كابول – تصعد حركة طالبان الأفغانية هجماتها العنيفة ضد الجيش الأفغاني والأهداف الغربية في البلاد، في وقت تبدو فيه السلطات الأفغانية عاجزة عن وضع حد لهذا التمرد.
وشجع غياب إستراتيجية واضحة المعالم للإدارة الأميركية الجديدة حيال الصراع في أفغانستان، متمردي طالبان على تكثيف ضرباتهم الموجعة ضد كابول خصوصا هذا العام.
وتجنح الحركة إلى القيام بهجمات استعراضية واسعة تهدف من ورائها لكسب المزيد من التأييد في صفوف الجهاديين خاصة مع بروز داعش كمنافس حقيقي في استقطاب المقاتلين، كما تسعى من خلال ذلك لتحسين شروط التفاوض التي تراوح مكانها مع الحكومة الأفغانية ومن ورائها الجهات الغربية الداعمة.
واستقبلت الحركة زيارة وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس باستهداف قاعدة تديرها القوات الأميركية في إقليم خوست بشرق البلاد، وعلى الرغم من عدم تبني الحركة للهجوم إلى حدود ظهر الاثنين فإن معظم الهجمات المماثلة لهجوم الاثنين يقع تبنيها من طرف طالبان.
وتأتي أول زيارة لوزير الدفاع الأميركي إلى هذا البلد المضطرب بعد ساعات من استقالة نظيره الأفغاني على خلفية هجوم دام نفذته حركة طالبان الجمعة الماضي.
ووصف ماتيس حركة طالبان بأنها “همجية”، إلا أنه لم يعلق على الدعوات الأخيرة لإرسال المزيد من القوات الأميركية للمساعدة في قتال المسلحين الذين يستعدون لموسم القتال مع قدوم الربيع.
ومن المنتظر أن يلتقي ماتيس بمسؤولين كبار بينهم الرئيس أشرف غني بعد أقل من أسبوعين من إلقاء الولايات المتحدة لأكبر قنبلة غير نووية على مواقع لتنظيم الدولة الإسلامية في شرق البلاد.
ووصل الوزير الأميركي في وقت تواجه فيه قوات الأمن الأفغانية أزمة داخلية مع استقالة وزير الدفاع عبدالله حبيبي ورئيس أركان الجيش الجنرال قدام شاه شاهين.
وتزامنت الاستقالات مع الإعلان عن تعديلات أخرى في قيادة الجيش وسط غضب بشأن هجوم طالبان على قاعدة عسكرية خارج مدينة مزار شريف الشمالية الجمعة.
35 بالمئة نسبة ارتفاع الضحايا في صفوف القوات الأفغانية عام 2016 مع مقتل 6800 جندي وشرطي
وكان عشرة مسلحين ببزات عسكرية ويرتدون سترات ناسفة دخلوا إلى القاعدة بشاحنات للجيش، حيث فتحوا النار على جنود لم يكونوا يحملون سلاحا في المسجد وصالة طعام.
ويعتقد بأن الهجوم هو الأكثر دموية الذي تشنه طالبان ضد هدف للجيش الأفغاني رغم عدم صدور حصيلة واضحة للضحايا.
وتجاهل المسؤولون الأفغان حتى الآن الدعوات لتفصيل الحصيلة حيث اكتفوا بالإعلان عن سقوط “أكثر من مئة قتيل وجريح”. وعادة ما يحاول المسؤولون الأفغان التقليل من عدد الضحايا في هجمات من هذا النوع.
وفيما أشارت الولايات المتحدة إلى مقتل 50 جنديا، قال بعض المسؤولين المحليين إن عدد القتلى وصل إلى 130.
ويؤكد الهجوم تنامي قوة طالبان بعد أكثر من 15 عاما على الإطاحة بها من الحكم اثر اجتياح أميركي عام 2001، وفي وقت تستعد فيه لموسم القتال في الربيع.
وقال متحدث باسم الجيش يتخذ من القاعدة العسكرية مقرا له إنه تم اعتقال عشرة عناصر عسكريين ويخضعون للتحقيق كمشتبه بهم وسط مخاوف من أن تكون العملية قد تم الترتيب لها من الداخل.
وانتقد العديد من الأفغان الحكومة لفشلها في التصدي للهجوم، وهو الأخير في سلسلة من الاعتداءات التي نفذتها طالبان.
وقال حبيبي خلال مؤتمر صحافي في كابول الاثنين إن استقالته كانت طوعية، مقارنا نفسه بـ”جندي يضحي بنفسه في المعركة”.
وأضاف “لا يستطيع أي كان في العالم أن يمنع وقوع هجمات من هذا النوع، إنها حرب استخباراتية وحرب على الإرهاب. إنها غاية في الصعوبة”.
وأكد أن هناك تحقيقا جاريا وسيتم الكشف عن معلومات إضافية بشأن حصيلة القتلى عند انتهائه، ولكنه أكد أن الحصيلة “مرتفعة”.
وتأتي زيارة ماتيس كذلك بعدما ألقت الولايات المتحدة “قنبلة العصف الهوائي الجسيم” من طراز “جي بي يو-43/بي” والمعروفة باسم “أم القنابل” على مخابئ تنظيم الدولة الإسلامية في إقليم آشين بولاية ننغرهار شرق أفغانستان، ما أدى إلى مقتل مئة مسلح، وفقا لتقديرات غير مؤكدة أصدرها مسؤولون أفغان. وأدى الهجوم إلى صدمة في العالم، حيث دان البعض ما اعتبروا أنه استخدام أفغانستان كحقل تجارب.
وكان ماتيس الذي خدم في صفوف الجيش الأميركي في أفغانستان قال إنه يعد تقييما للنزاع الذي يبدو من الصعب إيجاد حل له، ليقدمه إلى الرئيس دونالد ترامب.
والحرب في أفغانستان هي الأطول في تاريخ الولايات المتحدة، إلا أن ترامب لم يأت على ذكرها كثيرا، باستثناء وصفه لعملية إلقاء “أم القنابل” بأنها ناجحة.
وفي فبراير، اعتبر ماتيس أن رئيسه محق في التحفظ على ذكر أفغانستان كونه لا يزال ينتظر الحصول على معلومات من قادة الجيش بشأن النزاع. وأبقت الولايات المتحدة التي تدعم القوات الأفغانية في حملة مكافحة الإرهاب، 8400 عنصر في البلاد وتقود في موازاة ذلك عمليات حلف شمال الأطلسي الذي يشن غارات على مواقع لتنظيم القاعدة وحركة طالبان وتنظيم الدولة الإسلامية.
وتحاول قوات الأمن الأفغانية التي أنهكتها عمليات القتل والفرار من الخدمة العسكرية، جاهدة الانتصار على المتمردين منذ أنهى جنود الحلف الأطلسي الذين تقودهم الولايات المتحدة مهمتهم القتالية في ديسمبر عام 2014.
وبحسب هيئة إعمار أفغانستان الأميركية المعروفة بـ”سيغار”، ارتفعت نسبة الضحايا في صفوف قوات الأمن الأفغانية بنسبة 35 بالمئة عام 2016 مع مقتل 6800 جندي وشرطي.
العرب اللندنية