وفتحت عودة أردوغان الباب على مصراعيه للتساؤل عن دلالات ترشحه منفردا، وأبرز التحديات التي يواجهها الحزب، والملفات التي ستحظى بالأولوية على طاولته، وانعكاس عودته على أدوار رفاقه القدامى والوجوه الشابة في قيادة العدالة والتنمية على السواء.
يصف محللون سياسيون ومراقبون للشأن التركي انعقاد المؤتمر العام لحزب العدالة والتنمية باللقاء المصيري على مستوى الحزب والبلاد التي يديرها على السواء، خاصة بعد الاستفتاء الذي وجه الأتراك فيه رسالة للحزب بأنهم وإن كانوا ما زالوا يثقون في أدائه فإنه قد لا يكون خيارهم الوحيد.
دلالات وتحديات
ورأى المحلل السياسي والكاتب في الشأن التركي معين نعيم أن عودة أردوغان لرئاسة الحزب بصفة مرشح الإجماع، لا تنفصل عن شخصيته كزعيم تاريخي ومؤسس ذي “كاريزما” شخصية تصعب منافستها، وليس مجرد رئيس يحمل شخصية إدارية أو سياسية تقليدية.
وقال للجزيرة نت إن المجتمع التركي بطبيعته يعلي من قيمة “القائد الفردية” ومن دوره، الأمر الذي أوجد رغبة جامحة لدى كوادر العدالة والتنمية في عودة أردوغان الذي ينظرون إليه كرائد لمشروع إحياء وإعادة بناء الحزب الذي واجه الكثير من الأزمات في السنوات الأخيرة.
وأوضح نعيم أن الاستفتاء على تعديل الدستور في تركيا كشف عن مشاكل وأزمات في هيكلية الحزب الحاكم وممارسته، تجلت في ضعف إقبال قطاع الشباب على التصويت، وتراجع الحزب في مواقع كان يتقدم بها، الأمر الذي جعل قادته يتطلعون لعودة أردوغان بوصفه الأكثر قدرة على إعادة اللحمة للحزب وإنهاء الاستقطاب داخله.
انعكاسات العودة
من جهته، وصف الكاتب في موقع “سربستييت” التركي أورال جاليشلر عودة أردوغان لرئاسة الحزب بأنها استمرار لعمله على جمع السلطات بيده خطوة بخطوة، رغم ما يترتب على ذلك من تحطيم للروابط مع الرفاق المؤسسين للحزب.
ورأى أن حزب العدالة والتنمية قد تغير كثيرا في السنوات الأخيرة جراء النزاع على الصلاحيات، وأن “شخصيات كبيرة” غابت عن المشهد الحزبي للعدالة والتنمية مثل عبد الله غل وبولنت آرنتش وأحمد داود أوغلو وعلي باباجان وبشير آتلاي.
وتوقع جاليشلر أن تفضي عودة أردوغان لرئاسة الحزب إلى “تحركات” في صفوفه، خاصة إذا تم استبعاد رئيس الحكومة بن علي يلدريم وبعض الوزراء والمحافظين من قادة الحزب.
أما الباحث في مركز البحوث والدراسات الإستراتيجية بأنقرة جاهد توز فرأى أن رمزية أردوغان هي أقوى الحقائق داخل الحزب، وتوقع أن تسهم عودته للقيادة في تراجع أدوار قادة الحزب القدامى؛ نظرا لما يملكه من نفوذ وتأثير داخل الحزب ومؤسساته ومراكزه المختلفة.
وأشار إلى أن تراجع دور الجيل القديم قد يفتح الباب أمام تقدم قيادات شابة في الحزب، لكن ذلك سيبقى قائما حتى العمل بالتعديلات الدستورية عام 2019، حيث رجح أن تتراجع أدوار كافة القيادات بما فيها أردوغان نفسه بعد ذلك التاريخ، نظرا لأن النظام الرئاسي يزيد من قوة المؤسسة ودورها على حساب أدوار القيادات.
ملفات
وقال توز للجزيرة نت إن انتخاب أعضاء المجلس الأعلى الجديد لقيادة الحزب والمكون من 52 شخصية في المؤتمر العام يمثل أيضا أمرا بالغ الأهمية لتركيا، ذلك أن هذا المجلس هو صانع القرار الجماعي للحزب الذي يدير الجمهورية.
أما على صعيد الملفات ذات الأولوية على طاولة أردوغان، فرأى أن أولها سيكون استعادة مشروع السلام مع الأكراد، الذي بدأ مع تولي الحزب سدة الحكم عام 2002، لكنه وصل إلى طريق مسدود عام 2012.
أما الملف الثاني فأوضح توز أنه يتعلق باستعادة دفء العلاقة مع الشارع التركي الذي أبدى تفهما لضرورة حملات تطهير الدولة من أنصار حزب العمال الكردستاني وتنظيم الدولة وجماعة الخدمة، لكنه شعر بأن هناك “شرائح بريئة من المجتمع” قد تضررت من تلك الحملات.
كما رأى أن أردوغان سيسعى لتأكيد استعداد تركيا مجددا للتحرك في الملفات الخارجية دون الحاجة للتنسيق والتشارك مع أطراف أخرى.
خليل مبروك
الجزيرة