لندن – تحاول شركة ساب الألمانية إنقاذ أوروبا من حالة “فتور رقمي” تضرب اقتصاداتها منذ عام 2008، حيث تعطلت الثورة الرقمية في بعض الدول الأوروبية أو تراجعت في بعض الدول الأخرى.
وقال المدير المالي للشركة لوكا موسيتش إن “أوروبا لديها الآن فرصة جديدة لتعود إلى الانتعاش الرقمي والدخول في ثورة رقمية جديدة”.
وأكد أن أوروبا سلمت منذ سنوات طويلة قيادة التجارة الإلكترونية للولايات المتحدة دون خوض أي معركة، لكنها “لديها الآن فرصة جديدة من خلال الإنترنت الصناعي… الشركات الأوروبية في جميع القطاعات تسعى حاليا بشكل جاد لثورة رقمية جديدة”.
ويسعى بيل ماكديرمات، الرئيس التنفيذي لشركة ساب، لإقناع الشركات الأوروبية بالاستثمار في تكنولوجيا البرامج، باعتبارها طوق نجاة للاقتصاد الأوروبي.
وقال إن “هناك فرصا للاقتصاد الرقمي في الدول الأوروبية بقيمة 2.55 تريليون دولار حتى عام 2025، وذلك ببساطة من خلال اللحاق بالنشاط الرقمي في الولايات المتحدة”.
لوكا موسيتش: فرصة سانحة لأوروبا لتعود للانتعاش الرقمي والدخول في ثورة رقمية جديدة
وكانت مجلة “هارفارد بزنس” أول من استخدم مصطلح “الركود الرقمي” في الإشارة إلى الوضع المتراجع لاقتصاد القطاع التكنولوجي في أوروبا.
ويظهر مؤشر “التطور الرقمي” لمعهد فليتشر، أن عددا من أسواق الدول الأوروبية تعاني حالة “خمول رقمي”. ويؤكد أن 15 دولة أوروبية فقدت زخم النمو في هذا القطاع منذ عام 2008 وهي تعاني “الركود الرقمي”.ولم يضع المؤشر سوى 3 دول أوروبية، هي سويسرا وإيرلندا وإستونيا، في تصنيف متقدم قريب من الدول المتطورة في النشاط الاقتصادي الرقمي، في حين صنفت دول كانت سابقا في قيادة الابتكار التكنولوجي مثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وكذلك فنلندا والسويد، ضمن الدول التي تعاني الركود الرقمي.
وتقول وكالة ماكينزي ان أوروبا تسجل فقط 12 في المئة من “الفرص الرقمية المتاحة”، بينما النسبة هي 18 في المئة بالنسبة إلى الولايات المتحدة. أما بريطانيا فهي متقدمة أكثر من معظم الدول الأوروبية بنسبة 17 في المئة، وفرنسا 12 في المئة، ونسبة ألمانيا هي 10 في المئة فقط.
ورغم أن مقر شركة ساب في بلدة فالدورف الألمانية الصغيرة، يبدو مكانا غير متوقع لإطلاق ثورة رقمية جديدة لكل أنحاء أوروبا، إلا أن لديها سوقا بقيمة 100 مليار يورو، وهي أكبر من مجموعة سيمنز، وتقدم خدماتها التقنية لأكثر من 320 ألف شركة، بينها أبل وكوكاكولا ونايكي الأميركية.
وبدأت شركة ساب نهضتها الرقمية وأصبحت رائدة في برامج الدعم التقني والرقمي للشركات العالمية، وهي تحاول إقناع الشركات الأوروبية الصغيرة والمتوسطة بالاستثمار في تكنولوجيا البرامج لتحسين قدراتها التنافسية.
واستحوذت ساب في عام 2011 على شركتين لتزويد خدمات “كلاود” لإدارة الشركات وتخزين البيانات، هما أريبا وسكسس فاكتورز مقابل نحو 8 مليارات دولار.
كما اشترت في 2014 شركة كونكور لإدارة نفقات السفر قائمة على كلاود مقابل 8.3 مليار دولار، وكذلك شركة فيلد جلاسوهي المتخصصة بإنتاج برامج إدارة العاملين مقابل مليار دولار.
وذكر محللون حينها أن ساب تبعثر الأموال في محاولة مستميتة لإخفاء مشكلاتها، وأنها دفعت سعرا مرتفعا لشراء بعض تلك الشركات، لكن النجاحات اللاحقة أثبتت أن ساب كانت تعرف ما تستثمر فيه وحققت مفاجآت كبيرة بعكس توقعات المحللين.
وكانت شركة أوراكل وهي منافسة رئيسية لشركة ساب، مقتنعة بأن ساب تبعثر أموالها عندما استحوذت على شركة كونكور. وقال رئيس أوراكل سافر كاتز، حينها “قلتُ في نفسي يا إلهي، شركة ساب اشترت شركة كونكور! وربما غدا سوف تشتري شركة الألبان ديري كوين”.
بيل ماكديرمات: فرص الاقتصاد الرقمي الأوروبي تقدر بنحو 2.55 تريليون دولار حتى 2025
وبعد مرور أقل من ثلاث سنوات، أخذت تتضح الفوائد الناتجة عن عمليات الشراء، وحققت ساب قفزات كبيرة في الإيرادات والأرباح لتصبح في صدارة الشركات العالمية في الخدمات الرقمية.
بعد هذا النجاح، أكد المحللون أن توقعاتهم كانت خاطئة وأن استثمارات شركة ساب في شركات تعمل على مفهوم “كلاود” هي المحرك وراء النمو الكبير في نشاطها.
ويعتقد مايكل روسمان من مجموعة بوسطن الاستشارية في ألمانيا أن الشركات الألمانية بصورة خاصة لديها حافز قوي للاستثمار في الأتمتة والتطوير الرقمي. ويقول إن الإنتاج في ألمانيا مرتفع التكلفة بسبب ارتفاع الأجور، ولذلك فإن الأتمتة هل السبيل الرئيسي لخفض تكاليف التشغيل.
وأكد أن إقناع الشركات الأوروبية بالقيام بهذه الاستثمارات الكبيرة كما فعلت ساب أسهل قولا منه عملا، لأنه ينطوي على تغيير العقلية الأوروبية لتكون أكثر انفتاحا للمخاطر الرقمية.
ويقول موسيتش إن ساب تمكنت من التوسع دون إهمال أعمالها الأصلية، وأن نتائج عام 2015 أظهرت ذلك، حين أطلقت الشركة سلسلة برامج وفق مفهوم كلاود بشكل هجين وباستخدام خدمات “نظام إدارة قواعد البيانات”.
العرب اللندنية