ربما نستطيع أن نتفق مع كريستوفر لاينبيرغر من جامعة جورج واشنطن وكثيرين غيره: “المشي في المناطق الحضرية” هو هدف جدير. وفي الحقيقة، دعونا نعلن ببساطة أن حياة السير على الأقدام في الشارع، والباعة المتجولين الودودين، ودور المقاهي والحوانيت الجيدة، هي كلها مفتاح لتحسين نوعية الحياة في المدن والبلدات.
لكن هناك شيئاً واحداً فحسب: يجب أن نقي أنفسنا من الدهس. ولسوء الطالع، اكتشفنا في الأعوام القليلة الماضية شيئاً مريعاً تماماً: في يد إرهابية، يمكن لمركبة ذات أربع عجلات أن تكون سلاحاً مخيفاً.
لم ينس أحد هجوم 7 نيسان (أبريل) في ستوكهولم، عندما اختطف رجل واحد، هو رحمات أكيلوف، المهاجر من أوزباكستان، شاحنة تخمير وقادها إلى ممر المشاة ثم اندفع بها إلى مخزن، فقتل أربعة أشخاص وأصاب 15 آخرين بجروح، كما قال أحد التقارير.
اجتاحت الشاحنة المشاة على طول دروتنيغاتان، شارع التسوق النشط المكتظ بالمشاة. والشاحنة التي كانت قد سرقت على بعد بضعة مقاطع سكنية فقط في وقت سابق من ذلك اليوم، توقفت بعد أن دهمت مدخل مخزن “أهلنز” متعدد الطوابق. وأظهرت صور التقطت من المكان سحابة دخان أسود تتصاعد من المخزن. وقال أحد شهود العيان: “لقد شاهدت مئات الأشخاص يركضون. كانوا يركضون للنجاة بأرواحهم” قبل أن تصطدم الشاحنة بالمخزن.
في أعقاب هذه المجزرة، كتب رئيس الوزراء السويدي السابق، كارل بليدت، على وسيلة التواصل الاجتماعي “تويتر”: “اسرق شاحنة أو سيارة، وقم بقيادتها إلى حشد. يبدو أن هذه هي أحدث طريقة إرهابية. برلين ولندن، والآن ستوكهولم”.
في حقيقة الأمر، كانت القائمة المحزنة أطول من ذلك. وربما يكون الحادث الأبرز هو ذلك الذي وقع في مدينة نيس في فرنسا في تموز (يوليو) من العام 2016، وأسفر عن مقتل 84 شخصاً. وقد احتفل تنظيم القاعدة بهذا التكتيك في العام 2014 في شريط فيديو.
في عيون الإرهابي المحتمل صاحب العقلية الدموية، من السهل رؤية القبول الذي يحظى به الإرهاب المنفذ بواسطة مركبة: من يحتاج إلى مؤامرة معقدة عندما يجلس المرء فقط خلف مقود مركبة؟ إذا كانت السلطات تتعقب البنادق والمسدسات والمواد المتفجرة، وتراقب السفر والمطارات، فلماذا لا يدير المحرك ببساطة ويشرع في القتل فوراً. بعد كل شيء، هناك الكثير من “الأدوات” المتوفرة: يقدر أن الولايات المتحدة تضم 264 مليون سيارة وشاحنة، وهناك مليار مركبة أو نحو ذلك في باقي العالم.
وإذن، ما العمل؟ كيف يمكن لجم هذه الهجمات؟ من الواضح أن إجراء تحسينات في الأمن الداخلي، بما في ذلك تدقيق ملفات المهاجرين -من المتطرفين أو غير ذلك- هو الجواب الواحد.
بالإضافة إلى ذلك، سوف يقول البعض أن السيارات بلا سائق هي الجواب، بالنظر إلى أنها تلغي عامل الاختيار عند السائق. وقد يكون هذا كله صحيحاً من الناحية النظرية، ومع ذلك نستطيع أن نشير إلى بعض المشاكل العملية.
أولاً، ووفق أكثر السيناريوهات تفاؤلاً، فإن السيارات بلا سائق ما تزال تبعد عنا أعواماً -وكما شاهدنا، فإن هناك أكثر من ربع مليار مركبة “تقليدية” تسير على الطرقات الأميركية.
ثانياً، حتى مع تقنية السيارة بلا سائق، هل نتوقع حقاً أن “السائق” لن تكون له أي سيطرة على المركبة مهما كانت؟ وهي يعتقد حتى أكثرنا إيماناً بالتقنية بأن الحاسوب سيسيطر على كل حركة أخيرة لكل مركبة في كل مكان؟ إذا لم يكن الأمر كذلك -إذا كان لدى السائق أي نوع من السيطرة أو التحكم- فعندئذ، سيكون الضرر إذا وقعت السيطرة في الأيدي الخطأ موجوداً دائماً.
ثالثاً، عند الحديث عن الحواسيب والأذى، فقد تعلمنا بحلول هذا الوقت -أو على الأقل كان يجب علينا أن نعرف- أنه بين قانون ميرفي والقرصنة الشريرة، لا يأتي أي حل تقني في الفضاء الافتراضي من دون مشاكله الخاصة، بما في ذلك مشكلة القتل المتعمد.
