مؤخراً، أعلن مركز الجالية الفلسطينية-الأميركية في نيوجيرسي عن أول مبادرة تعليمية من نوعها: مشروع الوطن. وفي المشروع، سوف يستشكف المشاركون المدعومون مالياً الأراضي الفلسطينية ويعيشون خبرة التعرف إليها -بطريقة تشبه قليلاً “تاغليت” أو “بيرث رايت إسرائيل”، وهي منظمة تهدف إلى منح كل شاب يهودي في جميع أنحاء العالم فرصة لزيارة إسرائيل. والمؤهل الأساسي للمتقدمين للمشاركة في مشروع الوطن هو أن يكون المتقدم “مواطناً أميركياً من أصل عربي”، وليس مواطناً أميركياً من أصل فلسطيني فقط. ويرحب البرنامج بأناس يحملون إرثاً من 22 دولة مختلفة، بما فيها الجزائر، وجزر القمر، ومصر، والعراق، والأردن، والكويت، ولبنان، وليبيا، وموريتانيا، والمغرب، والسودان، وسورية واليمن -أناس من “العالم العربي”.
باعتباري نشأت عربية-أميركية بإرث عراقي، لطالما تساءلت عن مصطلح “العالم العربي”. وأنا أفهم هويتي الأميركية، ولكن، ما الذي يميز العراق عن المصطلح الأعرض “عربي”؟ الذي حل محل الآخر، ولماذا؟ والآن، أنقل هذه الأسئلة إليكم: ما هو العالم العربي؟ والأهم بالنسبة لقراء “ستراتفور”: هل ما يزال هذا المفهوم مناسباً اليوم؟ أم أن من الممكن أن يكون قد أصبح عتيق الطراز ومنتهي الصلاحية، ومجرد أثر قديم لوجهات النظر العالمية في القرنين التاسع عشر والعشرين، والذي لم يعد يخدمنا في القرن الحادي والعشرين وما بعده؟
ماذا يعني أن يكون المرء عربياً؟
في لحظة من التاريخ، بينما تتصاعد نزعات العداء للمهاجرين، والشعبوية، والمركزية العرقية، ورهاب الأجانب في “الغرب” (وهو بناء آخر ربما يستحق النظر فيه في المستقبل)، وفي حين تستعر الحروب الأهلية والصراعات بين الدول المتجاورة، والتحالفات والانقسامات الدينية في في الشرق الأوسط، ربما يكون من المفيد إجراء مراجعة لهذا التصنيف.
لماذا نسمي الناس “عرباً” كبداية؟ ما هو المشترك الذي يتقاسمه العرب؟ بالمفاهيم الأنثروبولوجية والسياسية، فإن العربية هي اللغة القومية -اللغة الأم- للدول التي تُعرَّف بأنها عربية. وقد كتب محرر صحيفة “لوس أنجيلوس تايمز” الراحل، ديفيد لامب”، في كتابه المفصل “العرب: رحلات وراء السراب”، أنه “في صميم كون المرء عربياً، ثمة اللغة نفسها”.
وقال لامب: “في واقع الأمر، فإن التعريف الأكثر قبولاً للعربي اليوم هو أنه الشخص الذي يتكلم العربية. ولا يبدو أن أي تعريف آخر يعمل. ويأتي العرب الحقيقيون من واحدة من 13 قبيلة من شبه الجزيرة العربية، ولكن، ماذا عن الملايين الذين لا يفعلون؟ معظم العرب مسلمون، ولكن ماذا عن الستة ملايين من المسيحيين المصريين الأقباط؟ الأوروبي يعيش في أوروبا، والآسيوي في آسيا، ولكن، هل يعيش العربي في “الجزيرة العربية”؟ وهكذا، بعد عقود من النقاش غير المثمر بين العرب أنفسهم، يتفق مفكرو الشرق الأوسط بشكل عام على أن العربي هو الشخص الذي يتكلم العربية، وهي لغة سامية ذات صلة بالعبرية”.
