لندن – دفع شيخ قطري مليوني دولار لإحدى الشركات الأميركية للتأكد من سلامة أقارب له، اختطفوا في العراق على يدي ميليشيات شيعية في محافظة المثنى جنوب العراق عام 2015، أثناء قيامهم برحلة صيد.
وذكر تقرير لوكالة أسوشيتد برس أن عملية دفع المال تم الكشف عنها عبر وثائق لوزارة العدل الأميركية. وسلطت الوكالة الضوء على عالم المفاوضات السرية المتعلق بالرهائن في الشرق الأوسط، في قضية تشمل قراصنة واتصالات مشفرة عبر الإنترنت، ووعود بدفع الملايين من الدولارات على هيئة فديات.
وكشفت الوثائق محاولات قطر لتبدو أكثر شفافية مع حليفتها الولايات المتحدة، خصوصا بعد تغاضيها عن منع وصول الأموال إلى أيدي المتطرفين الإسلاميين بمن فيهم الذين يقاتلون إلى جانب فصائل المعارضة في سوريا.
وعبر كريستوفر دافيدسون، أستاذ علم السياسة في الشرق الأوسط بجامعة دورهام في بريطانيا، عن اعتقاده بأن ذلك يدفع إلى لي ذراع قطر لقطع تمويلاتها وإمداداتها لتلك الجماعات. مؤكدا أن عملية الاختطاف للقطريين في العراق لا تتعلق بالمال فقط.
ووفقا للوثائق المودعة لدى الوزارة، وقع الشيخ خليفة بن فهد بن محمد آل ثاني، أحد أفراد الأسرة الحاكمة في قطر، عقدا بتاريخ الثامن من مارس مع شركة “غلوبال ستراتيجيز كاونسيل” مقرها سان دييغو بكاليفورنيا، يدفع بموجبه مبلغ مليوني دولار مقدما.
وأكدت الوكالة أنه من النادر أن يُدفع مثل ذلك المبلغ الكبير بين المنظمات الأخرى التي تقدم هذه الخدمات، حيث ينصّ العقد على أن يقدم الخاطفون دليلا على حياة المختطفين، وبعدها يتم التفاوض مع أسرهم لإطلاق سراحهم.
وذكرت السلطات القطرية في بيان حصلت وكالة أسوشيتد برس على نسخة منه يؤكد قيام الشركة الأميركية بالتفاوض لصالح مواطن قطري يعمل بصفته الشخصية. وأنها تواصل العمل الدؤوب من أجل تأمين إطلاق سراح القطريين المختطفين في العراق.
ويقول مسؤولون عراقيون إنه ليست لديهم أي معلومات جديدة حول عملية الاختطاف، لكن الاشتباه يحوم حول الميليشيات الشيعية. والمثنى هي محافظة ذات أغلبية شيعية وليست منطقة ينشط فيها متطرفو داعش.
وارتفعت عمليات الخطف من أجل طلب فدية في العراق، بعد الإطاحة بنظام الرئيس العراقي صدام حسين بعد الغزو الأميركي عام 2003.
وقال ديفيد أندرو واينبرغ، الباحث البارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومقرها واشنطن، إن قطر شاركت في تسهيل دفع فدية لتحرير الغربيين الذين تم احتجازهم كرهائن في سوريا على يدي تنظيم القاعدة.
وأضاف واينبرغ الذي أدلى بشهادته أمام الكونغرس الأميركي حول قضية دفع الفديات لتحرير الرهائن “أضعفت قطر من موقفها السياسي بشكل واضح حينما نجحت بشكل كبير في المساعدة بدفع فدية لإطلاق سراح الغربيين المختطفين، في الوقت الذي ظهرت فيه غير قادرة على ممارسة نفس العمل لإطلاق سراح المحتجزين القطريين في العراق”.
وتظل الدوحة حليفا مهما لدول الغرب، حيث تستضيف نحو عشرة آلاف جندي أميركي وتعتبر أيضا مقرا رئيسيا للقيادة المركزية للجيش الأميركي. لكن قطر اتُهمت من قبل مسؤولين غربيين بأنها تلعب دورا في تمويل متطرفي السنة، مثل تنظيم القاعدة في سوريا الذي كان يُعرف سابقا باسم جبهة النصرة.
وتستضيف قطر مجموعة من الدعاة وقيادات في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين الذين يدعون الناس في المساجد إلى التصدق من أجل الجهاد.
وقال ديفيدسون “نعلم أن السلطات القطرية تغض الطرف ولا تريد التدخل في تلك الأفعال، وهي على علم كبير بتعاطف العديد من مواطنيها مع تلك الدعوات”.
وظل أمر اتصال الشيخ خليفة بن فهد بن محمد آل ثاني بمركز “غلوبال ستراتيجيز كاونسيل”، وتعاقده مع رئيسها التنفيذي ميليتوس غودامانيس مبهما.
ويحمل المواطن اليونانيّ غودامانيس الجنسية الأميركية ويعمل كمدير مبيعات دولي لشركة “هاوس أوف براندز”، وهي شركة أحذية في منطقة سان دييغو بكاليفورنيا، وهو أيضا شريك بموقع بيع الأحذية النسائية على شبكة الإنترنت المعروف باسم “نوتي مونكي”.
وفي الأسابيع الأخيرة، استعان المركز بمجموعة من قراصنة شبكات الإنترنت الذين قاموا بدورهم بإطلاق حملة على وسائل التواصل الاجتماعي وأنشأوا موقعا على شبكة الإنترنت للحصول على معلومات عن القطريين المختطفين من خلال شبكة “دارك نت” المشفرة التي يتم الاتصال عبرها بين الأطراف عن طريق إخفاء الهوية وعبر ميثاق اتصالات ومنافذ غير قياسية. ويسأل موقع دارك نت، “هل لديك نصيحة قيمتها 25 مليون يورو؟”.
وصرح منشور آخر عبر وسائل التواصل الاجتماعي “نتفهم جيدا أن المال يمثل دائما جزءا رئيسيا في تسوية أي صراع، ونطرح دائما مجالا للتفاوض حول أي تفاصيل”.
العرب اللندنية