ازمة إنتاج الطاقة المحلية في العراق بين التحديات والفرص

ازمة إنتاج الطاقة المحلية في العراق بين التحديات والفرص

الباحثة شذى خليل*

في الأيام الأخيرة ، شهد العراق زيادة في شكاوى مواطنيه بشأن الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي ، لتصل إلى 16 ساعة في اليوم. وقد أدى هذا الوضع إلى تفاقم معاناتهم وكان له آثار بعيدة المدى. عزت وزارة الكهرباء سبب انقطاع التيار الكهربائي هذا إلى تعليق إيران لإمدادات الغاز ، وهو أمر حاسم لتوليد الطاقة الكهربائية. ويأتي هذا التعليق نتيجة عدم وفاء العراق بالتزاماته المالية ، في أعقاب العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على إيران.
اكد رئيس الوزراء العراقي ، محمد شياع السوداني ، أهمية العمل من اجل سد النقص في إمدادات الطاقة وقال إنها “مشكلة مزمنة” تتطلب استعدادات مكثفة لمعالجتها بشكل فعال، وتسعى الحكومة إلى تقليل الاعتماد على الغاز المستورد في تشغيل محطات الإنتاج ، في إطار الجهود المبذولة لمعالجة أزمة الطاقة المستمرة.
من جهة أخرى حمل الخبير الاقتصادي سلام سميسم الحكومة علانية مسؤولية أزمة الكهرباء المتكررة التي تشهدها مختلف المحافظات خلال كل موسم صيفي.
المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد موسى ، قال إن زيادة ساعات انقطاع التيار الكهربائي في مختلف المحافظات هي نتيجة مباشرة لقطع إيران إمدادات الغاز عن مناطق وسط وجنوب العراق. وقد أثر هذا التعليق على الطاقة الإنتاجية لعدد من المحطات الرئيسية ، منها محطة الرميلة الغازية ، ومحطة الاستثمار ، ومحطة خور الزبير بالبصرة ، ومحطة كهرباء النجف. ونتيجة لذلك ، انخفض إنتاج الكهرباء بنحو 5000 ميغاواط في هذه المناطق ، فيما تجاوزت الحاجة الإجمالية 27 ألف ميغاواط.
وأدى التوقف المفاجئ في إمدادات الغاز إلى محطات توليد الكهرباء الوطنية إلى خسارة بغداد لأكثر من ربع مخصصاتها من الطاقة المخصصة للأحياء السكنية. وقد نتج عن ذلك عجز كبير في الطاقة ، حيث تتطلب العاصمة أكثر من 8000 ميغاواط من الكهرباء للحفاظ على حالة متوازنة ، في حين أن الكمية المتاحة تقل عن 4500 ميغاواط ، مما يجعلها غير قادرة على تلبية الاحتياجات المطلوبة.
سبق للحكومة العراقية أن ذكرت أن معالجة مشكلة الكهرباء من بين أولوياتها القصوى، ومع ذلك ، فإنها تواجه عدة عقبات في حل هذه المشكلة بشكل كامل ، بما في ذلك التحديات المتعلقة بإنتاج الكهرباء المحلية باستخدام موارد العراق الأولية دون الاعتماد على مصادر الإنتاج الخارجية.
التحديات والحلول:
هناك الكثير من التحديات المتعلقة بإنتاج الكهرباء المحلية باستخدام موارد العراق الأولية دون الاعتماد على مصادر الإنتاج الخارجية. إنها تنشأ من عوامل مختلفة وتمثل عقبات يجب معالجتها لتحقيق قدر أكبر من الاكتفاء الذاتي من الطاقة والمرونة. تشمل بعض التحديات الرئيسية ما يلي:
• البنية التحتية والاستثمار: يتطلب تطوير بنية تحتية قوية وحديثة للطاقة استثمارات كبيرة في محطات توليد الطاقة وشبكات النقل وأنظمة التوزيع. ويمكن أن يكون رأس المال الأولي المطلوب لمثل هذه المشاريع كبيرًا ، ويجب مراعاة تكاليف الصيانة المستمرة.
