القاهرة – تسعى منظمات الأعمال إلى إذابة جبل الجليد بين القاهرة وأنقرة، بعد أن ساءت العلاقات بين البلدين منذ عزل الرئيس محمد مرسي في منتصف عام 2013، والذي كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يراهن عليه في تحقيق أجندته الإقليمية.
وشهدت القاهرة أمس الأول اجتماعات لمجلس الأعمال المصري التركي المشترك منذ تجميد نشاط المجلس عقب صدور تصريحات من قبل الرئيس التركي عن ثورة 30 يونيو عام 2013، والتي وجه فيها انتقادات حادة للمؤسسة العسكرية المصرية، الأمر الذي أثار غضب القاهرة. وشارك الجانب التركي في الاجتماعات بوفد كبير ضم ممثلي 11 شركة تركية تعمل في مجالات مختلفة، بهدف البحث عن فرص استثمار جديدة في مصر.
وكشف عادل اللمعي رئيس الجانب المصري في مجلس الأعمال المشترك لـ”العرب” عن خطط لتنظيم الدورة السادسة عشرة المقبلة لمجلس الأعمال في إسطنبول خلال الصيف المقبل، بحضور عدد من رجال الأعمال والمستثمرين المصريين.
وقال “عرضنا على الوفد التركي فرص الاستثمار في محور قناة السويس وكذلك الاستثمار في منطقة بورسعيد على البحر المتوسط، وأبدى رجال الأعمال الأتراك استعدادهم للاستثمار في المشروعات المتاحة في تلك المناطق”.
ويصل حجم الاستثمارات التركية في مصر إلى نحو ملياري دولار، من خلال 230 مصنعا يعمل فيها قرابة 75 ألف عامل.
وكانت استراتيجية جمعية رجال الأعمال الأتراك والمصريين تستهدف في عام 2012 زيادة الاستثمارات التركية في مصر بشكل كبير لتصل إلى حوالي 5 مليارات دولار بحلول العام الحالي.
لكن التوسعات الاستثمارية التركية توقفت بعد الإطـاحة بحكـم الإخـوان المسلمـين، وتحاول أن تقوم منظمات الأعمال اليوم بتفعيلها وإطلاق مرحلة جديدة من التقارب.
محمود القيسي: الصادرات المصرية إلى السوق التركية لم تتوقف خلال الفترة الماضية
وسبقت للقاهرة المشاركة في فعاليات المؤتمر الدولي للسياحة في إسطنبول خلال شهر يناير الماضي، والذي افتتحه وزير الثقافة والسياحة التركي، وأبدى حينها اهتماما خاصا بالجناح المصري، في إشارة تعكس التمهيد لتطور محتمل في العلاقات السياسية.
وقال محمود القيسي رئيس غرفة التجارة والصناعة المصرية الفرنسية إن الصادرات المصرية إلى السوق التركية لم تتوقف خلال الفترة الماضية.
وأكد لـ“العرب” أن مصر وتركيا حليفان اقتصاديان لا يمكن أن يستمرا في الخصام على طول الخط. وقد شهدت العلاقات بين البلدين على مر التاريخ شدا وجذبا، لكنها لم تتوقف على الإطلاق.
وأشار القيسي إلى أن التحديات التي تشهدها المنطقة تحتم على البلدين تعزيز التعاون المشترك في الصراعات المحمومة بالمنطقة.
وتراجعت الصادرات التركية إلى مصر خلال عام 2014 بنحو 13 بالمئة، بينما زادت خلال عام 2015 بنحو 3.1 بالمئة، في تطور بطيء يعكس التقارب الحذر بين البلدين.
وقال أتيلا أتاسيفين رئيس جمعية رجال الأعمال الأتراك والمصريين إن القاهرة تعد بوابة تركيا الرئيسية إلى الأسواق الأفريقية.
وشدد في تصريحات لـ“العرب” على أن لغة المصالح والعلاقات التاريخية تحتم تعزيز التعاون المشترك بين البلدين، وأكد أن أنقرة تعد أيضا بوابة لانطلاق المنتجات المصرية للأسواق الأوروبية والعالمية.
وهذه هي الزيارة الثانية لمنظمات الأعمال التركية إلى القاهرة في أقل من 6 أسابيع، حيث استضاف الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية وفدا ضم أكبر 10 شركات تركية في 31 يناير الماضي برئاسة رفعت أوغلو رئيس اتحاد الغرف والبورصات التركية، وهي منظمة شبه حكومية قريبة من السياسة بدرجة كبيرة.
وكشفت تصريحات أوغلو خلال تلك الزيارة عن نوايا تقارب سياسي، حيث شدد خلال فعاليات المنتدى الاقتصادي الذي شهدته القاهرة التأكيد على ضرورة تعزيز العلاقات بين البلدين لتتطور بشكل ملموس على الصعيد الاقتصادي.
وكرر أوغلو مرتين على المشاركين في المنتدى، ليوحي أن تحركات الوفد التركي جاءت بمباركة من القيادة السياسية في أنقرة.
وأكد ذلك أيضا مسعود طبراق رئيس الجانب التركي في مجلس الأعمال المشترك بين البلدين، مشيرا في تصريحات خاصة لـ“العرب” إلى أن العلاقات الاقتصادية بين القاهرة وأنقرة لم تتوقف لحظة.
وأوضح أن الزيارة الحالية للقاهرة سوف تتبعها تطورات على الصعيد الاستثماري خلال الفترة المقبلة.
وضم الوفد شركات تعمل في قطاعات الغزل والنسيج والملابس والخدمات التعليمية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والطباعة والنشر والنقل واللوجستيات وشركات التشييد والمقاولات والتنمية العقارية وتوليد الطاقة الكهربائية وإدارة المناطق الحرة والسياحة والفنادق والتموين وإنتاج الزيوت والمعامل.
العرب اللندنية