القاهرة – تكتسب زيارة الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، المنتظرة إلى واشنطن خلال أيام، أهميتها من أنها تأتي في وقت تتغير فيه قواعد اللعبة السياسية برمتها في الشرق الأوسط، على خلفية التضارب والارتباك اللذين أبدتهما الإدارة الأميركية الجديدة، بقيادة دونالد ترامب.
وتوقع مسؤول بالخارجية المصرية، رفض الكشف عن اسمه، أن تتم الزيارة أواخر فبراير الجاري، أو أوائل مارس المقبل، وقال إنها ستتناول تعزيز العلاقات في كافة المجالات، كما سيتم خلالها طرح قضية رفض القاهرة نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس.
وأوضح متابعون، أن الملفات الأبرز التي تتناولها محادثات السيسي مع نظيره الأميركي، ستكون القضية الفلسطينية، والملف الأمني، ومكافحة الإرهاب، ومصير المساعدات الأميركية العسكرية لمصر.
وشددت مصادر بالقاهرة، على أن الزيارة يخيم عليها التضارب والارتباك الذي أظهرته الإدارة الأميركية حول سياستها نحو القضية الفلسطينية، حيث كان ترامب صرح خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في واشنطن أخيرا، بأن خيار حل الدولتين، ليس الخيار الوحيد لحل القضية الفلسطينية، ثم عاد فأكد في مؤتمره الصحافي مع نتنياهو “إنه مازال يعكف على بحث حل الدولتين، وأيضًا حل الدولة الواحدة”.
وسارعت القاهرة من جهتها، على لسان المتحدث باسم خارجيتها، إلى التأكيد على تمسّكها بحل الدولتين، باعتباره أنه “يوجد توافق دولي بشأنه، ويلبي تطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية”.
وقالت مصادر بالعاصمة المصرية، إن السيسي “سيعيد تأكيد هذا الموقف لترامب”، خاصة أن علاقات التواصل مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أصبحت أكثر دفئا.
ولا يمكن لزيارة كهذه أن تخلو من استطلاع توجهات الإدارة الأميركية بخصوص القضية الفلسطينية، خصوصا مع تنامي الحديث بشأن حل الدولتين وارتفاع وتيرة الاستيطان الإسرائيلي التي أعطت انطباعا سلبيا بالانحياز الأميركي لصالح إسرائيل، وهو ما يمس أهم الثوابت التي بنيت عليها المسألة منذ اتفاقات أوسلو ومدريد، ويثير علامات استفهام عديدة بشأن مستقبل التسوية بالشرق الأوسط .
ومثلت تصريحات ترامب بشأن حل الدولتين والاستيطان ونقل السفارة الأميركية للقدس، جدلا كبيرا حول الحلول المطروحة لاستئناف عملية السلام في الشرق الأوسط.
وأكد طارق فهمي الخبير في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، أن التحركات السياسية خلال زيارة السيسي لواشنطن ستكون في إطار المبادرة المصرية التي أعلن عنها الرئيس السيسي والتي لا تخرج في جوهرها عن مبادرة السلام العربية، مشيرا إلى أن هناك تنسيقًا مصريًا أردنيا في هذا الصدد.
وأوضح فهمي لـ”العرب” أن الإدارة الأميركية لم تعد مهتمة كثيرا بمسألة نقل السفارة الأميركية إلى القدس، لأنها تعلم أن هذا الموضوع سوف يسبب لها مشاكل عديدة هي في غنى عنها الآن، كما أنه ليس من مصلحة العلاقة بين واشنطن والرباعية العربية أن تنفذ هذا المقترح بما له من تداعيات على مستقبل العلاقة، وخصوصا فيما يرتبط بالعلاقة مع إسرائيل.
ولفت مراقبون إلى أن الملف الأهم هو الملف الأمني، وسيتم حتمًا التطرق إلى الآليات اللازمة لمكافحة تنظيم داعش وروافده في المنطقة، علاوة على ما تردّد مؤخرًا من أنباء حول تفكير الإدارة الأميركية، في إقامة ما يسمّى بتحالف عربي، على غرار حلف “الناتو”، لمواجهة خطر إيران.
وفي ما يتعلق بملف الإرهاب، والذي يعد محور اهتمام الرجلين منذ اليوم الأول لمجيء ترامب إلى البيت الأبيض، فإنه سيكون في مقدمة مناقشات السيسي هناك، حيث يواجه هذا الأخير خطر الهجمات الإرهابية خاصة في سيناء كما سبق لترامب من جانبه، أن شدد أكثر من مرة على أن مواجهة التنظيمات الإرهابية بالشرق الأوسط، مثل داعش وغيرها، تحتل قائمة أولوياته، وأنه سيستعين بدول معينة في المنطقة لمساعدته، ومنها مصر.
ويدخل في سياق هذا الملف كذلك، التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين، والتي يسعى ترامب إلى استصدار قانون من الكونغرس باعتبارها جماعة إرهابية، وتسعى الإدارة الأميركية إلى معرفة المزيد من المعلومات عن خطورة تلك الجماعة على النظام المصري، وهو ما سيقدمه السيسي له خلال الزيارة.
ملف رابع لا يقل أهمية عن مواجهة الإرهاب، سيكون مطروحا على مائدة الحوار وهو ملف المساعدات العسكرية الأميركية لمصر والتي تقلصت في عهد إدارة أوباما من خلال اللعب على ورقة ملف حقوق الإنسان والحريات كذريعة لتقييد حركة النظام المصري.
وهذا الملف عرقل التعاون بين الإدارة الأميركية السابقة والنظام المصري نظرا للخلافات في وجهات النظر بين الجانبين فيما يتعلق بالتعامل مع ملف الإخوان المسلمين.
وقال الخبير العسكري، اللواء حسام سويلم، إنه من الضروري إعادة النظر في مسألة المساعدات العسكرية لمصر، سواء في حجمها أو نوعيتها، لافتا في تصريحات لـ”العرب” إلى أن حجمها لم يزد منذ معاهدة كامب ديفيد والتي تزيد على مليار دولار، وأن القاهرة تحتاج إلى مزيد تطوير بعض القطاعات العسكرية حتى يمكنها مواكبة ما يحدث في العالم من سباقات تسلح.
العرب اللندنية