كتيبة مسلحة أسسها أواخر عام 2012 المقاتل الجزائري خالد أبو العباس المعروف بـ مختار بلمختار، بشمال مالي بعد انفصال كتيبة “الملثمون” التي يقودها عن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
التأسيس
تم الإعلان عن تأسيس كتيبة “الموقعون بالدماء” أواخر عام 2012، بعد إعلان قائدها مختار بالمختار عن انفصال كتيبته الرئيسية “الملثمون” عن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وهو الانفصال الذي جاء بعد إصدار قيادة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي قرارا بعزله عن قيادة الكتيبة.
وجاء أول إعلان عن تأسيس الكتيبة في كلمة مصورة لقائدها بلمختار (نشرت يوم 5 من ديسمبر/كانون الأول 2012) توعد فيه المشاركين في حرب أزواد وخصوصا الفرنسيين، ومعلنا عن تأسيس “كتيبة فدائية أسميناها (الموقعون بالدماء) كوناها من خيرة فتيان وشباب مجاهدينا مهاجرين وأنصارا ستكون بإذن الله درعنا في ردعكم ورد عدوانكم على أرضنا وأعراضنا”.
وفي التسجيل ذاته، توعد بلمختار الملقب بالأعور “كل من شارك وخطط للعدوان على حق شعوبنا المسلمة في تحكيم الشريعة الإسلامية على أرضنا بأننا سنرد بكل قوة، وستكون لنا كلمتُنا معكم على ميدان النزال، ووعدا منا أننا سننازلكم في عقر دياركم، وستذوقون حر الجراح في بلدانكم، وسنتعرض لمصالحكم، ولن نبقى بعد اليوم رهينة سياستكم وحربكم النفسية والإعلامية”.
التوجه الفكري
“الموقعون بالدماء” جماعة سلفية جهادية، مقربة من تنظيم القاعدة، وزعيمها مختار بلمختار أحد أبرز قادة ونشطاء تنظيم القاعدة في شمال مالي، ورغم أنه انفصل عن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وأسس تنظيما خاصا به قبل أن يعود إليه من جديد، فإنه ظل على صلة وثيقة مع تنظيم القاعدة الأم، متشبثا بالعلاقة به، متمسكا بالروابط القائمة معه.
المسار العسكري والتنظيمي
كانت أول وأبرز عملية تنفذها كتيبة “الموقعون بالدماء” هي هجوم عين أميناس
الذي استهدف مصنعا للغاز جنوبي الجزائر، حيث هاجمت الكتيبة يوم 16 يناير/كانون الثاني 2013 مرفق عين أميناس جنوبي الجزائر واحتجزت مئات الرهائن، وذكرت أنها شنت الهجوم احتجاجا على التدخل الفرنسي في مالي الذي بدأ قبلها بأيام، وبعد تدخل القوات الجزائرية قُتل 38 رهينة بينهم غربيون ويابانيون إضافة إلى جزائري و29 فردا من الكتيبة.
وقد تطرق بيان كتيبة “الموقعون بالدماء” -وفق ما نقلت وكالة نواكشوط للأنباء- لتفاصيل عملية عين أميناس والمطالب التي تقدموا بها إلى السلطات الجزائرية، وقال إن سرية “فدائية” من كتيبة “الموقعون بالدماء” بتنظيم القاعدة قامت بعملية “انغماسية مزدوجة” كان هدفها السيطرة على مجمع الغاز وقاعدة الحياة التابعة لشركة “بي بي” البريطانية واحتجاز بعض العاملين الغربيين في المجمع.
وأضاف البيان أنه بعد أن قام “الفدائيون” بجمع عدد من الغربيين أطلقوا سراح المسلمين الموجودين بالموقع، على خلاف ما “ادعى” الجيش الجزائري أنه حررهم.
وبقيت المجموعة “الفدائية” الموجودة بالمصنع -يضيف البيان- تعرض التفاوض مجددا، وذكرت ما “مطالبها المشروعة” وهي “وقف العدوان على المسلمين بمالي وإطلاق سراح أسرانا لدى الصليبيين” لكن الجيش الجزائري “لم يستجب لهذه المطالب المشروعة، بل بدأ في اقتحام مصنع الغاز مما أدى إلى مقتل الرهائن”.