• الخبرة الفنية والمعرفة: بناء وتشغيل محطات الطاقة التي تستخدم موارد الطاقة الأولية في العراق بكفاءة وبشكل مستدام يتطلب خبرة ومعرفة فنية متخصصة. وتوافر المهنيين المهرة لإدارة هذه المرافق وصيانتها بشكل فعال.
• الاعتبارات البيئية: في حين أن إنتاج الطاقة المحلية قد يقلل من الاعتماد على المصادر الخارجية ، فمن الأهمية بمكان ضمان التزام مشاريع الطاقة باللوائح البيئية وتعزيز الاستدامة. وتعتبر الموازنة بين احتياجات الطاقة والاهتمامات البيئية ، مثل الانبعاثات واستنفاد الموارد ، مهمة معقدة.
• الاستقرار السياسي والاقتصادي: الاستقرار السياسي والاقتصادي أمر حيوي لجذب الاستثمارات وتعزيز بيئة مواتية لمشاريع الطاقة. يمكن أن يؤدي عدم الاستقرار وعدم اليقين إلى ردع المستثمرين وتعطيل خطط الطاقة طويلة الأجل.
• التمويل والقدرة المالية: يمكن أن يكون تأمين التمويل لمشاريع الطاقة تحديًا، خاصة بالنسبة لبلد مثل العراق مع مختلف الأولويات المتنافسة وقيود الميزانية. والقدرة على تمويل واستدامة مثل هذه المشاريع على المدى الطويل أمر بالغ الأهمية لنجاحها.
• التكنولوجيا والابتكار: يعد اعتماد التقنيات المتقدمة والحلول المبتكرة أمرًا ضروريًا لتحسين إنتاج الطاقة وكفاءتها. ومع ذلك ، قد تكون مواكبة التطورات التكنولوجية أمرًا صعبًا ، وتتطلب جهودًا مستمرة في البحث والتطوير.
• إدارة الموارد: تعد الإدارة الفعالة لموارد الطاقة الأولية في العراق واستخدامها ، مثل الغاز الطبيعي والنفط ، أمرًا ضروريًا لضمان أقصى قدر من الإنتاج وتقليل النفايات. وهذا يتطلب ممارسات إدارة الموارد الفعالة والتخطيط الاستراتيجي.
• الربط البيني وتكامل الشبكة: يمكن أن يمثل دمج المصادر اللا مركزية لإنتاج الطاقة في شبكة الطاقة الحالية تحديات تقنية. يتطلب ضمان التدفق السلس للطاقة عبر الشبكة والحفاظ على استقرارها تخطيطًا وتنسيقًا دقيقين.
• الإطار التنظيمي والقانوني: إن إنشاء إطار تنظيمي وقانوني واضح ومناسب أمر بالغ الأهمية لجذب الاستثمار الخاص وتشجيع الإنتاج المحلي للطاقة. ويمكن أن توفر اللوائح الشفافة والمستقرة اليقين للمستثمرين وتقلل من العقبات البيروقراطية.
• القبول الاجتماعي: يعتبر قبول المجتمع ودعم مشاريع الطاقة أمرًا حيويًا لتنفيذها بنجاح. ومن الضروري إشراك الجمهور ومعالجة المخاوف المحتملة بشأن تأثير مشاريع الطاقة على المجتمعات المحلية.
تتطلب مواجهة هذه التحديات جهودًا منسقة من الحكومة والقطاع الخاص وأصحاب المصلحة المعنيين. ويعد التخطيط الاستراتيجي والسياسات الفعالة والالتزام طويل الأجل ضرورة لتطوير قطاع إنتاج طاقة محلي مستدام وقادر على الصمود في العراق.
ختاما يعد تقليل الاعتماد على الغاز المستورد لتشغيل محطات الإنتاج من أولويات الحكومة، ويجب ان تكون هناك خطط واستراتيجيات تعزز من اعتماد العراق على نفسه في إنتاج الطاقة، وبالتالي تعزيز أمن واستقرار أكبر للطاقة على المدى الطويل.

وحدة الدراسات الاقتصادية / مكتب شمال امريكا
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية