الرياض – استقبلت الأوساط الاقتصادية الأمر الذي أصدره العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز بإعادة جميع المزايا المالية والمخصصات لموظفي الدولة والعسكريين، بكثير من التفاؤل. وتوقعت أن يؤدي إلى تحريك النشاط الاقتصادي الذي تأثر بإجراءات التقشف.
وقد انعكس ذلك على أداء أسهم الكثير من الشركات وخاصة مبيعات التجزئة التي تأثرت بشكل كبير من تراجع إنفاق المستهلكين وخفض الدعم الحكومي للوقود والكهرباء والمياه.
وكانت الحكومة السعودية قد قلصت في سبتمبر الماضي البدلات المالية لموظفي القطاع العام وخفضت مرتبات الوزراء بنسبة 20 بالمئة في أحد أقوى التدابير التي اتخذتها الرياض لتوفير المال ومعالجة عجز الموازنة بعد تراجع إيرادات صادرات النفط.
وكانت تلك الإجراءات أول تخفيضات في ما يتقاضاه موظفو الحكومة الذين يشكلون نحو ثلثي القوة العاملة في السعودية.
مؤسسة الراجحي المالية: إعادة المزايا المالية لموظفي الدولة يعكس تحسن الثقة في الاقتصاد
وقال المرسوم الملكي إن تلك الإجراءات كانت ردا على الهبوط الحاد في أسعار النفط وإنها ساعدت السعودية على بدء تحقيق الأهداف التي تم تحديدها في برنامج الإصلاح الاقتصادي (رؤية المملكة 2030) الذي يتضمن تحسين عائدات الدولة والحد من عجز الميزانية.
وقال وزير الدولة محمد آل الشيخ إن ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي يرأس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، أوصى بإعادة المخصصات بعد إجراء مراجعة رسمية وعقب أداء أفضل من المتوقع للميزانية في الربع الأول من العام الحالي. وأضاف أن الحكومة أجرت مراجعة للإجراءات التي اتخذت في الخريف في ما يتعلق ببدلات موظفي القطاع العام. وأوضح أن الإجراءات التي اتخذت خلال العامين الماضيين أدت إلى تحسن قوي في الوضع المالي للحكومة.
وانضم آل الشيخ إلى مسؤولين كبار آخرين أبرزوا الأرقام التي تشير إلى تعافي الاقتصاد.
وقال أحمد الخليفي محافظ مؤسسة النقد السعودي (البنك المركزي) إن احتياطي السعودية من العملة الأجنبية جيد جدا ويعادل 80 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي وإن العجز التجاري للبلاد قد ينخفض هذا العام بسبب تراجع الواردات.
وتوقع “انخفاض عجز ميزان الحساب الجاري هذا العام وربما يتم تسجيل فائض فيه… هذا يعود بشكل رئيسي إلى انخفاض الواردات وارتفاع قيمة الصادرات النفطية ثانيا”.
وعبر آل الشيخ عن اعتقاده بأن هذه الخطوة ستعزز الشعور الإيجابي مع تعافي الطلب المحلي على خلفية زيادة دخل الموظفين الحكوميين.
وقال نائب وزير الاقتصاد والتخطيط محمد التويجري إن السعودية خفضت العجز في الربع الأول من عام 2017 بمقدار يزيد على النصف بفضل ترشيد الإنفاق.
وأضاف “الحقيقة أن المصروفات في الربع الأول كانت أقل من المتوقع. العجز الذي توقعناه في بداية العام 54 مليارا والذي تحقق 26 مليار ريال (6.93 مليار دولار). هذه خطوة ممتازة جدا. ترشيد الإنفاق في عام 2016 حقق 21.33 مليار دولار”.
وشملت الأوامر الملكية تعديلات في وزارتي الطاقة والخدمة المدنية حيث تم تعيين الأمير عبدالعزيز بن سلمان (نجل العاهل السعودي) وزير دولة لشؤون الطاقة في وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية.
محمد التويجري:العجز في الموازنة في الربع الأول تراجع إلى نحو 6.93 مليار دولار
وتم إعفاء خالد بن عبدالله العرج وزير الخدمة المدنية من منصبه لارتكابه تجاوزات، وتم تكليف عصام بن سعد بن سعيد وزير الدولة وعضو مجلس الوزراء بالقيام بعمله.
وأكد وزير المالية محمد الجدعان أن الأوامر الملكية ستشجع الاقتصاد وتزيد في حجم السيولة والقوة الشرائية. وقال إنها دليل على عودة انتعاش الاقتصاد السعودي.
وكانت السيولة المتاحة في الاقتصاد، قد تعرضت لضغوط شديدة نتيجة هذا الإجراء، كما انخفضت القوة الشرائية لموظفي الحكومة ما أثر سلبا على مبيعات العديد من الشركات خاصة في قطاع التجزئة.
وأعلنت السعودية في ديسمبر الماضي عن موازنة العام الحالي بإنفاق إجمالي يبلغ نحو 237.3 مليار دولار، وهي تتوقع عجزا يبلغ نحو 52.8 مليار دولار. لكن بيانات العجز في الربع الأول ترجح أن ينخفض العجز عن تلك المستويات.
وانعكس الأمر الملكي على مؤشر سوق البورصة السعودية الذي ارتفع بأكثر من واحد في المئة أمس وسط توقعات بأن تعزز الخطوة الاستهلاك في قطاعي التجزئة والأغذية وفقا لاقتصاديين في مؤسسة الراجحي المالية.
وقفز سهم شركة جرير لبيع الإلكترونيات 8.3 بالمئة في حجم تداول هو الأكبر له هذا العام وقفز سهم شركة ساكو للمعدات والأدوات 8.9 بالمئة في تداول كثيف غير معتاد. كما ارتفع سهم المراعي أكبر منتج ألبان في الخليج 1.7 بالمئة.
وقال محللو مؤسسة الراجحي المالية إن قطاعات أخرى مثل البنوك وخاصة تلك المنكشفة على شريحة التجزئة من المرجح أن تستفيد أيضا من عودة البدلات. وأكدت أن الخطوة “تسلط الضوء أيضا على تحسن الثقة في الاقتصاد وهو أمر إيجابي لسوق الأسهم عموما”.
لكن المحللين قالوا إن إجراءات اقتصادية أخرى مثل قصر العمل بمنافذ التجزئة على المواطنين السعوديين قد يفضي إلى ارتفاع نفقات التشغيل في المدى القريب في حين أن سياسات مالية أخرى مثل بدء العمل بضريبة القيمة المضافة في العام المقبل قد يضر بأرباح شركات التجزئة.
العرب اللندنية