واشنطن – دعا مراقبون لشؤون الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في الولايات المتحدة إلى عدم التعويل كثيرا على اللقاء الذي جمع الأربعاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في البيت الأبيض في إحداث تحول جذري سريع لتحريك أزمة توقف المفاوضات بين الطرفين، لكنهم توقعوا بأن تكون المداخل التي سيسلكها ترامب مختلفة جذريا عن تكتيكات أسلافه على رأس الإدارة الأميركية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تحديدا.
وأبدى الرئيس الأميركي ثقته بإمكان التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين وذلك خلال استقباله نظيره الفلسطيني محمود عباس للمرة الأولى في البيت الأبيض.
وقال ترامب إثر اجتماع في المكتب البيضاوي “نريد إرساء السلام بين إسرائيل والفلسطينيين وسنحقق ذلك”.
ودخلت حركة حماس على الخط عبر حض خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الرئيس الأميركي على “التقاط الفرصة” لإعطاء دفع جديد لعملية السلام في الشرق الأوسط والتوصل إلى “حل منصف”.
وترى بعض المراجع الدبلوماسية الأميركية أن ترامب سيسعى إلى تغيير في أسلوب مقاربة هذه المسألة وإخراجها من الرتابة التي كانت واشنطن تتناول بها “الستاتيكو” الذي طرأ على مسار السلم بين الجانبين.
ووصف هربرت مكماستر، مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي، نهج ترامب في السياسة الخارجية بأنه “ابتكاري”، قائلا إن وسائله غير التقليدية قد تهيئ الفرصة للمساعدة في نهاية الأمر على تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط.
وتأتي محادثات البيت الأبيض بين ترامب وعباس بعد زيارة في منتصف فبراير الماضي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي تحرك سريعا لإعادة ضبط العلاقات بعد علاقة مضطربة مع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.
وتتحدث بعض الأنباء عن خطط لقيام ترامب بزيارة إسرائيل والأراضي الفلسطينية في 22 و23 مايو، فيما امتنع مسؤولون أميركيون وإسرائيليون عن تأكيد الزيارة.
ويعتقد بعض الخبراء الأميركيين أن الرئيس ترامب بحاجة إلى إنجاز حقيقي في هذا الملف بإمكانه الاستناد عليه لإعداد المسرح لاستراتيجية أميركية واسعة في الشرق الأوسط.
ويضيف هؤلاء أن تقدمه، ومنذ حملته الانتخابية، بصفته صديقا منحازا لإسرائيل وجادا في موضوع نقل السفارة الأميركية إلى القدس، يمنحه رصيدا لدى الرأي العام الإسرائيلي كما لدى النخبة السياسية الإسرائيلية من أجل تقديم تنازلات نسبية رفضت حكومة بنيامين نتنياهو تقديمها لإدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.
وبدا أن مكماستر سعى إلى تبديد مخاوف من أن تأتي محاولات الرئيس الأميركي تكرارا لمحاولات الإدارات السابقة، إذ علق إيلان غولدنبورغ، خبير مركز الأمن الأميركي الجديد، أن “مجرد انعقاد اللقاء دليل على أن مقاربة ترامب للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني تقليدية أكثر مما كان الجميع يتوقع”.
وقال مكماستر في هذا الشأن في احتفال أقيم في واشنطن الثلاثاء بمناسبة ذكرى إعلان قيام دولة إسرائيل، إن ترامب “ليس لديه الوقت للخوض في نقاش بشأن المعتقدات”، وإنما يسعى إلى تحدي السياسات الفاشلة التي سادت في الماضي بعقلية رجل الأعمال الذي يضع نصب عينيه تحقيق نتائج.
ويرى مراقبون لشؤون الشرق الأوسط في واشنطن أن الرئيس الأميركي يحتاج إلى الاستماع للرئيس الفلسطيني واستكشاف إمكانات قبول القيادة الفلسطينية بترتيبات جديدة وجريئة لوقف حالة الجمود في هذا الملف، مستندا على أجواء تطور العلاقات الأميركية العربية عامة بعد الزيارات التي قام بها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن ولقائهم بشكل منفصل مع الرئيس الأميركي.
ويضيف هؤلاء أن بيان القمة العربية الأخيرة في البحر الميت لإعادة إنعاش المبادرة العربية للسلام جاء ثمرة مداولات أميركية عربية بمعنى أنها أتت لتتكامل مع التفاهمات العربية الأميركية لا لتتناقض معها.
وتشكك مصادر فلسطينية في أن يكون بإمكان عباس تقديم تنازلات، لا سيما وأنه يواجه ضغوطا بالداخل لتفادي تقديم تنازلات، خاصة مع إضراب المئات من الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية عن الطعام.
وقال نبيل أبوردينة المتحدث باسم عباس إن القيادة الفلسطينية ملتزمة بانتهاج مسار سياسي يفضي إلى سلام حقيقي.
لكن مسؤولين فلسطينيين يقولون إنه سيكون من الصعب على عباس العودة إلى طاولة التفاوض دون الشرط المسبق القائم منذ فترة طويلة بتجميد توسيع المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي التي احتلتها إسرائيل في 1967 والتي يريد الفلسطينيون إقامة دولة فلسطينية عليها في المستقبل.
العرب اللندنية