، التي قطعـت شوطا طويـلا في استغلال تلك الحقول.
العرب اللندنية