وتمت هذه العملية بالشراكة مع جماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا الناشطة في شمال مالي.
وبعد ذلك بأشهر وتحديدا في يوليو/تموز 2013 نفذ التنظيم بالاشتراك مع جماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا هجوما مزدوجا بالنيجر ضد ثكنة عسكرية بمنطقة أغاديس ومنجم لليورانيوم في مقاطعة أرليت تستغله شركة أريفا الفرنسية للطاقة النووية، وتم الهجوم بواسطة عمليتين بسيارتين مفخختين، وقتل خلاله ما لا يقل عن 23 شخصا بينهم 18 جنديا من النيجر.
وقد أصبحت كتيبة “الموقعون بالدماء” جزءا من تنظيم أكبر بعد اندماج كتيبة “الملثمون” -التي انبثقت منها كتيبة “الموقعون بالدماء”- وجماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا في تنظيم واحد أطلقوا عليه اسم “المرابطون”.
وقد أعلن عن تأسيس التنظيم الجديد في شمالي مالي يوم 23 أغسطس/آب 2013 إثر قرار زعيميْ جماعة “الملثمون” مختار بلمختار و”جماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا” أحمد ولد العامر المكنى “أحمد التلمسي” (نسبة لمنطقة تلمسي في شمال مالي) تطوير تحالفهما الذي استمر ما يزيد على سنة ونصف السنة بحل تنظيميهما السابقين ودمجهما في تنظيم “المرابطون”.
وقال ذلك التنظيم -في بيان إعلان تأسيسه- إنه يسعى لتوحيد الجهود لتأسيس “دولة إسلامية” وتوعد فرنسا وحلفاءها بالمنطقة بما “يسوؤهم” و”دحر” جيوشهم و”تدمير مخططاتهم ومشاريعهم” داعيا إلى “ضرب المصالح الصليبية الموجودة في كل مكان”.
وقد عاش هذا التنظيم تدافعا وتنازعا في مرحلته الأولى، حين قرر بلمختار والتلمسي اندماج جماعتيهما واتفقا على ألا يتولى أي منهما قيادة التنظيم الوليد بالمرحلة الأولى، وبعد حوار داخلي استقر رأيهما على اختيار المصري أبو بكر المهاجر أميرا، وبعد أشهر معدودات قـُتل المصري في أبريل/نيسان 2014 فأصبح المنصب شاغرا، فاختار مجلس الشورى التلمسي أميرا جديدا.
وفي نهاية 2014 اغتالت القوات الفرنسية التلمسي، فشغر منصب الأمير مجددا للمرة الثانية خلال 15 شهرا، فسارع أبو الوليد الصحراوي إلى أخذ البيعة من أعضاء الشورى الموجودين معه في شمال مالي وأعلن نفسه أميرا، وهنا عادت حالة الاستقطاب الثنائي من جديد داخل صفوف الجماعة، بين فريقيْ “الملثمون” و”التوحيد والجهاد”.
لكن تنظيم “المرابطون” أعلن في يوليو/تموز 2015 عزل أميره عدنان أبو الوليد الصحراوي وتنصيب مختار بلمختار أميرا جديدا.
ومن أبرز العمليات التي تبنتها جماعة “المرابطون” الهجوم الذي استهدف مطعما في باماكو (عاصمة مالي) يوم 6 مارس/آذار 2015 وأوقع خمسة قتلى بينهم أوروبيون، وأصيب فيه نحو ثمانية أشخاص -بينهم عسكريان سويسريان- وصفت إصابتهم بالخطيرة.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2015، عاود التنظيم استهداف مالي في هجوم على فندق راديسون بلو في باماكو، ذهب ضحيته أكثر من عشرين شخصا قبل أن تحرر القوات الخاصة الرهائن، بالإضافة إلى هجوم استهدف تجمعا لقوات الدوريات المشتركة بين مالي والحركات الأزوادية في يناير/كانون الثاني 2017، وأسفر عن مقتل قرابة مئة عنصر من تلك القوات.
الجزيرة