اسطنبول (تركيا) – أظهرت نتائج أعمال الخطوط الجوية التركية أن الشركة تكبّدت في العام الماضي خسائر بلغت نحو 12.6 مليون دولار، مقارنة بتسجيل أرباح قياسية بلغت نحو 802 مليون دولار في السنة السابقة.
وقالت الخطوط التركية في بيان إلى بورصة إسطنبول إن “مبيعاتها زادت بنحو 2.5 بالمئة لتصل إلى نحو 7.9 مليار دولار في عام 2016”، وهو ما يشير إلى حجم التخفيضات التي قدمتها الشركة على التذاكر لتشجيع المسافرين.
ومن الواضح أن الاضطرابات السياسية التي تمر بها البلاد أثرت بشكل كبير على النشاط الاقتصادي، والذي تكشف عنه نتائج شركة الطيران المملوكة للدولة والتي اعتبرها محللون مرآة الوضع المتدهور في تركيا حاليا.
وتمر العديد من القطاعات من أبرزها قطاع السياحة بأزمة غير مسبوقة، بحسب بيانات رسمية تظهر تراجع النشاط السياحي منذ محاولة الانقلاب منتصف العام الماضي، إضافة إلى التفجيرات والهجمات الانتحارية وتجدد القتال مع المسلحين الأكراد.
وأدى ذلك الأمر إلى تراجع في إيرادات القطاع السياحي بنحو 30 بالمئة بعد انحسار كبير في أعداد الزائرين الأجانب العام الماضي.
12.6 مليون دولار، خسائر الخطوط الجوية التركية في عام 2016 بسبب الاضطرابات السياسية
وأشارت الإحصاءات الرسمية إلى أن عدد السياح الأجانب الزائرين لتركيا تراجع إلى 25.4 مليون زائر، وهو أدنى مستوى في تسع سنوات.
وواصلت العملة المحلية انخفاضها في الأسابيع الماضية لتصل خسائرها منذ محاولة الانقلاب منتصف العام الماضي إلى 28 بالمئة مقابل الدولار، وأكثر من 50 بالمئة منذ تفجرت فضائح الفساد المتصلة بأعمدة الحزب الحاكم في ديسمبر 2013. وتحاول الحكومة التركية جاهدة تعويض خسائر قطاع السياحة والسفر الذي يساهم عادة بنحو 30 مليار دولار سنويا في الاقتصاد ويدعم الكثير من القطاعات الأخرى، وذلك من خلال التوسّع في دعم وقود الطائرات ومساعدة الفنادق في الحصول على قروض.
وخسرت تركيا نسبة كبيرة من السياح الألمان، الذين كانوا يشكلون أكثر من 15 بالمئة من إجمالي عدد السياح مع تفاقم المخاوف الأمنية بفعل زيادة التوترات المرتبطة بصعود التيار السياسي التركي في ألمانيا.
وقال رالف تيكنترب الرئيس التنفيذي لشركة كوندور للطيران التابعة لوكالة السفر توماس كوك إن “شركة الطيران الألمانية خفضت طاقتها لنقل الركاب إلى تركيا بنسبة 10 بالمئة هذا الصيف بعد هبوط عدد المسافرين بنسبة 30 بالمئة العام الماضي”.
وسعى وزير الخارجية التركي مولود شاووش أوغلو إلى التخفيف من حدة الأزمة وحث السياح الألمان على العودة تركيا قائلا “لا يوجد سبب يجعل أصدقاءنا الألمان يخشون السفر إلى تركيا. تركيا آمنة مثل ألمانيا”.
رالف تيكنترب: كوندور للطيران خفضت طاقة نقل الركاب لتركيا 10 بالمئة هذا الصيف
لكن لا يبدو أن هناك مؤشرات تدل على عودة قريبة للسياحة التركية بسبب التصعيد الحاصل بين أنقرة وعدد من الدول الأوروبية مثل ألمانيا وهولندا والسويد والنمسا، على خلفية منع تجمعات للأتراك يؤيدون إجراء تعديلات على الدستور التركي.
وتظهر أرقام رسمية أن متوسط معدلات إشغال الفنادق في تركيا بلغ نحو 53 بالمئة فقط العام الماضي وخفضت فنادق كثيرة أسعارها لجذب الزبائن.
ويؤكد خبراء الطيران أن التوترات السياسية والعسكرية ليست وحدها التي أثرت على أرباح الخطوط التركية، بل إن سوء الأحوال الجوية كان سببا أيضا في تقلص عدد الزوار نتيجة إلغاء المئات من الرحلات.
ونتيجة لتراجع أعداد السياح، انخفض عدد العاملين في مرافق الإيواء والفنادق ووكالات الأسفار بنحو 14 بالمئة بمقارنة سنوية، بحسب بيانات مؤسسة الضمان الاجتماعي التي غطت الفترة من يناير حتى نوفمبر 2016.
وذكرت مصادر تعمل في القطاع السياحي التركي أن أكثر من 42 ألف شخص فقدوا وظائفهم بسبب انحسار قدوم السياح للبلاد، الأمر الذي أثّر على حوالي 200 ألف شخص من أسرهم، بحسب تقارير محلية.
وتكشف التقارير ذاتها أن أكثر من 311 وكالة رئيسية ومكتبا سياحيا فرعيا أغلقت أبوابها خلال العام الماضي في هذا القطاع الذي يشغل نحو مليون شخص.
ووسط إهمال السلطات لمخاطر ارتفاع نسبة الدين الداخلي، تواصل تركيا الاستثمار في المشروعات الكبيرة، مثل بناء ثالث مطار في إسطنبول، وهو ما يثير قلق المحللين بشأن متانة التوازنات المالية.
وذكر معهد الإحصاء التركي مطلع الشهر الجاري أن أسعار السلع والخدمات قفزت بنسبة 0.8 بالمئة على أساس شهري في فبراير ما يعادل ضعف توقعات استطلاع لآراء الاقتصاديين ليصل التضخم السنوي إلى نحو 10.13 بالمئة.
ويقول صندوق النقد الدولي إن نمو اقتصاد تركيا سيكون دون المتوقع في العام الحالي بسبب ضبابية الوضع السياسي والعلاقات المتوترة مع أوروبا واضطراب الأمن داخل البلاد والمنطقة.
وتوقع الصندوق أن يظل التضخم فوق المستوى المستهدف وأن يبقى العجز في ميزان المبادلات التجارية كبيرا، لكنه أشار إلى أن التحفيز المالي والتوقعات برفع العقوبات الروسية عن البلاد يمكن أن يدعما وتيرة النمو الاقتصادي.
العرب اللندنية