في الزيارة الأولى لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من المرجح أن يكون الزعيمان قد اتّفقا على ضرورة تحميل إيران مسؤولية أكبر على سلوكها غير الشرعي ومحاسبتها بشكلٍ أكثر صرامة مما كان عليه الحال في ظل إدارة أوباما. فقد أعلن مؤخراً مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق مايكل فلين، الذي استقال من منصبه هذا الأسبوع، أنّ البيت الأبيض “يوجّه إنذاراً” لإيران بعد تجربتها الرابعة على الأقل للصواريخ البالستية منذ تطبيق الاتفاق النووي في كانون الثاني/يناير من العام المنصرم. وبعد ذلك، فرضت الإدارة الأمريكية مجموعةً جديدة من العقوبات على الشبكات الإيرانية لشراء الصواريخ وعلى شبكةٍ لـ «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني التي تقدم الدعم لـ «حزب الله» في لبنان. إلّا أنّه بينما كان الزعيمان قد دعا في وقت سابق إلى إعادة التفاوض حول الاتفاق النووي الإيراني، هناك إجماع متزايد في كل من إسرائيل وواشنطن على أنّ إعادة فتح الاتفاق سيسبب المزيد من الضرر أكثر من المنفعةً.
وفي لقائه مع ترامب، ليس هناك شك أنّ نتنياهو قد أعرب عن المخاوف الإسرائيلية من “أحكام الانقضاء” المندرجة في «خطة العمل المشتركة الشاملة»، والتي بموجبها سوف تبدأ القيود المتبقية على التخصيب الإيراني وتصدير الأسلحة بالزوال تدريجياً في وقت مبكر لا يتجاوز عام 2021.
إلّا أنّه من المرجح أن يكون الإثنان قد ركّزا نقاشهما على طرق تساعد على إنفاذ الاتفاق النووي كما هو لكن بصرامةٍ أكبر، مع مواجهة رعاية إيران الشرسة للإرهاب وغير ذلك من السلوك غير المشروعة وغير المرتبطة بالقضايا النووية.
وفي دراسةٍ جديدة نشرها معهد واشنطن عمدنا نحن كتاب هذه السطور إلى النظر في دور العقوبات في تقييد اعتداءات إيران الإقليمية وعرقلة إرهابها العالمي وشبكات غسل الأموال والمشتريات الخاصة بها. واقترحنا في هذا الصدد مقاربةً متعددة الأوجه تبدأ باسترجاع السيطرة على سردية الاتفاق لفضح مزاعم إيران الكاذبة بأن العالم يعيش حالياً في “عصر ما بعد العقوبات”.
وفي الواقع، تبقى العقوبات أداةً صالحة وقوية لمواجهة إيران في انتهاكاتها لحقوق الإنسان ودعمها للإرهاب وتجاربها للصواريخ البالستية. وقد خشيت إدارة أوباما من أنّ استخدام هذه الأدوات في فترة ما بعد الاتفاق مع إيران من شأنه أن يقوّض استمرارية نفوذه، إلّا أنّ الهدف من الاتفاق لم يكن قطّ إعطاء إيران الضوء الأخضر في أعمالها غير النووية الماكرة.
ومن المرجح أن يكون نتنياهو وترامب قد اتفقا تماماً على ضرورة إنفاذ التزامات إيران المنصوص عليها في الاتفاق والدفع نحو فرض عقوباتٍ إضافية على الأعمال غير الشرعية خارج نطاق الاتفاق. وبالطبع، تكون العقوبات المحسنة أكثر فعاليةً إذا تناسبت وترافقت مع إجراءاتٍ دبلوماسية وعسكرية واستخبارية ضمن حملةٍ منسقة ضد نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار.
وبالمثل، تكون العقوبات أكثر فعاليةً عندما يتم تبنيها من قبل تحالف دولي. ويتمثل التحدي الذي يواجه نتنياهو وترامب في كيفية إقناع المجتمع الدولي الأوسع بالتكاتف ضد نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار.
إلّا أنّه ليس لدى الشركاء الأوروبيين على وجه الخصوص مصلحةً في إعادة التفاوض حول الاتفاق أو اتخاذ أي إجراءٍ رداً على أنشطة إيران الإقليمية. وتأمل معظم الدول الأوروبية باستمرار استفادة شركاتها من الروابط المالية والتجارية المتجددة مع إيران، لكن مع الحفاظ على عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة على الجناح العسكري الخاص بـ «حزب الله» وعلى الإيرانيين المنخرطين في انتهاكات حقوق الإنسان، بحيث تشمل «الحرس الثوري» الإيراني.
وتماشياً مع واقع هذه القيود المستمرة، من المرجح أن تتفق إسرائيل وواشنطن على ضرورة التشديد على شركائهما الأوروبيين على وجه الخصوص على أنّ تصرفات إيران غير المشروعة هي السبب وراء استمرار العقوبات.
وتسهم إيران في هذا الجهد من خلال انخراطها في خطواتٍ استفزازية مثل تجربة الصواريخ ودعم هجمات الحوثيين على البواخر. وبالفعل، لم تلتزم إيران بتاتاً بوقف النشاط غير النووي الماكر ولم توقفه في الواقع.
وكما قال نائب وزير الخارجية الإيراني وأحد كبير المفاوضين الإيرانيين حول الاتفاق النووي عباس عراقجي، “خلال المفاوضات النووية، أعلنا بوضوح أنّ مسائل الأمن والدفاع والصواريخ البالستية وسياساتنا الإقليمية غير خاضعة للتفاوض وغير مرتبطة بالمحادثات النووية”.
وسيكون التركيز على السلوك الإيراني الذي ينتهك القواعد الدولية الوسيلة الأكثر فعاليةً لجذب الدعم المتعدد الأطراف. كما أن إظهار العزم الدولي على محاسبة إيران على نشاطاتها غير النووية الماكرة من الأرجح أن يساهم في استعادة احترام إيران لقيود الاتفاق نفسه.
ولكن على الرغم من امتعاض رئيس الوزراء نتنياهو من الاتفاق النووي مع إيران، من غير المرجح أنه قد اقترح على الرئيس ترامب إفساخه، الأمر الذي ربما قد فاجأ الرئيس الأمريكي. وبدلاً من ذلك، من المتوقع أن يكون نتنياهو قد دعا ترامب إلى إنفاذ الاتفاق إلى أقصى حدّ. وبعد “توجيه إنذارٍ” لإيران، يبدو أنّ البيت الأبيض في عهد ترامب على استعداد للقيام بهذه الخطوة.
ماثيو ليفيت
معهد واشنطن