القاهرة – صعّدت جماعات الضغط في منظمات الأعمال المصرية من جهودها لإقناع وزارة النقل بالتراجع عن قرارات زيادة أسعار الخدمات البحرية قبل فوات الأوان، وتنفيذ الخطوط البحرية لخطط الانسحاب من الموانئ المصرية مطلع أبريل المقبل.
وبدأ مؤخرا تنفيذ قرارين أحدثا انقلابا كبيرا في هيكل خدمات الموانئ المصرية بعد فترة من التأجيل.
وينص القرار الأول رقم 488 الذي صدر قبل عامين على زيادة كافة أشكال الرسوم البحرية بنسب تبدأ من 100 بالمئة وتتدرج لتصل إلى 400 بالمئة حيث يرفع رسوم تداول الحاويات من 2.5 دولار إلى 10 دولارات، الأمر الذي يقلل من تنافسية الموانئ المصرية.
أما القرار الثاني رقم 800 فقد صدر في سبتمبر الماضي وتضمّن لائحة لتنظيم مزاولة الأنشطة والأعمال المرتبطة بالنقل البحري ومقابل الانتفاع. وقد أعاد إلى الأذهان مجددا، فكرة تأميم منشآت القطاع الخاص بحيث تؤول ملكيتها إلى الهيئة العامة المصرية للموانئ.
وحدد القرار شروط التأميم، بأن تؤول ملكية المنشآت سابقة التجهيز داخل الموانئ للهيئة خلال 7 سنوات من بنائها. أما بالنسبة إلى المنشآت الخرسانية فتؤول ملكيتها للهيئة خلال عشر سنوات.
عادل اللمعي: الأزمة كبيرة وأتوقع تراجع وزارة النقل خلال الأيام القليلة المقبلة
وتعمل أكثر من 900 شركة في مجال التخزين والتوريدات المختلفة واللوجستيات في الموانئ المصرية. وهي تقوم بتشييد مقرات ومخازن لها داخل الموانئ، وبمقتضى القرار الجديد سوف يتم مصادرة ممتلكات تلك الشركات للهيئة وفق المدد المحددة.
واضطرت أكبر 6 خطوط ملاحية من اليابان وتايوان وسنغافورة وإيطاليا بعد بدء تطبيق هذين القرارين في الأشهر الماضية وفشل كافة الجهود لإثناء الوزارة عنها، إلى اتخاذ قرار المغادرة إلى ميناء بيرويوس اليوناني بعد استحالة تعاملها مع الموانئ المصرية في ظل الرسوم الجديدة.
والخطوط الملاحية الستة هي نيبوني ياسان كايشا (أن.واي.كي) ومول اليابانيان والخط الملاحي التايواني “يانغ من” والخط الملاحي الكوري (كي.لاين) والخط الملاحي السنغافوري، فضلا عن الخط الملاحي الإيطالي.
ويصل عدد خطوط الملاحة العالمية التي تتعامل مع الموانئ المصرية إلى نحو 15 خطا ملاحيا تعمل في الموانئ البحرية التجارية الرئيسة في البلاد، التي يبلغ عددها 15 ميناء، بأطوال أرصفة تصل لنحو 34.76 كيلومتر.
وقال عادل اللمعي رئيس لجنة النقل في جمعية رجال الأعمال المصريين “قمنا بمخاطبة وزراء النقل المتعاقبين خلال الفترة الماضية لإثنائهم عن تطبيق مثل تلك القرارات حرصاً على بقاء الخطوط الملاحية في الموانئ المصرية”.
وتوقع في تصريحات لـ”العرب” أن تتراجع الوزارة خلال الأيام القليلة المقبلة عن تطبيق القرارات، بعد أن أعلنت كبرى الخطوط الملاحية بالفعل عن انسحابها من ميناءي غرب بوسعيد ودمياط والانتقال إلى ميناء بيرويوس اليوناني.
وكانت حجة الوزير الأسبق هاني ضاحي في زيادة الرسوم تقوم على أن الموانئ المصرية لم ترفع أسعار خدماتها منذ عام 2003. وتجاهل الوزير حينها تداعيات الأزمة المالية العالمية التي تفجرت عام 2008 وأثّرت سلباً على حركة التجارة العالمية.
محمد مصلح: موانئ مصر ستفقد 300 ألف حاوية بعد انسحاب الخطوط الستة الكبرى
وتتناقض القرارات مع سعي مصر لتدشين أكبر منطقة لوجستية في العالم خاصة بتجارة الترانزيت وتداول الحاويات في المنطقة الاقتصادية في محور قناة السويس.
وبدأت إدارة تلك المنطقة في تطبيق الرسوم الجديدة في ميناءي شرق وغرب بورسعيد التابعيْن لها، لكن الجدل تصاعد بشأن مصير الشركات التي ستعمل في مجال التوريدات المنطقة، والتي تطرحها مصر أمام العالـم لتكـون محـورا لحركة التجـارة العـالمية.
وقال محمد مصلح رئيس غرفة الملاحة في بورسعيد، إن قرارات وزارة النقل تؤثر سلبا على المـوانئ الأربـعة الرئيسيـة في البـلاد، وهـي الإسكندرية والدخيلة ودمياط وبورسعيد.
وتصل الطاقة القصوى لمناولة الحاويات في تلك الموانئ إلى 4 ملايين حاوية وإجمالي حمولات تبلغ نحو 97.5 مليون طن. وهي تستقبل السلع الأساسية وتجارة الترانزيت.
وبلغ عدد رحلات السفن للموانئ المصرية العام الماضي نحو 15 ألف رحلة. وتصل مساحات التخزين الإجمالية في الموانئ الأربعة نحو 3.5 مليون متر مكعب.
وتوقع مصلح في تصريحات لـ”العرب” أن تفقد الموانئ المصرية أكثر من 300 ألف حاوية بسبـب انسحاب تلـك الخطـوط الملاحية الستة.
ويستوعب ميناء الدخيلة وحده نحو 9 ملايين طن من السلع الرئيسة التي تستوردها مصر، أي ما يعادل نصف إجمالي حجم تداول السلع في باقي الموانئ الذي يصل لنحو 18 مليون طن.
ولا يحتاج إلغاء القرارين إلى تعديل تشريعي أو تدخل من البرلمان، حيث يمكن لوزير النقل إصدار قرار بتجميد العمل بالرسوم الجديدة على الفور.
وقال خبراء اقتصاديون إن هذا النوع من القرارات يتناقض مع الرغبة الملحة لدى الحكومة المصرية في جذب المزيد من الاستثمارات، كما أنها تبعث رسائل خاطئة إلى بقية العاملين في الأنشطة الاقتصادية المختلفة، وليس إلى قطاع الموانئ فقط.
العرب اللندنية