العمليات الجوية في سوريا اختبار مواقف بين روسيا وإسرائيل

العمليات الجوية في سوريا اختبار مواقف بين روسيا وإسرائيل

موسكو – ينذر استدعاء موسكو للسفير الإسرائيلي في روسيا عقب الغارات التي قامت بها طائرات إسرائيلية على أهداف في سوريا، بانتهاء التفاهمات التي تم التوصل إليها عند بداية التدخل العسكري الروسي في سبتمبر 2015.

وأعلنت وزارة الخارجية الروسية أنها طلبت توضيحات من الجانب الإسرائيلي حول الغارة التي شنتها مقاتلاتها فجر الجمعة على تدمر.

وترى أوساط دبلوماسية روسية قريبة من الكرملين أن هذا التباين قد يكون ثمرة اللقاء الأخير بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أثناء زيارة الأخير الأخيرة إلى روسيا.

وقال ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي لقناة روسيا اليوم، إنه طلب من السفير الإسرائيلي غاري كورين توضيحات بشأن اختراق الطائرات الإسرائيلية للأجواء السورية، مؤكدا أن ثمة اتفاقا بين روسيا وإسرائيل ينص على مراعاة مسار العمليات الجوية فوق سوريا، مشيرا إلى أنه تتعين معرفة تقييم وزارة الدفاع الروسية لهذا الحادث.

وتعتقد هذه الأوساط أن موسكو تتفهم هواجس نتنياهو حيال النفوذ الإيراني في سوريا لكنها لا تستطيع في الوقت الحاضر مجاراة الجانب الإسرائيلي في اعتبار إزالة هذا النفوذ أولية عاجلة.

وتضيف هذه المصادر أن روسيا ليست مستعدة للتخلي عن تحالفاتها مع إيران في سوريا في الوقت الحاضر طالما أنها لم تتوصل إلى تفاهم شامل مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ناهيك عن أن الحصرية التي تتمتع بها موسكو في تناول الملف السوري تعتمد على ما تملك إيران من قوات برية تابعة لها سواء تلك التابعة للحرس الثوري أو للميليشيات الشيعية من العراق ولبنان وأفغانستان ومناطق أخرى.

وتؤكد أوساط دبلوماسية في موسكو أن استدعاء وزارة الخارجية الروسية للسفير الإسرائيلي كان ضرورة هدفها تبرئة موسكو في أعين حلفائها في دمشق وطهران من أي تورط روسي في الغارات الإسرائيلية الأخيرة، كما يشكل رسالة إلى الشريك الإسرائيلي بضرورة إعادة صياغة التفاهمات السابقة وأخد الأجندة الروسية في سوريا بعين الاعتبار.

ميخائيل بوغدانوف: روسيا وإسرائيل متفقتان على مراعاة مسار العمليات الجوية

 ورغم أن استخدام النظام السوري لصواريخ أرض جو للتصدي للغارات الإسرائيلية اعتبر رسالة إيرانية أيضا ردا على الورش الدولية التي أثارت موضوع إزالة النفوذ الإيراني من سوريا، إلا أن خبراء عسكريين رأوا أن الأجواء في المناطق المحيطة بسوريا، بما فيها الأجواء الإسرائيلية هي تحت مراقبة الرادارات الروسية، ولم يستبعدوا أن تكون السلطات العسكرية الروسية هي من نبهت دمشق إلى الغارات الإسرائيلية موحية بإمكانية استخدام صواريخ أرض جو للرد.

وهدد وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان الأحد بأن يقوم الطيران الإسرائيلي بتدمير أنظمة الدفاع الجوية السورية في حال قام الجيش السوري مرة أخرى بإطلاق صواريخ باتجاه طائرات إسرائيلية.

ونفذت إسرائيل ضربات عدة في سوريا خلال السنوات الأخيرة، ذكرت تقارير أنها استهدفت مواقع أو معدات لحزب الله الذي يقاتل إلى جانب النظام السوري. وتكرر إسرائيل أنها ترفض حيازة الحزب أسلحة متطورة في سوريا تشكل تهديدا لها. ويعبر المسؤولون الإسرائيليون باستمرار عن قلقهم من وجود الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في سوريا.

وقال ليبرمان في حديث للإذاعة العامة “المرة القادمة التي يستخدم فيها السوريون أنظمة الدفاع الجوي الخاصة بهم ضد طائراتنا، سنقوم بتدميرها من دون تردد”.

وأضاف “في كل مرة نرصد فيها نقل أسلحة من سوريا باتجاه لبنان، فإننا سنتحرك لوقفها. لن تكون هناك أي تسوية حول هذا الموضوع”.

وتابع “على السوريين أن يفهموا أنهم سيتحملون مسؤولية نقل الأسلحة إلى حزب الله وطالما سيواصلون السماح بذلك، فإننا سنقوم بما يتعين علينا فعله”.

وتدارك بالقول “أكرر أننا لا نريد التدخل في الحرب الأهلية في سوريا ولا التسبب في مواجهة مع الروس، ولكن أمن إسرائيل يأتي أولا”.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين ننتانياهو أعلن الجمعة أن الغارة على سوريا استهدفت أسلحة “متطورة” كانت ستنقل إلى حزب الله اللبناني، مؤكدا أن هذا النوع من الضربات سيتواصل.

وقال “حين نرصد محاولات نقل أسلحة متطورة إلى حزب الله ونتلقى معلومات من أجهزة استخبارات في هذا المعنى، نتحرك لمنعها”.

ورغم ما يمثله الحدث من تشويش على العلاقات الروسية الإسرائيلية، فإن مراجع دبلوماسية غربية استبعدت تصعيد الموقف بين موسكو وتل أبيب، وأن الأمر لا يعدو كونه سوء تقدير ظرفيا مؤقتا أربك تفاهمات البلدين.

وتعتقد مصادر صحافية إسرائيلية أن تل أبيب أرادت من خلال غاراتها الأخيرة ضرب أهداف تعتبرها إسرائيل تشكل خطرا على أمنها وأرادت في الوقت عينه تفحّص رد الفعل الروسي حيال ذلك والتحرك في وقت تبدي الإدارة الأميركية على لسان المسؤولين بشكل واضح عزماً لتدخل عسكري أوسع في الشمال السوري.

العرب اللندنية