لذلك، ربما تكون هناك طريقة أفضل للدفاع أمام الدهس بالمركبة، والتي ربما تكمن في، الدفاع. أي وجود سور، أو ما يعادل السور. وكما نعرف، فإن الأسوار الجيدة تصنع جيراناً جيدين على مدى الدهر- ولذلك، لماذا لا نبقي على شيء جيد مستمراً؟
نستطيع إقامة جدار، أو حاجز، في فئة “الدفاع السلبي”. أي بما يتعارض مع “الدفاع النشط”. والدفاع السلبي هو مجرد ما يبدو عليه -إنه موجود هناك وحسب، وهو دائماً يحرس بيقظة. ويجب الاعتراف بأن الدفاع النشط يبدو أفضل، لكنه عند التعريف أكثر تعقيداً. وهكذا يكون عرضة للأعطال. ومن الطبيعي أن يكون الدفاع النشط أكثر كلفة على الأرجح.
مع ذلك، وفي أعقاب هجوم ستوكهولم وكل الهجمات الأخرى من النوع نفسه، سوف يزداد الضغط على المسؤولين العامين وأصحاب البنايات “لفعل شيء ما”.
في الحقيقة، ربما نضيف أن هناك في الولايات المتحدة السعيدة بنظامها القضائي، حث إضافي على اتخاذ خطوات. وهي مسألة وقت بعد كل شيء، قبل أن يعمد شخص ما تضرر جراء حادث بمركبة أو بعمل إرهاب أو طارئ إلى رفع دعوى قانونية على النظرية التي تقول بأنه كان لدى السلطة ذات الصلة الكثير من “الإشعار البناء” بأن الكارثة المعنية كانت قادمة.
رداً على هذه المخاطر، لا يساور كاتب هذا المقال أي شك بأن الإبداع البشري والمهارة التقنية سوف ينتجان كل أنواع آليات الدفاع، بما في ذلك المصائد والحواجز التي تقفز في الطريق -وربما حتى مقذوفات حركية وقوة ميدان.
لكن الرهان يظل كما يلي: في النهاية، عندما تدخل في الحساب كل التكاليف والأمور التشغيلة، فإن الحل المستخدم أكثر ما يكون سوف يكون في مربط الحبال المتواضع. أي تلك الأعمدة الضوئية التي تستخدم لإرشاد حركة السير، وفي وقت أحدث، لحماية المباني.
في الحقيقة، أصبحنا نرى مسبقاً هذه الأعمدة الضوئية، بالإضافة إلى أنواع أخرى من الحواجز، وهي توضع أمام البنايات والصروح التي نرغب فعلاً في حمايتها مثل البيت الأبيض والكابيتول هيل (الكونغرس) في واشنطن العاصمة، بالإضافة إلى صروح مرموقة أخرى، عامة وخاصة، في منهاتن وغيرها.
إننا لا نستطيع أن نبني جدراناً حول كل مبنى، أو على طول كل ممر مشاة، لكننا نستطيع على الأقل نصب إشارات ضوئية. ومن الطبيعي أن لا توقف الإشارات الضوئية كل تهديد، لكنها تستطيع أن توقف سيارة أو شاحنة، وهو شيء في نهاية المطاف.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن تحسين الإشارات الضوئية على بساطتها الحالية. أي من الممكن أن تكون مؤقتة أو متنقلة أو تعمل بوعي ذاتي بحيث تظهر فقط عندما يأمرها جهاز استشعار بذلك. وهكذا نستطيع رؤية أن الإشارات الضوئية تستطيع أن تكون شيئاً هجيناً بين الدفاع السلبي والدفاع النشط.
من المؤكد أن تعميم أعمدة الشوارع وتحويلها إلى إشارات ضوئية منخفضة أو فائقة التكنولوجيا لن يكون شيئاً يمر بلا جدال. فوفق أعرافنا الراهنة، تعد الإشارات الضوئية بشعة ومنفرة. وفي الحقيقة، قد نقارن عملية بناء الإشارات الضوئية بعملية بناء القضبان -أي قضبان الحماية التي نشاهدها دائماً على النوافذ المحلية. وهناك بالتأكيد مقايضة بين الجماليات -وفي بعض الحالات الحواجز أو الأنواع الأخرى من التنظيم- وبين السلامة.
بطبيعة الحال، إذا أثبتت الإشارات الضوئية قيمتها في إنقاذ الأرواح، فمن المرجح أن يشرع الناس في الاعتياد على وجودها، وكذلك على التواجد المرئي للجدار. وهذا شيء تعلمناه عن الطبيعة الإنسانية: إذا كان شيء ما يخدم هدفاً جيداً، فإننا قد نحبه -أو حتى نعشقه.
مع ذلك، من العار، بلا شك، أن تكون الأمور قد وصلت إلى هذا الحد. ومن المحزن أن “حزام ممر المشاة” كما وصفته جين جاكسون، أصبح في حاجة إلى حراسة جديدة. ولكن، سوف يحتاج حتى راقصو الباليه في هذه الحالة إلى سور يحميهم. وكما أسلفنا، إذا كان هناك شيء ضروري، فإننا نتعلم في الحال أننا لا نستطيع العيش بدونه.
جيمس بي. بينكرتون
صحيفة الغد