تستعد وحدات حماية الشعب الكردية التي تقود تحالف قوات سوريا الديمقراطية لمعركة الرقة، التي تنطلق بداية الصيف بنفس جديد، بعد تعهد أميركي بإرسال المزيد من الأسلحة لها في وقت قريب جدا (لن تطالب به واشنطن بعد نهاية المعركة).
وكانت وزارة الدفاع الأميركية قد أعلنت مؤخرا عن إمضاء الرئيس دونالد ترامب على قرار بتسليح الوحدات بمعدات ثقيلة، في خطوة تحسم الجدال حول مدى رهان واشنطن على الطرف الكردي في سوريا.
وأثار هذا القرار عاصفة من الغضب في تركيا قبل أن تهدأ لإدراك أنقرة أنه لا خيار أمامها سوى الرضوخ إلى الأمر الواقع، حيث أن واشنطن لا تبدو مستعدة للتخلي عن هذا الحليف مهما قدمت من عروض كأن تتولى مهمة المعركة الكبرى في الرقة ضد داعش.
وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية الجمعة، أن الهجوم لطرد التنظيم من مدينة الرقة، معقله في سوريا سينطلق بداية الصيف.
وبدأت سوريا الديمقراطية عمليتها العسكرية في اتجاه الرقة في نوفمبر، وسيطرت على العديد من القرى والبلدات في محافظة الرقة في شمال سوريا، وكان آخرها مدينة الطبقة الاستراتيجية، ما فتح الطريق لاستعادة المدينة.
وأكد نائب القائد العام للتحالف الذي يضم كذلك فصائل عربية قهرمان حسن “أعتقد أنه في بداية الصيف سوف يتم اقتحام الرقة”.
وقال حسن إن قوات سوريا الديمقراطية “ستتلقى أسلحة نوعية ومدرعات” من الولايات المتحدة مع بدء الهجوم على المدينة، مضيفا “أعتقد أن هذا الدعم سيصل خلال الفترة القريبة”. وتحظى عمليات سوريا الديمقراطية بدعم جوي من التحالف الدولي، وبري عبر نشر مستشارين أميركيين على الأرض.
وترغب الوحدات الكردية في توسيع نفوذها في شمال سوريا وشرقها عبر استعادة السيطرة على الرقة، الأمر الذي يثير رعب أنقرة التي ترى أنها امتداد لحزب العمال الكردستاني الذي يسعى لانفصال جنوب تركيا. وأعلن الاتحاد الديمقراطي عن توجه لتشكيل مجلس مدني في الرقة بعد تحريرها، على شاكلة المجالس التي تم إنشاؤها في مناطق سيطرة الحزب الكردي الأقوى في سوريا، مع تطعيمه بوجوه من أعراق أخرى، الأمر الذي تصفه تركيا بـ“التضليلي”.
وسيحاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأسبوع المقبل خلال لقائه نظيره الأميركي دونالد ترامب الحصول على تطمينات لتهدئة المخاوف حيال النوايا الكردية، بيد أن محللين يرون أن هذا الأمر صعب للغاية.
ويعتبر هؤلاء أن الرئيس التركي في موقف ضعيف وهو مرتبك ولا يدري أي الطريق يسلك في ظل عدم ضمان الجانب الروسي أيضا.
وقال أردوغان في مؤتمر صحافي في أنقرة إنه يعتقد أن الولايات المتحدة لا تزال تمر “بمرحلة انتقالية” وأن قرارا مثل تسليح الوحدات يعود إلى سياسات الإدارة السابقة.
ويجتمع أردوغان مع ترامب خلال زيارته إلى واشنطن يومي 16 و17 مايو.
ويعتبر متابعون أن الخيار الأسلم أمام تركيا يبقى القبول بالحوار مع الأكراد ضمن منصة جنيف أو غيرها من المنصات، لإيجاد حل توافقي، مشددين على أن موقفها المتصلب لن يؤدي إلا إلى طريق مسدود.
ويقول مدير المركز الكردي للدراسات نواف خليل لـ“العرب” “أعتقد أن المواقف التركية حيال الأكراد أيديولوجية وليس أدل على ذلك حينما رُفِعَ علم إقليم كردستان العراق في كركوك رغم العلاقات الجيدة بين الديمقراطي الكردستاني والحكومة التركية”.
وأضاف أن “أنقرة تحاول جاهدة من خلال التصريحات شبه اليومية وضع الأكراد في قفص الاتهام، مع العلم أنه لا يوجد حزب كردي سوري واحد حتى اللحظة دعا للاستقلال أو الانفصال رغم أن الاستقلال وحق تقرير المصير حق أصيل للشعب الكردي”.
ودعا إبراهيم إبراهيم مدير المركز الإعلامي لحزب الاتحاد الديمقراطي في أوروبا عبر “العرب” الشعب التركي للضغط على حكومته “بقبول القضية الكردية، حيث لا يمكن لأردوغان القضاء عليها والجلوس مع ممثلي الشعب الكردي ووضع حلول ترضي جميع الأطراف الإقليمية والسورية، ولا مانع لدينا أن نجلس معهم إذا كانوا فعلا صادقين بحلها”.