مع ذلك، حتى اللغة العربية التي ربما يكتنزونها كصلة مشتركة تظل مقسمة بعمق باللهجات المختلطة بالفرنسية في الغرب وبالفارسية في الشرق. وكثيراً ما لجأ أبي العراقي وزملاؤه من ذوي الأصول المغاربية إلى الإنجليزية حتى يستطيعوا أن يفهموا بعضهم بعضا.
جغرافياً، العرب هم مواطنو عدد من دول الجامعة العربية التي تأسست في العام 1945، والتي تضم مناطق عبر شمال أفريقيا، وقسم كبير من جنوب غرب آسيا وشبه الجزيرة العربية. وهذا جزء كبير من الكوكب. وعرقياً، فإن الناس الذين نسميهم “العرب” هم بدو، وبربر، وأفارقة، وعرب وشركس. وهم يتقاسمون الحمض النووي مع الهند، وأوروبا، وفارس، والكثير من الأمم على طول “طريق الحرير”.
قد تكون الدول العربية متقدمة أو نامية، بمخازن كبيرة من الوقود الأحفوري والمواقع التاريخية للسياح. وربما تكون حريصة على شراء الأسلحة الحديثة ودعوة شركات التكنولوجيا الحديثة للتفكير في إنشاء أعمال لديها، أو أنها ربما تكون اقتصادات ما تزال هشة وتكافح لبناء نفسها بعد سنوات من السيطرة الاستعمارية، والاستبداد المحلي، والصراع. وربما تكون كل ما سبق.
دينياً، تشمل الشعوب الناطقة بالعربية مسيحيين، ومسلمين، ويهوداً، وأيزيديين، ومندائيين ودروزاً. وكما يكتب الدبلوماسي البريطاني، جيرارد راسل، في كتابه “ورثة الممالك المنسية”:
“واجهتُ معتقدات دينية لم أكن قد عرفتها أبداً من قبل: حظر ارتداء اللون الأزرق، الشوارب الإلزامية وتبجيل الطاووس. التقيت بأناس يؤمنون بكائنات خارقة تتخذ شكل البشر، وبقدرة الكواكب والنجوم على توجيه الشؤون الإنسانية، وبالتناسخ. وكانت هذه الأديان بقايا الثقافة ما قبل المسيحية في بلاد ما بين النهرين، لكنها تأخذ أيضاً من التقاليد الهندية التي تم بثها إلى الشرق الأوسط عبر الإمبراطورية الفارسية، ومن الفلسفة اليونانية”.
ثقافياً، يعرض العرب اختلافات كبيرة في المطبخ واللباس، وعادات متميزة فيما يتعلق بالعلاقات بين الرجال والنساء، وتقدير متنوع لموسيقى “الهيب-هوب”، والموسيقى الأوروبية الغربية وأي عدد من الأنماط المحلية للغناء، والإيقاع، وعزف الآلاف الوترية.
وسياسياً؟ انظروا فقط إلى عناوين الأخبار الرئيسية لتروا كيف تغترب البعض من هذه الدول واحدتها عن الأخرى باطراد: مهاجمة الجيران، رفض اللاجئين، والفشل في التوصل إلى اتفاق حول كيفية التعامل مع الأزمات الجارية في اليمن، وليبيا، والعراق وسورية. ناهيك عن إسرائيل.
في الوقت الذي يسعى فيه الكثيرون منا إلى العثور على المشترك بيننا أكثر مما يقسمنا، ربما لا تكون مصطلحات “عربي” والعالم العربي”، مفيدة ودقيقة في واقع الأمر. وأتساءل، هل تعمل هذه المفاهيم، بطريقة غير واعية، على تعزيز الانقسام بدلاً من التعالُق؟ ربما يتعين علينا أن نستكشف خيارات الهوية الأكثر دقة بالنسبة لأولئك الذين ننخرط معهم في العمل، والتجارة، والحرب، والدبلوماسية.
