كثيرون هم الرؤساء الذين تعاقبوا على حكم الولايات المتحدة واستعانوا بمستشاريين لهم باع طويل وخبرة طويلة في إدارة الحكم حتى أن بعضهم اتُهم برسم سياسات الدولة من وراء ستار.
لكن أقوى دولة في العالم لم تشهد طوال تاريخها معاوناً للرئيس اتسم بالوقاحة -حسب وصف صحيفة نيويورك تايمز- في تعزيز سلطته داخل الإدارة مثل ستيفن بانون كبير المخططين الاستراتيجيين في فريق الرئيس الجديد دونالد ترمب.
بل إن بعض المراقبين الأميركيين يقولون إنهم لم يروا شخصا يلحق ضررا بهذه السرعة وهذا القدر على شعبية رئيسه مثلما فعل بانون بترمب.
وسبق لصحفي بقناة فوكس نيوز الفضائية أن وصف بانون بأنه “كابوس”، وشبهه بجوزيف غوبلز وزير الدعاية إبان حكم أدولف هتلر في ألمانيا النازية.
وتجلت سطوة الرجل في الإدارة الجديدة أكثر ما تجلت في الأوامر التنفيذية والإجراءات العاجلة التي اتخذها الرئيس ترمب في الأسبوع الأول له في البيت الأبيض.
ومع أن هذا الشيء كان متوقعا لكن ما كان مثيرا للدهشة السرعة التي اتخذ بها ترمب قراراته وتسببت في نفور المكسيكيين عنه بسبب إعلانه أن عليهم دفع تكاليف بناء جدار عازل على حدودهم مع الولايات المتحدة، وفي حظر دخول رعايا سبع دول إسلامية إلى بلاده.
وبدت بصمة بانون جلية في كل تلك الأوامر والإجراءات حتى أن صحيفة بحجم ونفوذ نيويورك تايمز نعتته بالرئيس الفعلي للبلاد في افتتاحيتها.
وتقوى نفوذ بانون السبت الماضي عندما اتخذ ترمب خطوة غير مسبوقة بإصداره أمرا جديدا بتعيينه عضوا بمجلس الأمن القومي الأميركي لينضم بذلك إلى كل من وزيري الخارجية والدفاع وبعض كبار المسؤولين.
“ويخشى كثيرون من أن يقنع بانون رئيسه بما كان يردده من أفكار إبان الحملات الانتخابية، ولعل أخطرها توقعاته التي ظل يبوح بها في لقاءاته الإذاعية إذ تكهن بتورط أميركا في حروب في شرق آسيا والشرق الأوسط”
ولم يمثل هذا التعيين وإسناد دور رسمي للرجل في لجنة المدراء بمجلس الأمن القومي خروجا عن التقاليد المتوارثة في مؤسسة الرئاسة الأميركية فحسب، بل إنه يشي بتسييس المجلس أو أن الخطوة توحي على الأقل بهذا الانطباع.
وبذلك يكون بانون قد نصب نفسه المستشار المؤتمن أكثر من غيره لدى الرئيس تماما مثل جاريد كوشنر صهر ترمب، ليخرس بذلك كل الأصوات الأخرى التي قد يكون لها آراء مخالفة.
ولعل أكثر الأوامر التنفيذية التي أحدثت ضجة ليس على مستوى الولايات المتحدة وحدها بل في أرجاء العالم، ذلك الذي حظر دخول رعايا سبع دول إسلامية إلى الأراضي الأميركية.
وأكدت وسائل الإعلام الأميركية أن بانون هو من حض ترمب على إصدار الأمر دون استشارة الخبراء المعاونين للرئيس التابعين لوزارة الأمن الوطني. ولعل هذا الموقف وما تلاه من غضب عالمي أظهر ترمب بمظهر الرئيس غير المؤهل الذي يفتقر إلى الشجاعة والحسم.
ويخشى كثيرون من أن يقنع بانون رئيسه بما كان يردده من أفكار إبان الحملات الانتخابية، ولعل أخطرها توقعاته التي ظل يبوح بها في لقاءاته الإذاعية إذ تكهن بتورط أميركا في حروب في شرق آسيا والشرق الأوسط.
وقال في ذلك إن الولايات المتحدة ستدخل في حرب “كبيرة” في الشرق الأوسط، وأخرى في الصين في غضون السنوات العشر المقبلة.
ووصف بانون في مقابلاته الإذاعية الإسلام ب”الدين التوسعي تماما مثل الصين”. وزعم في هذا الصدد أن “لدينا إسلام توسعي وصين توسعية، وهما متحفزان ومتغطرسان وزاحفان للأمام”.
وأضاف في مقابلة إذاعية في فبراير/شباط 2016 أن الإسلام والصين يعتقدان كلاهما أن “الغرب اليهودي المسيحي في تراجع”، زاعما أن المسيحية في العالم مهددة.
ولم يكتف بانون بذلك فقد نعت الإسلام بالدين “الأكثر تطرفا” في العالم. ولعل هذا الموقف هو ما دفعه للتحرك سريعا منذ دخوله إلى البيت الأبيض لوضع سياسات معادية للمسلمين حتى أن البعض في أميركا نفسها أطلق على المبدأ المركزي الذي يتبناه ترمب بأنه قائم على “الحرب على الإسلام”.
المصدر : الجزيرة,الصحافة الأميركية