القاهرة – استعاد الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك حريته الجمعة، حيث غادر المستشفى العسكري الذي أمضى فيه القسم الأكبر من فترة السنوات الست من اعتقاله.
وأعلن محاميه فريد الديب أن مبارك (88 عاما) أصبح حرّا بعد أن قرر القضاء المصري في 2 مارس إطلاق سراحه بإصدار محكمة النقض حكما باتا ونهائيا ببراءته من تهم التورط في قتل متظاهرين خلال ثورة العام 2011 التي أطاحت بحكمه.
وقتل 850 متظاهرا خلال 18 يوما من تظاهرات عارمة شهدها ميدان التحرير وسط القاهرة أرغمت مبارك على التنحي في فبراير 2011 بعد 30 سنة حكم، واجه خلالها انتقادات تفاقمت في السنوات الأخيرة من حكمه تتعلق بحقوق الإنسان، وأيضا صعود نجم نجله جمال حتى أن هناك من قال إنه يسعى لتوريثه الحكم.
واستقبل الشارع المصري خبر الإفراج عن مبارك بنوع من الفتور، الأمر الذي يعكس حقيقة أن الأخير بات على قناعة بأن الوضع في البلاد تقريبا هو ذاته قبل سقوط حكم مبارك، إن لم يكن أسوأ على المستوى الاقتصادي نتيجة تبعات ثورة 2011، والهزات التي أعقبتها.
ويقول مراقبون إن المواطن المصري أصبح حبيس البحث عن لقمة العيش، وأن اهتماماته السياسية باتت تحتل درجات دنيا بالنسبة إليه.
ويعاني المصريون من ظروف اقتصادية صعبة وصل فيها معدل التضخم السنوي في نهاية فبراير الماضي إلى 31.7 بالمائة.
في المقابل بدا من الواضح أن هناك انقساما على مستوى النخبة المصرية وحتى العربية، حيال مسألة الإفراج عن مبارك، لاعتبارات تتعلق برؤية كل طرف لما سمي بـ“الربيع العربي”.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة مصطفى كامل السيد إن “الإفراج عن مبارك لا يشكل مفاجأة على الإطلاق، فرجاله هم اليوم أحد أعمدة السلطة”.
ويتولى الرئيس عبدالفتاح السيسي قائد الجيش السابق الحكم في مصر منذ الاطاحة بالرئيس الاسلامي محمد مرسي، عقب احتجاجات عارمة في العام 2013.
وكانت محكمة جنايات مصرية قضت بالسجن المؤبد على حسني مبارك في العام 2012 في قضية قتل متظاهرين، ولكن محكمة النقض ألغت الحكم وأعادت محاكمته أمام دائرة أخرى لمحكمة الجنايات في العام 2014 فحصل على البراءة. وتسبب هذا الحكم حينها بتظاهرات غاضبة قتل فيها شخصان.
وطعنت النيابة العامة بالحكم الأخير ولكن محكمة النقض أيّدت البراءة في 2 مارس في حكم بات غير قابل للطعن.
وإضافة إلى هذه القضايا، أدين مبارك بشكل نهائي وبات بالسجن ثلاث سنوات في قضية فساد تعرف إعلاميا في مصر باسم “قضية القصور الرئاسية” وهي عقوبة السجن التي أمضاها بالفعل.
وأصدر جهاز الكسب غير المشروع قرارا بمنع مبارك من السفر في إطار تحقيقات يجريها في “تضخم ثروة” الرئيس الأسبق وأسرته.
واستمرت محاكمة مبارك قرابة الست سنوات، أمضاها متنقلا بطائرة مروحية بين سجنه وقاعة محاكمته في أكاديمية للشرطة شديدة الحراسة في شرق القاهرة. لكن القسم الأكبر من سنوات سجنه أمضاها في وضع أشبه بالإقامة الجبرية في مستشفى القوات المسلحة بضاحية المعادي بجنوب القاهرة.
ويعدّ إخلاء سبيل مبارك بمثابة ضربة قاضية لما تبقى من ثورة باتت مختلفا حولها في الوطن العربي. ويقول أستاذ العلوم السياسية مصطفى كامل السيد إن “الربيع العربي انتهى” بإخلاء سبيل مبارك.
ويضيف السيد أن “الظروف التي أدّت إلى ثورة يناير قائمة وإن كنت أستبعد أن تقوم ثورة في الوقت الحالي”.
العرب الندنية