أسطورة الوحدة المتراصة
تاريخياً، ربما كانت “العربية” هوية أكثر دقة مما هي عيه اليوم. ففي أوائل القرن التاسع، عندما استخدم الخليفة العباسي أبو جعفر عبد الله المؤمن علماء الفلك الذين شرعوا في تحقيق منهجي في دقة مخططات بطليموس للنجوم، انجذب العلماء من المناطق المحيطة إلى “بيت الحكمة” الناشئ في بغداد. وهناك تم تشجيعهم على تعقب التكوينات في السماوات. ويكتب جيم الخليلي في كتاب “بيت الحكمة: كيف حفظ العلماء العرب المعرفة القديمة ومنحونا عصر النهضة” أن السعي إلى العلوم في القرن التاسع “أشر على بداية سبعمائة عام من علم الفلك العربي، وشكل الجسر من الإغريق إلى الثورة الكوبرنيكية في أوروبا، وولادة علم الفلك الحديث”.
ويلاحظ جوناثان ليونز، الذي يعمل منذ 20 عاماً مراسلاً لوكالة رويترز، أنه بسبب توصيات القرآن بشفاء المرضى:
“تم إنشاء كليات الطب الكبرى في (المدن العربية)، مثل دمشق، وبغداد، وقرطبة والقاهرة. وبقي مصنف الفليسوف والطبيب الفارسي من القرن الحادي عشر، ابن سينا، “القانون في الطب” النص الطبي الأبرز في الغرب لأكثر من خمسمائة عام”.
كما يشرح ليونز، في “بيت الحكمة”، “على العكس من الغرب المسيحي في العصور الوسطى، الذي مال إلى رؤية المرض كنوع من العقاب الإلهي، نظر الأطباء العرب إلى الاختلالات أو الأسباب البدنية الأخرى التي تمكن معالجتها كجزء من مهمتهم الدينية”، كما أن “العديد من المساجد والمباني العامة الأخرى في العصور الوسطى احتوت على أنظمة متطورة ومعقدة لإيصال المياه، وهو حقل برع فيه المهندسون العرب الأوائل”.
مع ذلك، يلمح فيليب كيه. هيتي في كتابه “تاريخ العرب” (1937)، إلى التعقيد الفعلي للبناء “العربي” الذي يعود وراءً إلى عصر الإسلام الذهبي في الأندلس، جنوب أسبانيا في الوقت الحالي. وحتى في القرن العاشر، كما يشير، لم يكن هناك شيء عربي متجانس.
ويقول: “في العلوم اللغوية البحتة، بما فيها علوم اللغة، والقواعد والمعاجم، تخلف عرب الأندلس خلف نظرائهم في العراق. وكان القالي (901-67) وهو واحد من أبرز الأساتذة في جامعة قرطبة، قد ولد في أرمينيا ودرس في بغداد. وكان تلميذه الأبرز، محمد بن الحسين الزبيدي (928-89) ينتمي إلى أسرة تنحدر من حمص (سورية)، لكنه ولد هو نفسه في إشبيلية”.
في الحقيقة، لم يكن هناك أي بناء عربي ديني واحد متجانس أيضاً. ويكتب هيتي عن الخلافة الشيعية الكبرى في التاريخ العربي، التي تأسست في تونس في العام 909. وبقيت تلك السلالة أقل من 300 عام وهي تكافح بلا نجاح من أجل “تحدي القيادة الدينية للعالم الإسلامي، ممثلة في العباسيين في بغداد”. ومع ذلك، اليوم، تُعرَّف الدول ذات الأغلبية المسلمة في شمال أفريقيا بأنها سنية، في حين أن مركز العباسيين السابق –العراق- معروف بسكانه الشيعة. وهكذا، فإن الانتماء الديني ليس ثابتاً من الناحية الجغرافية. لكنه كذلك من الناحية السياسة. ويمكن أن يكون المفتاح لإشراك المجتمعات الناطقة بالعربية من السنة والشيعة اليوم هو أن الصراع بينهما يتعلق بالسلطة، والوصول إلى السلطة وتكافؤ السلطة، أكثر من كونه نزاعاً دينياً حقيقياً.
على الرغم من خصومتهما السياسية، مالت هياكل الحكم في الخلافة الفاطمية إلى محاكاة نظيرتها في النموذج العباسي، مورفرة للمؤرخين “دليلاً إرشادياً يزود المرشحين للمناصب الحكومية برسم تخطيطي للأنظمة العسكرية والإدارية… وفي زمن الحروب الصليبية، كان العالم العربي، من أسبانيا إلى العراق، ما يزال يشكل المستودع الفكري والمادي للحضارة الأكثر تقدماً على سطح الكوكب”، كما يكتب أمين معلوف في خاتمة كتابه “الحروب الصليبية كما رآها العرب”.
“بعد ذلك، انتقل مركز التاريخ العالمي بشكل حاسم إلى الغرب. هل هناك علاقة سببية هنا؟ هل يمكن أن نذهب إلى حد الزعم بأن الحروب الصليبية أشرت على بداية صعود أوروبا الغربية -التي ستذهب تدريجياً إلى الهيمنة على العالم- وأعلنت موت الحضارة العربية؟
“على الرغم من أنه ليس خاطئاً تماماً، فإن مثل هذا التقييم يتطلب بعض التعديل. فخلال السنوات التي سبقت الحروب الصليبية، عانى العرب من ‘نقاط ضعف’ معينة، والتي كشف عنها الوجود الفرانكي. وربما تمت مفاقمتها، لكنها لم تُخلق بأي حال من الأحوال”.
في أعقاب الغزو الكاثوليكي للأندلس والتحول اللاحق لطرق التجارة من عبر آسيا إلى عبر الأطلسي، فقد “العرب” هيمنتهم ووجدت أوروبا سيقانها. وصعدت الإمبراطورية العثمانية وسقطت. وكنت قد كتبت في هذا المكان قبل عام من الآن: “يمكن أن نعزو إلى مطارق مارك سايكس وفرنسوا بيكو دق المسمار الأخير في النعش الجغرافي لرجل أوروبا المريض. لكن زواله كان جارياً مسبقاً في حقيقة الأمر”.
في تحليله للصحوة العربية لما بعد الحرب العالمية الأولى، كتب جورج أنطونيوس في العام 1939:
“في شبه الجزيرة (العربية)، كان التحدي الأساسي هو استبدال السيادة العثمانية بالسيادة العربية. وقد جاءت خمس دول إلى الوجود، والتي تولى فيها أتباع سلطان تركيا السابقون صلاحيات الحكم المستقل في الحقيقة”.
ويلاحظ أنطونيوس الانشقاق في بيوت الحكام الجدد، فيكتب: “هددت ملكية قطاع من الأراضي الحدودية بأن تفضي إلى تجربة خطيرة للقوة بين قائد الثورة العربية المعترف به وبين قائد عززت قدرته وتصميمه الحركة الوهابية، وزودتهما بالقوة العسكرية. وأي بركات ربما يكون السلام قد جلبها إلى الجزيرة العربية، فقد كان من الواضح أن ذلك السلام ليس من بينها”.
بعد نحو 800 عام من أفول السلالة الفاطمية، عانت مصر من هزيمة مهينة على يد إسرائيل في حرب العام 1967؛ وتوفي زعيمها، جمال عبد الناصر، بعد ثلاث سنوات لاحقاً. وكتب المؤرخ البريطاني، ألبرت حوراني: “المشاهد غير العادية في جنازته، حيث الملايين يبكون في الشوارع، عنت شيئاً بالتأكيد؛ في اللحظة الراهنة على الأقل، كان من الصعب تصور مصر والعالم العربي من دونه. كان موته نهاية حقبة الأمل بعالم عربي موحد ومصنوع من جديد”. وبعد 40 عاماً من ذلك في تونس، أشعل بائع فاكهة نافد الصبر النار في نفسه احتجاجاً على منع السلطات له من بيع بضاعته. فهل كان بائع الفاكهة عربياً؟ تونسياً؟ أم مجرد رجل يحتاج إلى إطعام عائلته؟
يلاحظ لامب:
“العالم العربي مليء بالتناقضات التي يبدو أنها تتحدى منطق الغربيين. إنه كيان منفصل في مجتمع الأمم العالمي، والتصنيف البسيط صعب… عند كل منعطف كان الحكام مختلفين. في العالم العربي، من المفهوم أن يقدم حسن الضيافة مجاناً للصديق والعدو على حد سواء، وأنه يجب الاعتزاز بنعمة الأسرة والدين قبل كل شيء آخر، ربما باستثناء المال. هذا ما يقال، وإنما ليس المقصود تماماً بالضرورة. إن الأسلوب، في غنى اللغة العربية وصورها، يُقدر أكثر من المضمون”.
اعتناق هوية حديثة
كمصطلح تاريخي، ربما يعمل مفهوم “العروبة”. ولكن، هل من أفضل مصالح المحللين وصانعي السياسيات في القرن الحادي والعشرين أن يحشروا هذه المجتمعات المتنوعة في فئة واسعة تدعى العالم العربي؟ حتى في فصول البلدان المنفصلة، يقلل مصطلح “عرب” إلى الحد الأدنى من كبرياء المكان؛ وربما يقرن معاً الدول الغنية والفقيرة، مخفياً احتياجات كل منها.
في يوم وعصر تبدو فيهما الهوية مكتسبة أكثر من كونها مفروغاً منها، أتساءل أيضاً عما إذا كان “العرب”، وراءً في قرون “العصر الذهبي”، يسمون أنفسهم عرباً؟ هل كانوا عرباً في المغرب، والأندلس وما قبل السعودية؟ أم أن البغداديين، بدلاً من العرب، هم الذين كانوا يؤمون “بيت الحكمة”؟ هل كان البروفيسور القالي، الذي ولد في أرمينيا ودرس في بغداد، قد اعتنق الهوية الأندلسية، كما اعتنقت أنا هوية نيوجيرسي وأنا المولودة في كاليفورنيا والتي نشأت في نيويورك؟ أم أنه كان أرمنياً؟ أو ربما ربط نفسه بدلاً من ذلك بجامعته في بغداد العباسية؟
هل كان القالي عربياً؟ هل كان أبي عربياً؟ بأي هوية ننخرط نحن الآن –كأفراد ومجموعة- بأكثر الطرق فعالية عندما يأتي الأمر إلى السياسة الخارجية والشؤون الدولية؟ إن الوصف العريض “عربي”، ينطوي في أميركا على قرن كامل من الصور النمطية الإعلامية السلبية والعديد من المآسي الحديثة، منها هجمات 11/9 التي لا يمكن التسامح معها، وهجوم أولمبياد ميونخ، ورفض خطة التقسيم التي اقترحتها الأمم المتحدة. ويصبغ ذلك التاريخ العلاقات الحالية. وعندما أقول إنني عراقية-أميركية، فإن هذا الوصف يثير التعاطف في بعض الأحيان بسبب التدمير الذي لحق بوطن أبي. لكن كوني عراقية-أميركية يستطيع بنفس المقدار أن يستدعي السؤال: “ألستم سعيدين بأننا تدخلنا في بلدكم”؟ ومع ذلك، فإن هذه تظل أسئلة ينبغي تأملها على الأقل. وأنا لا أستطيع بالتأكيد أن أجيب عن أسئلة تبدأ بـ”لماذا العرب…”؟ وأتساءل عما إذا كان القالي يستطيع ذلك.
قد يجادل المرء بأنه ليس هناك اليوم عالَم عربي متساوق ومتماسك، وبأن مفهوم “عربي” عفا عليه الزمن. وسوف أواصل طرح السؤال والبحث عن الإجابات. ولكن، حتى بينما أميز بين “عراقي” و”عربي”، فإنني أعتقد بأن هذا المصطلح يشكل نقطة اتصال بالنسبة للناس الذين يعيشون في الشتات. أن تقول “أنا عربي” هنا في أميركا، يعني أن يربط هذا التوصيف الأفراد بثقافات قديمة جداً وبعيدة جداً؛ ثقافات تعيش في قصص آبائنا، وقطع الشعر، والأساور الذهبية، والبخور وسجادة الصلاة. والشباب الصغار، مثل أولئك الذين يتقدمون بطلبات للمشاركة في رحلة “مشروع الوطن” إلى الأراضي الفلسطينية، ربما يعتنقون مصطلح “عربي-أميركي” من أجل أن يتخذوا لأنفسهم إرثاً فخوراً، وهوية ثقافية، وجذوراً فكرية.
أنيسة مهدي
الغد