أبوظبي – حملت تصريحات سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي عن سوريا الأربعاء رسائل مبطنة إلى القادة العرب تحثهم على إعادة النظر في مقاطعتهم للرئيس السوري بشار الأسد، وضرورة إنهاء تجميد عضوية دمشق في الجامعة العربية.
يأتي هذا فيما اعتبر مراقبون تصريحات الوزير الروسي بأنها مسعى روسي لإعادة تأهيل النظام السوري عربيا في مرحلة ما بعد استعادة حلب.
واعتبر لافروف في مؤتمر صحافي مشترك مع أمين عام الجامعة العربية أحمد أبوالغيط، ووزير خارجية الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أن إبقاء دمشق بنظامها الحالي خارج المنظومة العربية “لا يساعد” جهود إحلال السلام.
وقال لافروف في ختام أعمال منتدى التعاون العربي الروسي إنه “يمكن لجامعة الدول العربية أن تؤدي دورا أكثر أهمية وفعالية لو كانت الحكومة السورية عضوا فيها”.
واعتبر مراقبون أن الرسالة الأبرز في كلمة الوزير الروسي إلى الدول العربية هي أن النظام السوري بتحالفه مع روسيا قد انتصر إلى حد كبير على الأرض، مما يلغي فكرة انهياره وأن الاستمرار في المقاطعة قد يعيد سوريا إلى ما يشبه مقاطعة العراق في التسعينات من القرن الماضي، أي أن إيران ستكون المستفيد الأكبر من مقاطعة العرب لسوريا.
وأشار المراقبون إلى أن لافروف خيّر العرب بين أن يلتقطوا الرسالة ويعيدوا سوريا ما بعد حرب السنوات الخمس إلى المنظومة العربية، أو أن يتركوها لإيران ويخسروها كما خسروا العراق الذي أصبحت تتحكم به طهران.
وقال المحلل السياسي الروسي فلاديمير دارغتشوف لـ”العرب” إن “لافروف حريص على أن تنفتح الدول العربية وتعيد علاقاتها مع سوريا وأن تشارك مع روسيا في إيجاد حل سياسي للأزمة الحالية”.
وتساءل دارغتشوف عما إذا كانت الدول العربية ستقبل بذلك مع بقاء الرئيس السوري ولا سيما أن دمشق غير مستعدة لمناقشة رحيل الأسد على الأقل في المرحلة الانتقالية.
فلاديمير دارغتشوف: روسيا حريصة على إعادة علاقات الدول العربية مع سوريا
وأكد على أن روسيا تريد الحفاظ على سيادة سوريا ولا تسعى للهيمنة عليها ولا تقبل أن تهيمن إيران عليها أيضا.
واكتفى أمين عام الجامعة العربية بالتأكيد على أن عودة سوريا إلى الجامعة “ليست مطروحة حاليا”، مضيفا أن “إذا ما اتضح أن هناك نية صادقة من قبل الجميع لتحقيق تسوية سياسية يبدأ تنفيذها وتطبيقها (…) فأعتقد أن مجموعة من الدول سوف تقرر أن تفتح موضوع استئناف العضوية مرة أخرى”.
وترى أوساط سورية أن حضور وزير الخارجية الروسي إلى المنتدى يمثل فرصة سانحة لحوار عربي روسي بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا الذي رعته كل من موسكو وأنقرة، وبحث سبل التحاق الدول العربية، أو على الأقل المركزية منها، بالاتفاق حتى لا يكون العرب على هامش الحل ويتركوا للآخرين التحكم بمصير دولة عربية.
ونجحت موسكو في الإمساك بمفاتيح الحل السوري في السنة الماضية التي شهدت تراجعا واضحا للدور الأميركي في عهد الرئيس باراك أوباما.
ومن الصعب أن تقدر إدارة دونالد ترامب على استعادة بعض مفاتيح الحل بالسرعة المطلوبة ما يجعل اقتراب العرب من الدور الروسي أنجع لهم.
وحذر لافروف من أن دعوة واشنطن إلى إقامة مناطق آمنة في سوريا قد تعيد تكرار تجربة تدمير ليبيا، وأن الأميركيين “مهتمون قبل كل شيء بخفض عدد المهاجرين الذين يتوجهون إلى الدول الغربية انطلاقا من المنطقة بما في ذلك من سوريا”.
ولا تزال الدول العربية مترددة في دعم مبادرة ترامب لإقامة مناطق آمنة في سوريا، بسبب غموض المقترح وصعوبة تنفيذه في ضوء تعارض الأجندات على الأراضي السورية بين واشنطن وموسكو، فضلا عن أنقرة وطهران ودمشق.
وعكست تصريحات وزير الخارجية الإماراتي الأربعاء تعاطيا واقعيا مع غموض فكرة ترامب حول المناطق الآمنة.
ورحب الشيخ عبدالله بن زايد بحذر بالمبادرة. وقال إن فكرة إقامة مناطق آمنة في سوريا ستكون موضع ترحيب إذا كانت مؤقتة ولأغراض إنسانية تحت إشراف دولي، مضيفا أن الوقت مازال مبكرا لاتخاذ قرار.
وقال إن أبوظبي تريد سماع المزيد من التفاصيل من واشنطن قبل تأييد الفكرة.
العرب اللندنية