في التاسع من نيسان/إبريل الحالي زار قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني إقليم كردستان والتقى خلال زيارته مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق والتقى نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة الإقليم في أربيل، وفي السليمانية التقى بقادة الاتحاد الوطني الكردستاني في السليمانية بينهم كوسرت رسول” النائب الأول لجلال طالباني، وعقيلة طالباني، هيرو إبراهيم والملا بختيار عضوا المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني، كما التقى أيضًا بعدد آخر من المسؤولين في إقليم كردستان العراق.
وتهدف زيارة سليماني إلى إقليم كردستان العراق أولًا: إلى تعطيل عملية الاستفتاء حول تقرير مصير كردستان الذي أقر الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني والأحزاب الكردستانية الأخرى وحكومة الإقليم إجراءه، إضافة إلى مسألة رفع علم كردستان في كركوك، وعودة هذه المناطق الكردستانية إلى إدارة كردستان.
وثانيًا: فيتمثل في إبعاد الاتحاد الوطني الكردستاني عن الحزب الديمقراطي، فالعلاقات بين الجانبين شهدت بروداً في المدة الماضية، لكن في الأيام الماضية شهد اجتماعا مفاجئا بين هذين الحزبين الرئيسيين، برئاسة رئيس الإقليم مسعود بارزاني، وهذا الاجتماع أذاب الجليد بينهما، وأصدرا معاً قرارات مهمة بشأن مستقبل الإقليم. وثالثا: تأتي زيارة قاسم سليماني إلى السليمانية في سياق تصفية الخلافات التي نشبت بين أجنحة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني.
وما يؤكد بأن تلك الأهداف كان محور زيارة قاسم سليماني، المعلومات الخاصة التي حصل عليها مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية والتي تفيد بأن سليماني كان قد أبلغ القيادات الكردية رفض إيران الاستفتاء الذي يتعلق بحق تقرير المصير لإقليم كردستان العراق، أبلغهم رفض تركيا وسورية والعراق لهذه الخطوة، كما بيّن لهم بوضوح أن العلاقة الطيبة التي تربط إيران بإقليم كردستان العراق لن تكون مبررًا لتضحيتنا بعلاقتنا الإستراتيجية مع الدولة التركية.
هذا الرفض الإقليمي يؤكد أن قضية استقلال إقليم كردستان العراق ليست قضية داخلية، وإنما قضية إقليمية ودولية، حيث من دون توفر الاشتراطات المطلوبة لهذا الملف فلن يتحقق هذا الموضوع، فهو يتعلق بالإرادات الإقليمية والدولية، ويقوم هذا الملف على مفهوم إعادة إنتاج دول الشرق الأوسط، ولايمكن أن يقف الموضوع عن حدود إقليم كردستان، لأن الوجود الكردي يتوزع في أربع دول ولا يمكن إيجاد وصفة خاصة لكرد العراق، وقضية استقلال الأكراد جداً معقدة وبحاجة إلى الكثير من المقدمات، وبتصوري، إنه لا في هذه المرحلة ولا في المرحلة القادمة ستكون مهيأة لاستقبال هكذا وصفة، فالشرق الأوسط يغلي وملفاته كثيرة ومتداخلة.
وبحسب المعلومات الخاصة التي حصل عليها مركز الروابط بشأن زيارة قاسم سليماني إلى إقليم كردستان العراق، فقد تطرق مع المسؤولين الأكراد مسألة رفع علم كردستان العراق فوق المؤسسات الحكومية في كركوك وأبلغهم رفض الحكومة الإيرانية هذا السلوك. وطلب منهم تقوية علاقاتهم مع الحكومة الاتحادية في بغداد بدل التفكير بالانفصال والإجراءات أحادية الجانب.
ولم يقتصر ذلك الرفض على الحكومة الإيرانية وإنما انسحب أيضًا على الحكومة التركية فبحسب معلومات التي حصل عليها مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية فقد أرسلت الحكومة التركية رسالة إلى نظيرتها الإيرانية تُعلمها برفضها رفع العلم الكردستاني فوق المؤسسات الحكومية في كركوك، واعتبرت هذا التصرف استفزازي من قبل الجانب الكردي وأكدت لها أيضًا أن حق تقرير المصير في كردستان العراق يعد إحدى الخطوط الحمر في السياسة الخارجية التركية، وبحسب المعلومات التي حصل عليها مركز الروابط فإن هناك توافقًا بين الرؤية الإيرانية والتركية بخصوص هاتين المسألتين.
كما انسحب ذلك التوافق ولأول مرة بين ايران وتركيا بشأن حزب العمال الكردستاني، فبحسب المعلومات الخاصة التي حصل عليها مركز الروابط فإن إيران أبلغت الحكومة العراقية وقيادة الحزبين في إقليم كردستان بأن وجود ذلك الحزب في العراق أصبح أمرًا غير مقبول، وأن وضع الحزب في كردستان العراق والمجموعات التابعة له في سورية والمدعومة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية أصبح صعبًا وحرجًا، وفي هذا السياق طالبت إيران حزب الاتحاد الوطني الكردستاني أن يتوقف في الدفاع عن حزب العمال الكردستاني، على غرار توقف الحكومة العراقية السابقة في بغداد عن إرسال المساعدات إلى ذلك الحزب. وبهذه التوجهات الإيرانية الجديدة تكون إيران أبلغت الحكومة العراقية مع قيادة الحزبين في كردستان أن ليس من مصلحتها أن تخسر علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية والأمنية مع جارتها التركية. فتركيا من وجهة نظر السياسة الإيرانية هي بوابتها للمشرق العربي وليس العراق.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية