لندن – لا يبدو العالم متفقا على كيفية مقاربة الحالة الإيرانية منذ التحول الذي طرأ على موقف واشنطن في هذا الشأن منذ وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. ففيما يلوّح ترامب بمراجعة للاتفاق النووي ملمحاً إلى إمكانية الانسحاب منه، لا يصدر عن بقية الدول الغربية الحليفة الموقعة على الاتفاق ما يوحي بتأييد لوجهة نظر واشنطن الجديدة.
ويرى دبلوماسيون غربيون أن رمادية الموقف الغربي حيال موقف واحد وحازم ضد إيران يترك لطهران هامش مناورة رحبا، ليس فقط للاستقواء ببدائل دولية أخرى كروسيا والصين مثلا، بل اللعب على التناقض داخل الدول الغربية نفسها لتقويض قيام جبهة متراصة خلف واشنطن ضد إيران.
وكانت الصحف الغربية قد نبّهت عواصم القرار الكبرى إلى ضرورة الاتفاق على استراتيجية منسقة للتصدي لإيران التي تتهمها صحيفة التايمز البريطانية بنشر النّزاعات في الشرق الأوسط والسعي لخلق نوع من الانقسام والفرقة في الغرب.
وفيما يقترب رأي النخب في البلدان الغربية الكبرى من وجهة النظر العربية التي عبّر عنها بيان القمة العربية الأخيرة في البحر الميت الذي أدان تدخل إيران في شؤون العالم العربي، إلا أن النقاش لم يرتق إلى مستوى اعتماد آليات ردّ جماعية موحدة.
وأكد الكاتب السياسي روجر بويز على أن الانتخابات المقبلة ستظهر خطأ الاعتقاد بالطبيعة الخيّرة أو الغريزة التجارية للنظام في إيران التي يمكن أن تجعله منفتحا على الغرب وأكثر التزاما بقوانين المجتمع الدولي.
روجر بويز: انتخابات إيران ستظهر خطأ الاعتقاد بالطبيعة الخيرة للنظام
وكان تقرير صدر في لندن عن لجنة العلاقات الدولية في مجلس اللوردات البريطاني دعا بريطانيا إلى إبعاد نفسها عن سياسة الرئيس الأميركي بدعوى أنها سياسات متقلبة لا يجب على بريطانيا أن تلتحق بها أو تستند إليها.
ويعتبر المراقبون أن هذه المواقف تعكس عدم وعي بطبيعة النظام الإيراني وقدرته على ابتزاز العواصم الغربية من خلال ممارسة ضغوط مباشرة تتعلق باحتجازه مواطنين غربيين كرهائن يرتبط أمر الإفراج عنهم بموقف هذه العاصمة أو تلك.
ويلفت خبراء إلى أن ترامب الذي يصف الاتفاق النووي بأنه “أسوأ اتفاق جرى التفاوض بشأنه على الإطلاق”، والذي طلب مراجعة سياسة بلاده إزاء إيران، سيحتاج إلى موقف مؤيد من قبل شركائه الغربيين لإرسال رسالة قوية للحاكم في طهران.
وأشار المحلل السياسي روجر بويز إلى سعي إيران إلى تحقيق انقسام في الغرب بين الولايات المتحدة التي تلوّح بسلاحها والبريطانيين والألمان والفرنسيين المترددين، الذين ترنو عيونهم إلى عقد صفقات تجارية مع إيران، حيث يلوّح الوسطاء الإيرانيون بوفرة الأعمال والصفقات التجارية في حال كسر الاصطفاف مع الولايات المتحدة.
وتشدد الآراء الجديدة في أوروبا على وجهات نظر تقترب من تلك التي تتبناها إدارة ترامب من أن هدف الاتفاق النووي لم يكن منع إيران من اقتناء السلاح النووي فذلك هدف مفروغ منه، بل منع إيران من أن تتسلح ببرنامج نووي لتغطية سياساتها في المنطقة، وأن مواصلة طهران لاختبارات إطلاق صواريخ باليستية يعني أنه تم تفريغ الاتفاق من مفاعيله الحقيقية وأنه بات على المجتمع الدولي، والموقعين على الاتفاق خصوصا، إعادة صياغة هذا الاتفاق وتكبيله بما ينزع من إيران مخالبها التي باتت تهدد السلم العالمي.
ويعتقد دبلوماسيون أوروبيون أن هذه الانتخابات لن تغير شيئا من السياسة المعتمدة في طهران والتي يمليها التيار المتشدد، وأن على العالم اتخاذ موقف واضح ضد إيران يستهدف مضمون نظام الحكم الذي يمثله الولي الفقيه بغض النظر عن المظهر الشكلي للنظام الذي يمثله رئيس الجمهورية.
العرب اللندنية